أطفال الحياة
لسنوات طويلة عانى أطفال سورية ، لسنوات تعذبوا وتهجروا بقرار غرباء عن وطننا، فاستباحوا أمنهم وحياتهم وقاموا بتشريدهم، وأصابهم الجوع والحرمان، ومنهم من ضاع عن أهله ومنهم من كان مجهول النسب، وبعد كل ذلك كانت ما يسمى المنظمات الإنسانية تتباكى زوراً على أطفالنا دون أن تمنع عنهم الدمار والقتل والبؤس، فالانتهاكات بحق الطفولة وصلت إلى مستويات لا يمكن تخيلها، وخاصة أن الاستغلال كان في أبشع صوره.
لا شك أن الضحايا من الأطفال كثر، وهؤلاء بحاجة إلى تقديم الدعم النفسي والمعنوي والمادي لهم لاحتضانهم من جديد وإدماجهم في المجتمع، وتوفير الظروف المناسبة لتأمين حياة كريمة لهم وتعويضهم عن دفء العائلة.
من هنا تأتي أهمية المرسوم التشريعي رقم ٢ الصادر والمتعلق بتنظيم شؤون الطفل مجهول النسب ورعايته، وتهيئة الظروف الملائمة لنموه السليم والبيئة الداعمة لتربيته وتعليمه، وقد حدد المرسوم من هو بحكم مجهول النسب أنه الطفل الذي يضل الطريق ولا يملك المقدرة على الإرشاد عن ذويه لصغر سنه أو ضعفه العقلي، أو لأنّه أصم أبكم لا يحاول أهله استرداده، والهدف من رعاية الطفل مجهول النسب توفير العيش ضمن بيئة بديلة عن عائلته الطبيعية تقوم بتربيته وحمايته ورعايته وتعزيز قدراته، وما بيوت لحن الحياة إلا الحاضنة الطبيعية لهؤلاء الأطفال.
المرسوم التشريعي يجعل هؤلاء الأطفال أطفال حياة بحق، حيث يضمن تمتع الطفل مجهول النسب بجميع الحقوق والحريات دون التمييز عن أقرانه، ويحميه من الاستغلال والإهمال ويحافظ على مصالحه، ويوفر له العيش ضمن بيئة بديلة عن عائلته الطبيعية والتي تقوم بحمايته ورعايته وتعليمه.
هذا المرسوم يعيد الحياة لآلاف الأطفال مجهولي النسب، ويعطيهم الأمان والأمل بمستقبل واعد وضمن ظروف بيئية وأسرية طبيعية، ويكفل لهم المساواة والتعليم والكرامة والدفء والحنان الذي افتقدوه.