الجالية اليونانية تحتفي بتقليد الـ”فاسيلوبيتا” اليوم
تشرين- رنا بغدان:
يحيي اليونانيون في كل أنحاء العالم تقليداً سنوياً قديماً في يوم رأس السنة الشرقية، يعدّون فيه فطيرة الـ”فاسيلوبيتا Vasilopit” التي يُخبِّئون فيها قطعة نقدية أو ذهبية يأخذها صاحب الحظ السعيد ، وتكون له فألاً حسناً طوال العام.. من هنا دعت الجالية اليونانية في دمشق للاحتفال بهذه المناسبة وذلك عند الساعة السابعة من مساء اليوم السبت في قاعة كنيسة الصليب المقدس في القصاع.
ويعود أصل هذا التقليد، الذي بدأ في قيصرية “كبادوكيا” في النصف الأخير من القرن الرابع، إلى القديس “باسيليوس الكبير” عندما كان أسقفاً عليها, وقد اشتُقت الكلمة اليونانية “فاسيلوبيتا” من اسم هذا القديس، وتترجم باسم “حلو خبز فاسيلي” وبالعربية تسمى “رأس فاسيلي”، فقد جرت العادة في هذا العيد أن تقطّع وتوزّع الـ”فاسيلوبيتا” في رأس السنة الشرقية التي يصادف فيها عيد القديس فسُميت الفطيرة على اسمه، واستمر هذا التقليد حتى يومنا هذا.
كما تعود قصة فطيرة الـ”فاسيلوبيتا” إلى هذا القديس الذي كان مشهوراً بأعماله الخيرية ونشاطه الدؤوب في الدفاع عن الفقراء، وأراد بناء دير كبير يحتوي على مستشفى ومأوى للأيتام، لكن النقود التي كانت في حوزته لم تكن كافية, فطلب من المؤمنين أن يقدموا ما يستطيعون مما يملكونه من الحلي والذهب، وعندما جمعها جاءه رسول ملكي يحمل له أكياساً من النقود الذهبية تكفي وتزيد على حاجة تكاليف البناء، فاحتار كيف يعيد الذهب والحلي إلى أصحابها من جهة، وكيف يوزعها على الفقراء منهم من جهة ثانية, فطلب من النسوة أن يعجن فطيرة كبيرة ويضعن فيها تلك الحلي والقطع الذهبية، وبعد خبزها قسمها إلى قطع وزعها على المؤمنين في الكنيسة بعد القداس الإلهي، فكان نصيب كل واحد ما يحصل عليه من القطعة، وكان الجميع راضياً بنصيبه الذي حصل عليه شاكراً الله.
عن هذا التقليد يقول لـ”تشرين” السيد حبيب صالومة رئيس الجالية اليونانية بدمشق: توارثت الجالية اليونانية في دمشق هذا التقليد وحافظت عليه لتبقى الـ”فاسيلوبيتا” مجرد مناسبة تجمع جالياتنا المنتشرة في أنحاء العالم، على تعدد الروايات والدلالات والرموز التي يذكرها التقليد اليوناني المتوارث، منها أنّ هذه الكعكة أو الفطيرة هدية من الله، أما قطعة العملة الذهبية فهي علامة على مصير وضعف الإنسان من المستقبل المجهول، وهي تضاف إلى بعض الممارسات القديمة السائدة في رأس السنة حتى اليوم. وكان يرافقها تقليد الـ”كالاندا” الذي يمتد من الرابعة عصراً إلى العاشرة ليلاً, حيث يقوم رئيس الجالية وأعضاء الجمعية الخيرية اليونانية برفقة بعض الأطفال الذين يحملون مثلثاً معدنياً يطرقون عليه فيزورون بيوت جميع اليونانيين في دمشق لمعايدتهم وجمع التبرعات ابتداءً من منزل السفير وحتى آخر منزل يقطنونه في دمشق، ويعدّونها مناسبة لتبادل الهدايا والهبات بكل محبة، وأتذكر منهم “إڤانجلوس ستيفانو، فوتي كريازيس، وميشيل قطيني..وغيرهم”, لكن مع الأسف توقف في جاليتنا منذ أكثر من أربعين عاماً، وفي وقتنا الحالي يجتمع يونانيو دمشق في مقر الجالية للاحتفال بهذه المناسبة السنوية الجميلة.
يذكر أن فطيرة الـ”فاسيلوبيتا Vasilopit” تُصنع من الدقيق والماء والسكر والحليب، وتضاف إلى العجين توابل ومطيبات حلوة ترمز إلى حلاوة وبهجة الحياة الأبدية والأمل في أن تكون السنة الجديدة مباركة مملوءة بحلاوة الحياة والصحة والسعادة لجميع الذين يشاركون في الاحتفال الذي يعد مناسبة ليتذكروا واجبهم تجاه المحتاجين والفقراء والمرضى واليتامى كالقديس “باسيليوس الكبير” الذي أولى اهتماماً كبيراً لرعايتهم والعناية بهم.