“حلم في منتصف ليلة صيف”.. إطلالة سريعة على عالم ساحر

تشرين- زينب عزالدين الخير:
لا أعرف منذ متى قرأت مسرحيات وليم شكسبير، والآن لم أعد أذكر إلا الفكرة العامة لكل منها، ومن نافل القول إنها جميلة، أو عميقة، أو حتى ساحرة، وإن شكسبير واحدٌ من عمالقة الأدب العالمي المعدودين، وإنه من الشخصيات العابرة للتاريخ، لا بل تطول قائمة الكلمات التي يجب تدبيجها عند الحديث عنه وعن أدبه. وحقيقة الأمر أن الناس مازالوا يقرؤون أعماله، ومازال فنه يفتنهم، وأعتقد أنه بعد ألف عام سيوجد من يقرأ شكسبير ومن يحكي ويكتب عنه، لذلك انتفت الحاجة الآن إلى تلخيص أو تحليل من أدنى درجة كان للمسرحية التي بين أيدينا اليوم : “حلم في منتصف ليلة صيف”، إنما هي إطلالة سريعة على عالم ساحر.. يقول المترجم حسين أحمد أمين: ” تتمثل المعجزة التي حققها شكسبير في مسرحيته “حلم في منتصف ليلة صيف”، كما في الكثير من مسرحياته الأخرى، في إيجاده وحدة واحدة بالغة الانسجام والسلاسة والعذوبة من عناصر كثيرة استمدها من مصادر عدة، والجمع بين تلك العناصر في بناء تمثيلي واحد، وكذا في قدرته على إيجاد جو سحري يغلف المسرحية كلها”. ثم يتابع: “إن إتقان تصوير الشخصيات لم يكن هدف المؤلف، بل كان هدفه إيجاد جو متميز من السحر عن طريق التحليق في سماء الخيال، مما لا يدع حاجة أو داعياً لإتقان رسم الشخصيات”. ويقول النقاد اليوم إنها بعد مرور أكثر من أربعة قرون على عرضها للمرة الأولى في عام/ 1595 / فقد كانت من أكثر مسرحيات شكسبير التي حظيت بالشعبية والنجاح في القرن العشرين.
تدور أحداث المسرحية في أيار، وليس في ليلة صيف، إنما هي عذبة كحلم في منتصف ليلة صيفية، وكل ما أحتاجه اليوم هو اختيار مقتطفات منها، كدعوة لقراءتها، ومشاركتكم في التمتع بسحر الكلام:
-لا شك أنَّ بمقدور الحب أن يجعل من الأشياء الخاوية التافهة، ضئيلة القيمة، أشياء ثمينة ذات بهاء ورونق، الحب لا يرى بالعين، بل بالفؤاد، لذلك صور الناس كيوبيد المجنح أعمى..
-لا مخاطر تهددني مع رجل شريف، ولا ليلَ في عيني متى رأتْ وجهَكِ عيني، ولهذا فإني لا أحسب الليل قد اكتنفني، لا أحسب هذه الغابة بعيدة عن الناس لأنك أنت الدنيا بأسرها، فكيف يمكن أن يقال إني هنا وحدي والدنيا بأسرها هنا تنظر إلي.
-الكلمات النابعة من المحبة والإخلاص هي التي تصل إلى القلب حتى إن تلعثم قائلها في النطق.
-ما جدوى السرعة إذن متى هربتْ البسالة من مطاردة الجبن.
-تحول المرء إلى عقيدة جديدة يجعله كارهاً للقديمة التي خدعته زمناً.
-المجنون والعاشق والشاعر لهم الصنف نفسه من المخيلة؛ أحدهم يرى من الشياطين ما ليس بوسع الجحيم أن يحتويه؛ وهذا هو المجنون. أما العاشق- وهو في مثل تهيجه – فقد يرى جمالاً كجمال هيلين في وجه غجرية مصرية، أما الشاعر فهو في نوبات جنونه ينقل بصره من السماء إلى الأرض، ومن الأرض إلى السماء، فتصور له مخيلته أشكال أشياء غير معروفة أو مألوفة، ويستطيع بقلمه أن يجسدها، وأن يخلق من لا شيء شيئاً يسميه، وللمخيلة القوية حِيلُها، فهي إن توقعتْ سعادةً خالتْ هذا الشخص أو ذاك جاء إليها بالخبر السعيد، وإن توقعتْ شراً كان من السهل عليها أن ترى في الليل في كلِّ شجرة دباً مفترساً.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار