لم نرَ خير العام الجديد من شره، وإن صدرت بعض القرارات في أيامه الأولى لا توحي بالتفاؤل في ظل واقع معيشي واقتصادي ضاغط، لكن في المقابل ظهرت بادرة إيجابية تمثلت باتفاق وزارات وجهات عديدة على خطة إنقاذية، فمجرد توحيد الصف بدل إلقاء كل وزارة المسؤولية في ملعب الوزارة الأخرى نقطة جيدة في حدِّ ذاتها، بينما تبدو بنود الخطة “البدهية” خطوة مهمة وإن كانت مرهونة في التنفيذ الفعلي والسرعة في الإنجاز.
بنود الخطة المشتركة،التي أعلنتها وزارة التجارة الداخلية تركزت على تأمين مستلزمات الإنتاج الزراعي والصناعي وتخفيف تكاليف الإنتاج، والأسعار على المواطنين، وتفعيل التدخل الإيجابي، وتقليص المستوردات وزيادة الصادرات، والأهم الاعتماد على الذات، الذي يعد الوصفة الأهم للخلاص من الأزمات الاقتصادية والمعيشية القائمة، وهذه النقاط يتفق الجميع على أهميتها وجدواها، وإن بحت أصوات أهل الخبرة والاختصاص منذ سنوات لاعتمادها تفادياً للحال الصعب الذي وصلنا إليه، ولكن أن تصل متأخراً خيٌر من ألّا تصل أبداً، وهنا يحق لنا التساؤل عن آليات تطبيق هذه الخطة والفترة الزمنية اللازمة للتنفيذ، ومادامت الوزارات المعنية لا تترك فرصة من دون الشكوى من نقص الإمكانات، التي تعجز بسببها عن زيادة الرواتب، ما هي سبلها لإبصار هذه الخطة النور وتحقيق نتائج مفيدة على معيشة المواطنين وتحسين قيمة الليرة، وهل سنشهد ترجمة فعلية لمفهوم التدخل الإيجابي بحيث تأخذ “السورية للتجارة” دورها الحقيقي وتضع حدّاً لتحكم التجار بالأسعار وتكون صاحبة الكلمة الفصل في تأمين السلع بأسعار أرخص من السوق كما تتضمن بنود الخطة، التي نالت نصيبها من الانتقاد لكن وصفت على ألسنة بعض الخبراء بالطموحة أيضاً.
وبعيداً عن الانتقاد والمديح، يشكل الإعلان عن هذه الخطة في بداية العام الجديد بارقة أمل في إمكانية تحسن أداء الوزارات وابتعاد قراراتها عن العشوائية والارتجال وتغريد كل وزارة في سربها الخاص، وبالتالي لضمان تنفيذ بنودها ورؤية نتائج جيدة بأقرب وقت، لا بدَّ من إقرارها رسمياً من الفريق الحكومي وتحديد فترة زمنية للتنفيذ، مع الإعلان بشكل صريح بأن اقتصادنا زراعي بامتياز وتوجيه بوصلة الدعم نحو الفلاح والصناعي، وتشكيل فريق عمل مصغر من الوزارات المعنية لتنفيذها مع منحه صلاحيات كاملة منعاً للوقوف في مطب الروتين وتقاذف المسؤوليات، مع مراقبة أداء السورية للتجارة والتشديد على عملها لضمان حسن سير عمليات التدخل الإيجابي كما هو مراد لها ومنع حرفه عن مساره لغايات شخصية، على نحو يحمي المستهلك وجيوبه عند تأمين السلع بأسعار مقبولة، فهذا الهدف أصبح مطلباً جماعياً لكافة المواطنين، الذين يأملون أن تأخذ هذه الخطة طريقها للتنفيذ بعيداً عن الأدراج أو التهليل الإعلامي وسيناريو شراء الوقت.