بعد قيادته للسيمفونية الوطنية السورية المايسترو التونسي فادي بن عثمان: إنها فرقة عريقة ولها تاريخ كبير

تشرين- إدريس مراد:
تستمر الفرقة السيمفونية الوطنية السورية باستضافتها العديد من الموسيقيين حول العالم سواء في قيادة الأوركسترا أو عازفين منفردين، حيث اختتمت موسمها لعام 2022 بحفلة قادها المايسترو التونسي فادي بن عثمان وهو قائد أوركسترا ومؤلف وموزع موسيقي، ولد في باريس لأب تونسي وأم سورية، حاصل على شهادة الدكتوراه من المعهد العالي للموسيقا في تونس.
الثقة المؤكدة
زار بن عثمان سورية منذ خمسة وعشرين عاماً ليوم واحد فقط، وبقيت الزيارة الثانية حلمه حتى تحقق، يقول لجريدة “تشرين”: «كانت فرحتي كبيرة عندما تلقيت دعوة من دار الأوبرا السورية لأقود السيمفونية الوطنية السورية بحفلة، وهذه الفرقة لها تاريخ كبير ولذلك أثق بها وبأعضائها وقائدها المايسترو ميساك باغبودريان، ولم يكن لدي أي شك بالمستوى الرفيع لهذه الأوركسترا، وأدركت مباشرة أن الأمسية ستكون ناجحة، كما جاءت هذه الزيارة فرصة لأكتشف بلد والدتي لكونها سورية».

عملان موسيقيان فقط
وعن برنامج الحفل قال بن عثمان: «قدمنا عملين لمؤلفين كبيرين في عالم الموسيقا الكلاسيكية العالمية هما سيمفونية رقم 95 مقام دو الصغير لفرانز جوزين هايدن وكونشيرتو رقم 20 للبيانو والأوركسترا لفولغفانغ أماديوس موزارت، حيث لعبت العازفة السورية نور كويفاتي دور صولو على آلة البيانو».
حول موسيقا الأفلام
نال المايسترو فادي بن عثمان شهادة الدكتوراه من المعهد العالي للموسيقا بتونس عام 2017، حيث قدم خلال رسالته بحثا مهما حول الموسيقولوجيا، يقول: «أثناء الماجستير قدمت بحثا عن موسيقا فيلم ” الآخر” للراحل يوسف شاهين، والرسالة كانت عن أعمال الموسيقي المصري عمر خيرت، حاولت أن أربط بين هذه الموسيقا وتأثيرها في السينما الفرنسية والهوليودية، أما رسالة الدكتوراه فجاءت عن موسيقا الأفلام المصرية والتونسية».
عطر الياسمين
لحن وأشرف على مشروع “عطر الياسمين” لنصوص كل من نزار قباني وسارة مفتاح وأيمن حسن، حيث يجمع المقطوعات الآلية بالأغاني العربية والفرنسية، ويمزج تقنيات الغناء العربي والكلاسيكي وذلك عام 2020 في مهرجان الحمامات الدولي.
ويتابع قائلاً: «المشروع هو عملية مزج بين الموسيقا العربية من جهة والموسيقا الفرنسية والأوروبية من جهة أخرى، حيث أخذت من الموسيقا الأوروبية أسلوب الكتابة والهارموني والكونتربوان ، أما الألحان فبقيت تونسية وسورية وفرنسية، وتالياً إيجاد لحن عربي فيه مزج ما بالغناء الأوبرالي، أما التوزيع والتأليف للآلات فكتب بأسلوب كلاسيكي عالمي لينتج أعمالا لموسيقا الحجرة وأيضاً أوركسترالية».
المزج يعني التطور
ويرى بن عثمان أن المزج بين الموسيقا المختلفة هو تطور وفتح مجالات جديدة، ويذكر مثالين في الساحة الفنية التونسية: الأول زياد الزويري وهو عازف كمان وموزع ومؤلف ولديه مزج ما بين الجاز وخصوصيات الموسيقا التونسية، والثاني محمد علي كمون وهو عازف بيانو  عمل على المزج بين الأغاني التونسية القديمة وموسيقا الجاز وأيضاً الأوركسترالية، ويؤكد أن النتيجة جاءت ناجحة وسنحت فرصة للتونسيين لاكتشاف موسيقاهم من مختلف الجهات وفتح أبواب العالمية للموسيقا التونسية، لكن المهم في هذه الظاهرة هو أن يقدم اللحن الأساسي من دون تشويه وبالوقت نفسه يقدم بطابع جديد.
الكتابة للأصوات البشرية
يفضل بن عثمان أن يكتب الأعمال الكورالية، ويجذبه الصوت البشري أكثر من الأعمال الآلية حيث يقول: «إضافة إلى التأليف الكورالي، أحب المزج بين طبيعتي كموسيقي ينتمي إلى المغرب العربي والشرق والحنين الفرنسي، ولا أرغم نفسي بالكتابة ولكنها تأتي وحدها، فمثلاً عندما قرأت نص دمشق لنزار قباني ألهمني مباشرة للكتابة، وأظن أن قيادة هذه الأعمال تجعلك تكتشف مختلف طرق الكتابة وتعطيك أفكاراً وتضعك أمام مسؤولية كبيرة للبحث عن تطوير موسيقانا، عموماً أحاول في كتابتي لموسيقا الحجرة أو السيمفوني أن أدخل إليها إضافات من الموسيقا الأخرى».
الموسيقا الآلية عربياً
ويختم حديثه عن حال الموسيقا الآلية العربية قائلاً: «في تونس قليل هذا الشكل من الموسيقا، مثلاً لدينا محمود الجرفي وناس خليجان، إضافة إلى محاولات من الجيل الجديد. وعربياً تتجه الموسيقا إلى كتابات آلية جديدة، وينبغي على المؤلف الموسيقي العربي اليوم أن يخلد هذه المراحل الحرجة ويعطي بعض الأمل للأيام القادمة، ويفتح أبوابا جديدة لموسيقانا ، وأعتقد أن الطريق مفتوح أمامنا لاسيما ونحن نعيش هذا الانفتاح على ثقافات العالم عبر وسائل التواصل المختلفة».
يشار إلى أن فادي بن عثمان من مواليد باريس عام 1983 لأب تونسي وأم سورية، درس التأليف والتوزيع الموسيقي على يد البروفيسور والمؤلف الموسيقي المصري راجح داوود، كما درس قيادة الأوركسترا على يد شادي القرفي وتابع عدة ورشات عمل في القيادة الأوركسترالية لدى كل من فلافيان بوي ونادر عباسي وناتالي ماران وقايتان قوتشة، يدير الأكاديمية الموسيقية للأوركسترا السيمفونية التونسية والجوقة البوليفونية.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار