ليس من أحد يستطيع تجاهل ما يشكله الإنتاج الزراعي في تركيبة الاقتصاد الوطني، على اعتباره القطاع الأوسع انتشاراً، من حيث المساحة الاقتصادية والإنتاجية من جهة، والعمالة المشغلة له والعاملة فيه من جهة أخرى، من دون أن ننسى أنه الحلقة المؤسسة لقوة اقتصادنا الوطني..
وبالتالي من الطبيعي أن يلقى الاهتمام والدعم الكاملين ليس من الجهات الحكومية، بل أيضاً من الفعاليات الخاصة بما فيها القطاع الأهلي، لكن الذي حصل اختلاف الطرق في الاهتمام ومعالجة السلبيات، وإلغاء دور مؤسسات كبيرة كانت ترعى عملية تسويق الإنتاج، وتستحضر الحلول في حصر الاستجرار وإنقاذ الفلاح من مشكلات التسويق كشركة الخضار ومؤسسة الخزن سابقاً, وصولاً إلى “السورية للتجارة” التي جمعت نشاط عدة مؤسسات, تحت اسم مشروع التدخل الإيجابي في الأسواق, والمتاجرة بكل شيء، فتراجع الأداء في مكان، ونجح في مكان آخر، لكن القطاع الزراعي مازال يبحث عن طرق النجاة ضمن مشروع السورية للتجارة، رغم ما تحققه من تدخل, لكنه لا يرقى الى المستوى المطلوب..!
وبالتالي المتاجرة في الخضار والفواكه واللحوم والمواد الغذائية هي عملية تنافسية ضمن سوق كبيرة مليئة بالمنافسين على الحصص ضمن هذا السوق وهذا ما يتطلب السعي الدائم إلى زيادة نشاط المؤسسة والتوسع في البنية التحتية عمودياً وأفقياً من أجل الحصول على الحصة الأكبر التي تخدم توجه تدخلها الإيجابي، وهذا لن يحصل إلّا بتحقيق بيئة مرنة في التعامل أبرز مقوماتها الاستمرار في تحسين البيئة التشريعية للمؤسسة من خلال تحديث المراسيم والتشريعات الناظمة لعملها، وتطوير كوادرها ورفدها بطاقات بشرية مؤهلة تواكب الجديد في عالم الإنتاج والتسويق، مروراً بزيادة عدد المنافذ وتحقيق انتشار جغرافي يغطي مساحة الوطن بحيث تصل لأكبر شريحة ممكنة من المواطنين ما يحقق صمام أمان للمواطن بتوفير المواد في معظم المدن والبلدات وخاصة الأحياء الشعبية وبأسعار مناسبة ومنافسة.
والمكون المهم أيضاً إعادة العمل بوحدات التبريد بصورة أشمل وأوسع لاستيعاب أكبر كمية من المحاصيل الزراعية وقت الذروة, وممارسة الدور الراعي للقطاع الحيواني واستيعاب منتجاته من خلال تأمين مراكز توضيب ومسالخ وحظائر التربية وما يتبعها من عمليات تسويق تشمل النقل والتبريد والتوزيع والذبح، وكل ما يتبع ذلك من مفردات عمل، غابت بشكل ظاهر عن نشاط المؤسسة الحالية وذلك نتيجة الحرب الكونية وأزمة التمويل التي تعيشها نتيجة العقوبات الاقتصادية والحصار الظالم..
لكن هذا لا يمنع من توسيع دائرة الاهتمام وفق ما ذكرناه من مقومات تستطيع توفيرها المؤسسة لأن أغلب النشاط يتعلق بمفردات إنتاجية محلية، تحتاج مقومات دعم حكومية أكثر من أجل زيادة حجم التدخل, وهذا لن يأتي إلّا بتأسيس شركة مستقلة مالياً وإدارياً تابعة للمؤسسة الأم مهمتها القطاع الزراعي والحيواني بكل أبعاده عندها نلمس وبقوة إيجابية هذا التدخل وغير ذلك يكون ضحكاً على اللحى..؟!
Issa.samy68@gmail.com