خطط واعدة للبحوث العلمية الزراعية في استخدامات الأراضي وزراعة المحاصيل الأكثر أهمية
تشرين – أيمن فلحوط
عزا مدير إدارة بحوث الموارد الطبيعية في هيئة البحوث الزراعية د. منهل الزعبي عدم زراعة بعض المناطق إلى نقص الموارد المائية، نتيجة التغيرات المناخية والجفاف والعجز المائي، فمنها المروي ومنها البعل القابلة للاستثمار الزراعي، والتي تزرع حالياً وفقاً للظروف المناخية.
وقد صدر البلاغان رقم 16 و17 عن مجلس الوزراء، اللذان يهتمان بموضوع الأراضي وإعطاء التراخيص الإنتاجية، وتم التشدد كثيراً في هذا الجانب، كي لا تستخدم الترب الزراعية لأغراض مغايرة كالبناء على سبيل المثال، وأقيمت ورشة في مجمع صحارى دعي إليها المختصون في مديرية الأراضي والبحوث العلمية، وتم تقسيم الأراضي إلى8 صفوف؛ الصف الأول هو الأراضي الزراعية بامتياز، وهكذا تتدرج للصف الثامن المسموح البناء عليه، وإقامة المنشآت الزراعية، وهناك تصنيف جديد لأراضي دمشق، وحصلنا على الموافقة لتصنيف أراضي حمص في العام الجديد 2023، فكل 2 سم من التربة تحتاج إلى مئات السنين حتى تتجدد، ولذلك فالترب الزراعية ثروة، ومورد طبيعي ينبغي الحفاظ عليها والتشدد في حمايتها.
تملّح الفرات
وعن تملح الفرات قال الدكتور الزعبي: منذ عام 2019 وبالتعاون مع الشراكة العالمية للتربة، والتي تتبع لمنظمة الأغذية والزراعة الدولية، أنجزنا خريطة ملوحة التربة في سورية، وتتركز أغلبية التملح في منطقة حوض الفرات، والذي ازداد نتيجة الحرب على سورية، لكن بعد تحرير دير الزور2019 عملنا على إعادة تأهيل قنوات الري في تلك المناطق، ونتيجة لعودة الأراضي إلى الزراعة، وعودة المزارعين إلى أراضيهم، بدأنا في التخلص إلى حد ما من هذه المشكلة، ولكننا بحاجة إلى المزيد من تأهيل المصارف التي تأخذ المياه المالحة، والتوجه لزراعة تلك المناطق بنباتات متحملة للملوحة، وعقدت ورشة عمل حول النباتات العلفية المتحملة للملوحة، وكان هناك توصيف لهذه النباتات، وطلبت وزارة الزراعة من البحوث الزراعية إعداد خريطة حول توزع المحاصيل العلفية في كامل سورية، والتي سيركز فيها على منطقة حوض الفرات.
إعداد خريطة حول توزع المحاصيل العلفية في كامل سورية
محاصيل متحملة للملوحة
ووعد د. الزعبي أن تكون هذه المنطقة في الموسم القادم في طور الإنتاج، وقد تم وضع النباتات ضمن الخطة في السنة الجديدة، وفي الصيف المقبل سيبدأ إنتاج المحاصيل المتحملة للملوحة في منطقة الفرات، وهذه الأنواع تشمل الفصة والشعير والدخن والذرة الصفراء والبيضاء والسيسبان والشوندر العلفي والشعير الرعوي.
وهذه المحاصيل ستؤمن مادة علفية أيضاً في ظل الاحتياجات المتزايدة للعلف، علماً أن تلك الأنواع ستساهم في استصلاح الترب المالحة، واحتياجاتها المائية قليلة.
الغاب سلة زراعية
أما في منطقة الغاب فلدينا مركز بحوث والهيئة العامة لتطوير الغاب، يعملان على تنمية الغاب وتطويره زراعياً، ففي هذا العام تمت زراعة الشوندر السكري بعد عدة سنوات من التوقف، وتشغيل معمل السكر في سلحب، وزراعة القطن، وأنتج سهل الغاب كمية كبيرة من الذرة الصفراء العلفية تجاوزت الـ450 ألف طن.
الغاب سلة زراعية مهمة تراجع دوره نتيجة الحرب وتخريب قنوات الري
ودائماً كان سهل الغاب سلة زراعية مهمة في سورية، لكن نتيجة الحرب وتخريب قنوات الري تراجع دوره، وحالياً بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة الدولية، ووزارة الموارد المائية، قمنا بتأهيل قنوات الري، التي تنطلق من سد محردة إلى سهل الغاب، ولدينا مشاريع عدة موضوعة على الطاولة، سيتم المباشرة بها حين يتم تأمين التمويل لها، وإعادة تأهيل القنوات مثل القناة ج 1 وج 2 في سهل الغاب في مناطق زراعية كثيرة، حيث هناك مناطق في سهل الغاب لا تصلها المياه بعد شطحة وقطرة الريحان، كلها مقطوعة من المياه، لأن القنوات تلزمها إعادة تأهيل، وتمت دراستها وتنتظر التمويل، ومثلما تم تأهيل القنوات المنطلقة من سد محردة وبدئ العمل بها، وتغذي كثيراً من الأراضي، سنتابع قريباً العمل في تلك القنوات، مع العلم أن هناك مشاريع عديدة لم تنفذ في الغاب منها مشروع الأكروبوليس، وهو مشروع ضخم تبنته الحكومة، كان مشروعاً هائلاً زراعياً وسياحياً، وله هيكلية خاصة، لكنه توقف نتيجة الحرب على سورية.
الغطاء النباتي في البادية متدهور
محميات متدهورة
وفيما يتعلق باستغلال المساحات الواسعة في البادية، أوضح الدكتور الزعبي أن هناك الهيئة العامة لإدارة وتنمية وتطوير البادية، وتم تكليفنا من قبل وزارة الزراعة لإعداد تقرير عن البادية، فتمت زيارة كلٍّ من البادية السورية، وفروعها المختلفة، وتقوم الهيئة بعمل جيد، لكن هناك حاجة كبيرة لإعادة تأهيل الآبار من جديد، وتم في عام 2021 إنشاء مشتلين رعويين بدعم من المنظمات الدولية في دير الزور وحماة، وجرى زراعة الشتول في المحميات، فكان بعض المحميات جيداً مثل حمص، ولكن هناك أيضاً محميات متدهورة نتيجة الحرب، والتغيرات المناخية والجفاف.
ويعود د. الزعبي بالذاكرة لعامي 2018 و 2019 حين ذهب إلى البادية وكانت جيدة جداً كغطاء نباتي، بعكس الواقع الحالي متدهورة نتيجة التغيرات المناخية والحرب، ومع ذلك تم تأهيل بئرين وأقيم مشتلان رعويان في دير الزور وحماة.
وفي بادية السويداء هناك محمية تمت فيها زراعة النباتات الرعوية، لكن هناك أيضاً مناطق غير آمنة في بادية السويداء، أما في ريف دمشق فبعضها جيد، مثل محمية الخانات- الناصرية 2، وهناك بعض المحميات المتدهورة مثل المحمية الناصرية 1، و وضعت خطة لإعادة زراعة المحاصيل الرعوية فيها، من أجل تنمية الغطاء النباتي وعودة أهل البادية لها.
وفي حمص هناك عمل جيد في القريتين مشتل رعوي جيد، ويوجد قسم كبير من المحميات المتدهورة في حماة.
وفي حلب المحميات جيدة جداً، نتيجة عدم وجود الثروة الحيوانية فيها وكانت الأمطار مقبولة، وفي الرقة ودير الزور هناك محميات متدهورة، لكن محمية الشولة جيدة.
بشكل عام؛ نستطيع القول إن الغطاء النباتي في البادية متدهور، لكن الزملاء يعملون ما عليهم ضمن الإمكانات المتاحة.
برامج إسعافية
من البرامج التي وضعتها وزارة الزراعة باتجاه البادية، وفقاً للدكتور الزعبي، العمل على إعادة الغطاء النباتي واستدامة المراعي، والاهتمام بالثروة الحيوانية، كما تحرص البحوث العلمية في تطوير البادية، على إنشاء شبكة مربي الأغنام وإعادة تأهيل الآبار الارتوازية والرومانية والعربية ومعالجة مظاهر التصحر، وتطوير القانون 62 الناظم لحماية البادية، وهناك برامج عديدة سيتم العمل بها قريباً جداً.
وضع خريطة للنخيل لتكون حزاماً بيئياً مهماً
زراعة النخيل
وبيّن الزعبي أن زراعة النخيل أو غيره على جوانب الطرقات تخضع للخطة الزراعية، التي يتم إعدادها بالتعاون مع وزارة الموارد المائية، أي تتم الزراعة حسب توفر المياه، أو كزراعات بعلية.
وما يتعلق بالنخيل،هناك توجيه من وزارة الزراعة بوضع خريطة للنخيل، لتكون حزاماً بيئياً مهماً، وندرس حالياً مواءمة ذلك مع الموارد المائية، وقد وضعنا منذ فترة خريطة لزراعة النخيل في دير الزور، وفي بعض المناطق التي يتوافر فيها المياه أو”الفيضات”، التي يمكن أن نقيم لها سدات مائية، والاستفادة من الآبار في البادية، وهناك نتائج مبشرة في هذا المجال، وبشكل عام هناك توجه من الوزارة نحو المحاصيل العلفية للحد من عملية الاستيراد وتكاليفها الباهظة، وللتقليل من معاناة الناس في الحصول على الأعلاف المرتفعة الأسعار.
أيضاً تم التركيز على القيام بخريطة لمعرفة مدى نجاح الزراعة في كل منطقة بالمحاصيل المناسبة، ويلقى ذلك اهتماماً علمياً لتطبيقها على أرض الواقع، للحصول على نتائج جيدة.
وحين ندرس زراعة أي محصول نضع 3 مؤشرات: أولاً ملاءمته للتربة، وثانياً للبيئة ومناطق الاستقرار، وثالثاً توفر المورد المائي له، وعندها يصدر اقتراح من “البحوث” إلى صاحب القرار أن هذه التربة ملائمة لزراعة محصول كذا لاتخاذ القرار المناسب.