قل لي من تصاحب أقول لك من أنت.. مزاجية الأشخاص هل تنتقل بالعدوى؟
تشرين- دينا عبد:
قد يبدو الأمر للوهلة الأولى غريباً عند التفكير بشأن إمكانية انتقال الحالة النفسية أو المزاجية عن طريق العدوى، فمن المعروف أن عدداً كبيراً من الأمراض يمكن أن تنتقل من شخص لآخر، عن طريق المخالطة، ولكن هل فكرنا يوماً في احتمالية الإصابة بالاضطرابات النفسية بالطريقة ذاتها.
باعتقاد زاهر الطالب الجامعي، أن الأشخاص المحيطين به لهم تأثير كبير على حالته النفسية، فربما كلمة أو موقف معين يقلب مزاجه طوال اليوم، فقد يكون في قمة السعادة ولكن حينما يتواجد مع أشخاص سلبيين يشعر بإحباط مفرط.
أما فدوى فتؤكد أنها عاطفية وسريعة التأثر بآراء الآخرين والمواقف التي تحدث أمامها، فعندما تسمع بحالة وفاة، تتعاطف وينتابها الخوف من شعور الفقد، مع أنه لا تربطها به أي صلة، ويتبدل مزاجها بشكل سلبي قد يمتد لفترة زمنية طويلة.
اختصاصية الصحة النفسية د.غالية أسعيد بيّنت أن العدوى النفسية من أنواع التفاعل اللاشعوري عند الشخص في التعرض لجميع الأفكار والمشاعر التي يكتسبها ممن حوله، وتؤثر عليه بشكل سلبي أو إيجابي حسب حالته النفسية.
ومن الطبيعي أن يجد الإنسان نفسه متوتراً بعد نقاش مع أشخاص سلبيين حينما يكون جلّ كلامهم عن المشاكل والصراعات، فعلى كل منا أن يختار دائرة الأشخاص الذين يتم التعامل معهم بشكل دائم لأن الحالة النفسية تنتقل بالعدوى.
وتؤكد أن العدوى النفسية ظاهرة اهتم بها علماء النفس والاجتماع بتبيان كيفية تأثيرها على المجتمعات والأفراد، وهي من الظواهر التي تحصل بوعي الأفراد (أحياناً)، وفي كثير من الأحيان من دون وعي تؤثر في المحيطين.
وتشير إلى أن ما يبث في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي أصبح يفوق أثره السلبي الأثر الإيجابي، خصوصاً في الوقت الحالي، لما يبث من أخبار سيئة من عمليات النصب والاحتيال التي يتعرض لها صغار السن والبالغون.
وتوضح أن العدوى النفسية أمر ليس سلبياً لدرجة كبيرة بشرط أن يتم نشر السلوكيات الصحية والتصرفات الحسنة والأفكار الإيجابية واستخدامها بطريقة إنسانية صحيحة، فمعظم الناس لا يختارون ما يرونه صحيحاً بل هم واقعون تحت العدوى النفسية.
فمشاعرنا وحالتنا النفسية تحتاج إلى الرعاية والاهتمام حالها كحال أي شيء في أجسادنا, وبالتالي فهي قابلة للعدوى والتأثير بأي عامل خارجي من حولنا.
دراسات عديدة أثبتت أن مشاعرنا وأفكارنا قابلة للتأثير والتأثر بالآخرين من حولنا, فإن كنا نجالس ونخالط أشخاصاً سلبيين ومحبطين في أفكارهم ومواقفهم فنحن من المؤكد قابلين للعدوى فيما بعد، فقد نلاحظ تراجعاً مؤلماً في طريقة تفكيرنا وردات أفعالنا وتصرفاتنا نتيجة الاختلاط والتعامل مع أشخاص سلبيين، وبالتالي فإن الحالة النفسية قد تتأثر بشكل ملحوظ وكبير، ما يؤدي إلى تراجعها وشعورنا بالأسى، ولأن العلاقات في أساسها ترتكز على المشاركة في كل شيء ولاسيما المشاعر، فإن مقياس قرب الشخص من الآخر يكمن في مدى استعداده لكشف نفسه بكل شفافية ووضوح وإطلاع المقربين منه على خفايا شخصيته .
وعلى الجانب الآخر فإن للأشخاص الإيجابيين والمتفائلين تأثيراً مهماً للغاية على كل جوانب الحالة النفسية وعلى جودة الأفكار وطرق تقديمها وصياغتها والتعبير عنها .
ويبقى، تبادل المشاعر حاجة إنسانية لا يمكن الاستغناء عنها، شريطة ألّا يسبب الأذى للآخرين، والمشاعر كما يقال “معدية” فأنت تستطيع التأثير في مشاعر الآخرين عن طريق المشاركة فيها، وبالتالي تقريب الأرواح من بعضها البعض، فيما عدم مشاركة المشاعر قد يكون سببه ضعف الثقة بالآخر.