الإقبال على التعليم المهني في اللاذقية يتقدم على التعليم العام
تشرين – سراب علي:
الرغبة وحب المهنة سبقت شرط معدلات القبول في الإقبال على مدارس التعليم المهني في اللاذقية، حيث سارع العديد من الطلاب الحاصلين منهم على معدلات مرتفعة وتؤهلهم للدراسة في التعليم العام للتسجيل في التعليم المهني وبمختلف الاختصاصات كالكهرباء و الميكانيك والحدادة والنجارة والفنون النسوية وغيرها، حتى أصبح التعليم المهني ضرورة أساسية من ضرورات المجتمع من حيث تنوع اختصاصاته و مجالاته.
تدريب وعمل
في مدرسة الشهيد محمد صالح الصناعية بمدينة اللاذقية، يواصل كل من الطلاب محمد بدر أكتع ثالث ثانوي، وعبد القادر أصفر الحاصل على ٢٢٥ درجة والتي كانت تؤهله للدراسة في التعليم العام، وعلي زروند اختصاص ميكانيك الحاصل على ٢٠٠ درجة، الذين دخلوا التعليم المهني عن رغبة وبتشجيع من الأهل، دراستهم في المدرسة إلى جانب عملهم في المنطقة الصناعية ضمن ورشة ميكانيك، ويطبقون الجانب النظري والتطبيقات العملية للمدرسة ضمن عملهم في الورشة، إذ أكدوا ل”تشرين” حرصهم على متابعة دراستهم الجامعية إلى جانب مواصلتهم لعملهم في الورشة، حيث إن الدراسة النظرية توسع معلوماتهم، ونجاحهم في حياتهم العملية متوقف على اهتمامهم ورغبتهم في المحافظة على ما بدؤوا به.
المدير المساعد للتعليم المهني: حوالي ٨٠٠٠ طالب في المدارس المهنية باللاذقية
فيما قال كل من الطلاب حيدر رجوب وعبد العزيز كو نبيل ونسيم صبوح: طريق التعليم المهني أقصر للدخول إلى سوق العمل وأن التطبيق العملي في مدرستهم يوازي الجانب النظري، مشيرين إلى أن تشجيع الأهل كان له دور في دخولهم التعليم المهني رغم أن معدلاتهم كانت تسمح لهم لدراسة التعلم العام.
وفي مدرسة الشهيد يونس سعيد المهنية التقت “تشرين” عدداً من الطلاب، منهم لجين فاضل وسارة محمود ثالث ثانوي وسيدرا شعبان الذين وجدوا المتعة في الدراسة والتدريب العملي، مؤكدين أن بإمكانهم أن يؤسسوا لمشاريع خاصة بهم وذات مردود مادي جيد، مؤكدين أن التعليم المهني يؤسس طلابه لمهن مستقبلية رائعة .
بدؤوا مشاريعهم الخاصة
كما بدأت طالبة الثالث الثانوي نور عجيب مشروعها الخاص بعد أن نفذت العديد من التدريبات والوظائف العملية في الكروشيه حتى اتقنتها وكانت البداية كما تقول نور بصنع الأعمال اليدوية لأسرتها وأصدقائها وأقاربها الذين شجعوها وأثنوا على عملها .
٢٦% من الطلاب المتقدمين للتعليم المهني كانوا من الطلاب المقبولين في التعليم العام
وفي غرفة الخياطة يجلس الطالب أحمد داؤود إلى جانب زميلاته ينفذ بدقة وانتباه ما تمليه عليه المعلمة من خطوات وتعليمات في صنع الكروشيه، ويقول أحمد : كنت خجولاً في البداية من تعلم مهنة الكروشيه لكن اليوم أصبحت أستمتع بها وأنا قادر على العمل بهذه المهنة وتحقيق مكسب مادي منها وقد بدأت بصنع بعض الأعمال اليدوية لوالدتي و أخوتي.
إبداع الشباب يضاهي الشابات
رئيس الدروس الفنية في مدرسة يونس سعيد المهنية ليندا غانم بيّنت أن إبداع الشباب في الفنون النسوية يطغى أحياناً كثيرة على إبداع الشابات ويتفوقون عليهن، مشيرة إلى أن الخجل الذي يدخل به الطلاب لقسم الخياطة أو الفنون النسوية يبدأ بالتلاشي شيئاً فشيئاً بعد أن يخوضوا التدريب العملي ويتابعوا بشغف أي معلومة تنقلها المعلمات لهم.
وبيّنت أن الكثير من الطلاب الذكور يدخلون عن رغبة لتعلم مهنة الخياطة وتصبح مصدر رزق لهم، كما أن بعضهم يفضل تعلم الكروشيه ويفتح ورشة عمل خاصة به ومنهم من يطمح وراء دراسته ليصبح مصمماً للأزياء.
وأكدت أن الوعي للتعليم المهني زاد أكثر مما كان عليه في السنوات السابقة والتوجهات الحالية للمشروعات الصغيرة شجعت على ذلك.
الكهرباء تؤثر على التدريب العملي
كما أكدت المهندسة عبير خولي مدرّسة في قسم المكانيك والمركبات في المدرسة الصناعية أن التدريبات العملية والنظرية للطلاب تؤهل من لديهم الرغبة والدافع للعمل للبدء بمشاريع خاصة بهم بعد انتهاء دراستهم الثانوية.
طلاب المدارس المهنية: بدأنا مشاريعنا المهنية الخاصة
وأشارت إلى بعض الصعوبات التي تواجه الطلاب والمدرسين منها صعوبة المواصلات بالنسبة للطلاب القادمين من الريف، ناهيك عن انقطاع الكهرباء الذي يؤثر في الكثير من الأحيان على العملية التعليمية، وبعض المخابر المعطلة.
وأضاف معلما حرفة التدفئة محمد فوال و المهندسة انتصار غانم أن وضع الكهرباء يؤخر التدريب العملي، حيث إن بعض التمارين التي تنفذ خلال أسبوع تحتاج لأكثر من أسبوعين للتنفيذ، فمع نصف ساعة كهرباء يتم استغلالها لتدريب ٤ طلاب فقط.
أصحاب مهن
بدوره المهندس يامن حداد مدير مدرسة يونس سعيد المهنية قال في حديثه ل” تشرين”: أصبح الإقبال على التعليم المهني بكافة اختصاصاته في المرحلة الثانوية يوازي الإقبال على التعليم العام، ناهيك عن إنهاء الطالب لدراسته الثانوية وهو صاحب مهنة، كما أن الخيارات مفتوحة أمامه لناحية إكمال دراسته في الجامعة مثل الكلية التطبيقية والهندسات بفروعها والمعاهد، وهذا بحد ذاته يختصر من حياته العملية والدراسية ويشجعه على العمل.
وأشار حداد أن القانون رقم ٣٨ الخاص بالتعليم المهني أعطى الطالب المساحة الكبيرة للدخول إلى سوق العمل وكذلك الإداريين والكادر التدريسي في المدارس المهنية.
ويوافقه الرأي المهندس باسم شعبان مدير مدرسة محمد صالح الصناعية في اللاذقية، مضيفاً أن إقبال الطلاب على اختصاص الكهرباء والميكانيك في المدرسة لهذا العام كان كبيراً، حيث إن هناك شعبتين للصف العاشر اختصاص كهرباء وشعبتين “اختصاص ميكانيك” في المدرسة، ناهيك عن وجود شعبة لكل من باقي الاختصاصات، مشيراً إلى أن رغبة الطلاب وأهاليهم تلعب دوراً كبيراً في دراسة هذا النوع من التعليم، وهذا العام كان مختلفاً ولم نسجل انسحاب أي طالب من أي اختصاص، لافتاً أن هناك الكثير من الطلاب معدلاتهم مرتفعة ( ٣٠١ و ٢٩٠ و ٢٥٩) وبادروا للدراسة في المدرسة دون تردد، كما أنهم قادرون على إثبات جدارتهم في الجامعات أمام طلاب الفرع العلمي في التعليم العام.
٢٢ مدرسة مهنية
بدوره بيّن مدير التربية المساعد لشؤون التعليم المهني والتقني في اللاذقية المهندس نوار رياحي ل”تشرين” أن معدلات التعليم المهني مرتبطة بعدد الطلاب المتقدمين و درجاتهم، وكانت هذا العام معدلات التعليم المهني في محافظة اللاذقية مرتفعة، مشيراً الى أن هناك اختصاصات كانت الحدود الدنيا للقبول فيها( ٢٥٩ درجات)، وأخرى (٢٢٣ درجات).
وأوضح رياحي أن عدد الطلاب الكلي في التعليم المهني لهذا العام بلغ حوالي٨٠٠٠ طالب وطالبة، وأن عدد المدارس المهنية بلغ ٢٢ مدرسة منتشرة على مستوى المحافظة موزعة على اختصاصات التجارة والفنون النسوية و الصناعة وهناك ٥ معاهد تابعة لمديرية التربية.
وباستثناء وضع الكهرباء السيئ الذي يؤثر أحياناً على العملية التعليمية، لم يذكر المدير المساعد رياحي أي صعوبات تواجه التعليم المهني في المحافظة، مشيراً إلى أن مديرية التربية توفر المستلزمات التدريبية للطلاب،
والكادر التدريسي متوفر بنسبة ٩٠%، حيث يغطي كامل العملية التعليمية من مهندسين ومعلمي حرف، كما أنه يتم الاستعانة بالمولدات كحلول إسعافية في حال توفر المحروقات وليس هناك تأثير على العملية التعليمية ولكن العملية الإنتاجية ممكن أن تتأثر.
ولفت رياحي إلى أن طلاب التعليم المهني ساهموا بصناعة خزانات المياه المعدنية لبعض المدارس وكذلك المقاعد الدراسية وحالياً يتم السعي لصيانة المدارس من قبل بعض الطلاب والمعلمين، لافتاً إلى المساعي لعمل عقود مع القطاعات الخاصة لاستثمار المدارس المهنية لبعض الاختصاصات مع القطاع الخاص.
٧٠ % جهوزية الطالب لسوق العمل
ولفت رياحي أن زيادة الإقبال على التعليم المهني له عدة أسباب منها حاجة السوق لمفرزات ومخرجات التعليم المهني وتنوع اختصاصاته وحاجة السوق لهذه الاختصاصات وكذلك تغير نظرة المجتمع للتعليم المهني، بالإضافة للتسهيلات التي قدمت بعد انتهاء الدراسة من الثانويات المهنية، حيث پإمكان الطالب دخول المعاهد التابعة لوزارتي التربية والتعليم العالي وكذلك الكليات التطبيقة والهندسية، ناهيك عن حصول الطالب على مهنة حقيقية ولديه القدرة للدخول بسوق العمل، لافتاً إلى أن الطالب بعد تخرجه من المدرسة جاهز للعمل بنسبة ٦٠ إلى ٧٠% ونسبة ٣٠% يكتسبها من الخبرة في سوق العمل.
وأشار رياحي إلى أن القانون رقم ٣٨ الذي أصدره السيد الرئيس بشار الأسد كان سبباً مهماً في الإقبال على التعليم المهني والذي يقتضي بتحويل المدارس المهنية إلى مراكز إنتاح وأفسح المجال لمديري المدارس للتعاقد مع جهات أخرى/ قطاع الأعمال سواء قطاع عام أو خاص أو مشترك، حيث تقوم اللجان الإدارية المشكلة في المدارس المهنية بالتعاقد مع قطاع الأعمال لتنفيذ الأعمال ضمن المدرسة، ويتم تنفيذ الأعمال من قبل الطلاب و المدرسين وبالتشاركية ما بين قطاع الأعمال والمدرسة ويتم تنفيذ الأعمال إما لمصلحة المدرسة أو الجهة الأخرى، بالإضافة إلى أن الأرباح المرتبطة بأسعار المواد الأولية وكمية الإنتاج يتم توزيعها على القائمين على العمل كالطلاب والمدرسين والإداريين.