“أيلوروفوبيا”.. الخوف من القطط حياة ممتلئة بالرعب والخرافات
تشرين- نور حمادة:
القطط كائنات لطيفة لكثير من الناس يمكن اللعب معها والضحك على تصرفاتها، فهي من الحيوانات الأليفة المرغوب باقتنائها داخل المنزل وعادةً ما يستغرب محبو القطط من الأشخاص الذين يكرهونها ولا يستلطفونها، ولا يرغبون بقضاء الوقت معها، فالخوف من الحيوانات يعدّ أمراً طبيعياً ولكن المبالغة فيه تصل في بعض الأحيان حدّ الرعب، فهو مرض حقيقي يمكن أن يسبب ضرراً في حياة الشخص الذي يعاني منه وبعض الأمراض النفسية.
وقد لا يخشى المصابون بفوبيا القطط من خدش أو عض أو لمس فقط، بل يخافون من غموض القطط وأشكالها ونظرات عيونها الغريبة، والاقتراب منها ورؤيتها بشكل عام.
الخوف من الأذى الجسدي
يعد الخوف الزائد عند رؤية قطة، أو سماع صوتها، أو حتى النظر إلى صورها من الأعراض الرئيسة لفوبيا القطط، وغالباً تكون بسبب التعرض لهجوم قطة في سن مبكرة، والمرور بتجربة سيئة في الماضي، أو مشاهدة شخص تعرّض لأذى منها، وهو ما حصل مع ميرا (20 عاماً)، والتي عبّرت عن كرهها وخوفها الشديد من القطط فعندما تراها تشعر وكأنها نمر، مبيّنةً أنها تعرضت للأذى في سن صغيرة من خرمشة القطة، وأصبح لديها عقدة منها، وتشعر بالاستغراب من الأشخاص الذين يداعبون القطط وتبدو السعادة على وجوههم.
وليس حال إسراء أفضل منها التي تخشى سماع صوت القطة حتى تصاب بالذعر، والتوتر وترتبك وتركض في الشارع عند رؤيتها وتضيف: أتجنّب زيارتي لبعض صديقاتي اللواتي يحتفظن بقطط في منازلهن، وإذا اضطررت إلى الذهاب أشترط أن تبقى القطة في مكان منعزل وبعيدة عني لحين مغادرتي.
عوامل وراثية
إن الإصابة بالخوف المفرط من القطط، أو أي حيوان آخر قد يتسبب في انتقال مشاعر الشخص المصاب من قلق وخوف إلى أحد أبنائه أو أقاربه ليصبح مصاباً بنفس الفوبيا، حيث تذكر والدة مايا أن ابنتها لا تحب الاقتراب من القطط وتحاول الابتعاد عنها، لأن والدتها كوّنت لديها انطباعاً بأن القطط كائن مخيف وتتابع: أتفهم شعورها جيداً لأنها تراني كيف أخاف، وأنزعج من رؤية القطط محاولةً تجاوز مخاوفي هذه، لكنني دائماً أشعر بالرعب والاشمئزاز تجاهها.
وتؤيدها والدة يارا إذ تعلّق قائلة: ابنتي تتوتر وتبدأ بالصراخ عندما تمر بجوارها قطة، وكأنها رأت شبحاً وأنا لا أستطيع تهدئتها أو التخفيف عنها، لأنها تقلدني فأنا أخاف جداً من القطط، وهذا الخوف انتقل بالوراثة إلى ابنتي، التي اقتبست عني تلك المخاوف الخارجة عن إرادتي، فالعامل الوراثي له دور كبير في ذلك الخوف.
دراسة
تشير الإحصاءات والدراسات إلى أن الإناث أكثر عرضة للإصابة بفوبيا القطط من الذكور، كما أن أكثر مرحلة عمرية رصدت الإصابة فيها كانت دون عمر 18 عاماً، ويعد الأطفال الأكثر عرضة لهجوم القطط، وذلك لجهلهم طريقة الحمل الصحيح لها، وتعرضهم للأذى أثناء اللعب معها.
أسباب الخوف من القطط
توضح الاختصاصية النفسية الدكتورة نيفين مصرية بأن رهاب القطط، هو حالة من الرعب والخوف المستمر غير العقلاني مصحوب بقلق شديد ينتاب الشخص، بالإضافة إلى الشعور بالضيق وزيادة ضربات القلب والتنفس بصعوبة والإحساس بالدوار والغثيان، ما ينتج عنه أفعال تجنبيّة عند المصاب بالفوبيا، وعدم القدرة على رؤية القطط ومواجهتها، وهذا لا يعني أننا نستطيع تصنيفهم بأنهم أشخاص جبناء، ويكرهون القطط بل على العكس تماماً، ولكن مجرد تفكيرهم بالقطط وتجنب الأماكن المتواجدين فيها يخلق لديهم شعور الخوف وتكون ردة فعلهم سلبية.
وتضيف الدكتورة نيفين: يمكن تفسير هذا الخوف غير المنطقي المبني على توقع هجوم القط على الشخص وإيذائه، إما لخبرة سلبية أو تعرضه لتجربة مخيفة سابقة، أو مشاهدة فيلم أو نموذج واقعي أدى لهذا السلوك، كما أن عامل الوراثة له دور في انتشار الرهاب والقلق بين أفراد العائلة، فربما يكون الطفل قد تعلم هذا الخوف من أحدهم أو من البيئة المحيطة به.
كما أن قراءة القصص الخيالية التي يرويها الأهل لأطفالهم، وأفلام الرعب عن قصص الحيوانات الأليفة، وتحويلها إلى وحوش كل ذلك يسهم في تشكل هذا النوع من الخوف.
تقليل المخاوف تدريجياً
وتتابع الدكتورة نيفين: ممكن استخدام العلاج النفسي السلوكي من خلال تقليل نسبة الخوف والحساسية من القطط بشكل تدريجي، وذلك بالاقتراب منها تدريجياً بدءاً بالصور ومشاهدة فيديوهات عن طريقة تربيتها، ومحاولة زيارة بعض الأشخاص الذين يحتفظون بالقطط، وتقليل المسافة بينها وبين المصاب، واستخدام تقنيات أخرى كتمارين الاسترخاء وأخذ نفس عميق لتخفيف حدة القلق والتوتر.
ومن جهتها تقول نيفين: تجاوز هذا النوع من الخوف يحتاج وقتاً طويلاً، فهو عادةً يظهر في سن الثالثة من عمر الطفل ويظل شائعاً حتى التاسعة من عمره، ويبدأ بالتلاشي كلما كبر ولكنه لا يختفي تماماً.
متى نطلب المساعدة
تؤكد الدكتورة نيفين أنه يجب على الأهل تكوين ثقافة التعامل مع القطط لدى الطفل، ومحاولة تبديل الأفكار السلبية بأخرى إيجابية، بأن القط كائن ضعيف يحتاج إلى حنان ورعاية الشخص المقابل له، والبحث عن معالج نفسي إذا تفاقمت الحالة لدى المصاب، وأصبح الرهاب يتعارض مع الحياة اليومية، لأن تجنّب القطط باستمرار يجعل حالة المصاب تسوء أكثر، وإذا واجه واحدة مصادفة يؤدي إلى زيادة نوبات الهلع.