استعدادات واجبة 

تؤكد جميع مراكز الدراسات العالمية أن العام القادم سيكون قاسياً على معظم الاقتصادات العالمية كنتيجة للأحداث الجارية حالياً، وعلى رأسها اتباع سياسة عض الأصابع بين الدول الكبرى فيما يخص الأزمة الأوكرانية.

فالدول الغربية آثرت الانصياع للأوامر الأمريكية وانتهجت سياسة الهروب إلى الأمام بفرضها العقوبات على الطاقة الروسية، رغم أنها المصدر الأرخص مقارنة بغيرها، وهذا ما نجم عنه ارتفاع الأسعار وزيادة معدلات التضخم، لتقوم تلك الدول برفع معدلات الفائدة، الأمر الذي سيسبب ارتفاع تكاليف التمويل على شركاتها ومؤسساتها، ما سينجم عنه حصول الركود، الذي سيندمج مع التضخم ليُدخل الاقتصاد العالمي في دوامة الركود التضخمي.

الركود التضخمي يعني أن الإنتاج سيكون أقل مع الحفاظ على ارتفاع أسعار السلع لمدة أقلها عام، إذ ستتوقف خلالها شركات عن العمل بشكل كلي أو جزئي، وبعد هذا العام يمكن أن تقبل هذه الشركات بأرباح أقل لضمان استمراريتها لتنخفض الأسعار بشكل تدريجي، مع موجات كبيرة من تسريح العمال، وما قد يرافقها من اضطرابات اجتماعية وسياسية في الكثير من الدول.

الأمر المهم بالنسبة لاقتصادنا هو ضرورة وجود خطط تحوط ضد هذه التقلبات الاقتصادية العالمية والعمل على اغتنام ما يمكن أن يتاح من فرص، كانخفاض الطلب على الطاقة عالمياً وتالياً انخفاض أسعارها، وكذلك بعض المواد الأولية، كما يجب الاستعداد لارتفاع أسعار الكثير من المنتجات الجاهزة وقلة عرضها.

الأمر الأكثر أهمية حالياً هو تأمين كل ما يلزم لضمان استمرار الفلاح في عمله من خلال تأمين كل ما يحتاجه من مستلزمات إنتاج لأرضه، وما يلبي احتياجات عائلته، وحتى الآن لم نلحظ ما يُنبئ بذلك رغم الإعلانات المتكررة عن توفير المحروقات والبذور والأسمدة وغيرها.

كما إن الصناعات الغذائية المرتبطة بزراعتنا بحاجة إلى تأمين مقومات عودة إقلاعها بهدف تصنيع الفائض عن الاستهلاك المحلي وتحقيق قيمة مضافة عبر تصنيعه وتصديره.

تبقى معضلة المحروقات وما يعتريها من خلل في آليات التوزيع والرقابة عليها وقلة الوارد المشكلة الكبرى في وجه أي حلول اقتصادية ممكنة في الفترة المقبلة، وهذا يتطلب جهوداً كبيرة من قبل الجميع لأن الحيز الزمني المتاح صغير أمام زراعتنا على أمل إنقاذ ما يمكن إنقاذه زراعياً وصناعياً.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار