مزادات التفوق تجتاح الأسر السوريّة.. الطلاب «ضحايا عصف قاهر».. ومسؤولة تربوية تطالب الأهالي بالتحفيز الإيجابي
تشرين- بارعة جمعة:
مناوراتٌ يوميَّة يعيشها الطلبة ضمن محيطهم العائلي، تستنفد قِواهم التي اقترنت ببذل الجهد والتعب الفكري من الأهالي أنفسهم، ومن ثم المطالبة بنتائج مميزة، كما شكلت منهجية المتابعة المستمرة ضمن المعاهد الخاصة والجلسات الامتحانية، وسيلةً للضغط من الأهالي، من دون النظر لأهمية تنمية القدرات والإبداع لدى أبنائهم، والتركيز على نيل الدرجات وإغفال طرق التعامل معها، لتغدو الوسيلة الأكثر استعمالاً في تقييم الفرد على مدى سنوات تحصيله العلمي.
ثقافة مجتمع
وكما هو شائع بين طبقات المجتمع، الراقية منها والبسيطة، لا تزال حتى اليوم قيمة الطالب مقترنة بقدرته على تسجيل نقاط على حساب غيره، آخذين به لجدالات عقيمة حول أحقية هذه الدرجات فيما لو تضاربت مع الجهد المبذول من قبلهم، كما أن ما يعيشه الطلبة خلال أشهر الدراسة الأولى، بات الأكثر رعباً برأي معلمة التعليم الأساسي “سعاد حجازي”، لكونه الأكثر قدرة على صقل شخصية الطفل وتوجيهه بالمسار الصحيح في استكمال تعليمه للفصل الثاني من السنة الدراسية.
كما تعدَّت استطاعة الطفل قبول نتائجه بين اختبار وآخر برأي حجازي، لانصراف معظمهم للاهتمام بتسجيل علامات أعلى في الامتحان النهائي من كل فصل، والذي بدوره سيسوق لحجز مكان مميز لكل منهم على منصات التكريم.
تربوية: أهمية تنمية حب التميز لدى الطفل بكل اختبار لجعله أكثر قدرة على المنافسة
وهنا تبرز- برأي حجازي- أهمية تنمية حب التميز لدى الطفل بكل اختبار، لجعله الأكثر قدرة على المنافسة في الميادين كافة، وباختلاف مستوى الصعوبة المتزامنة مع كل اختبار، ابتداءً بالإملاء والخط وانتهاءً بالامتحان النهائي.
مؤشر سلبي
وفي العودة لما يتم العمل به ضمن سلوكيات باتت أكثر خطراً من الأهالي أنفسهم، تبرز أهمية العمل بمبدأ التحفيز الإيجابي، الذي لطالما كان الدافع الأكبر لسلوك قويم ونتائج مرضية للأطراف كافة، والذي لابدّ أن يترجمه الأهالي أولاً في طرق التعاطي الصحيحة مع نتائج الاختبار المتدرجة الصعوبة، فما يعيشه الطالب من ضغط نفسي من الواجب تقديره من أسرته برأي المرشدة النفسية ليال عثمان، التي أكدت ضرورة التواصل الصحيح والانتباه والتقدير لجهد الطالب نفسه بالدرجة الأولى، والنظر بعين الواقع لوجود فروقات بين أبناء الصف الواحد، الذي يترجمه اختلاف القدرات بين طفل وآخر.
فالحصول على الدرجة التامة لم يعد مقياساً لتقييم ذكاء الطفل كما هو السائد لدى المجتمع عموماً، ما يقودنا للتفكير أكثر بضرورة تنمية حس الإبداع وحب الدراسة لديه، باستخدام طرق ووسائل أهمها استقبال نتائجه الامتحانية بصدر رحب، والإشارة لمواقع الخلل لديه، ومن ثم تصويبها، والعودة لسياسة التطوير الإيجابي لا الإساءة له بمقارنته بالغير.
هدف تربوي
فما تقوم عليه ثقافة التقويم من وجهة نظر التربية، هو جعل المتعلِّم قادراً على إبراز قدراته والتعبير عن ذاته، من خلال تنمية استعداداته أولاً، بموازاة القدرة على الربط بين المعارف والمهارات والاتجاهات القيمية والوجدانية في المجال الواحد حسب توصيف مديرة الإشراف التربوي في وزارة التربية “إيناس ميّه”، والتي لابدّ من توظيفها في حل مشكلات الواقع وترجمة مكتسباته المتعددة في سياقات واقعية حقيقية، باستخدام مختلف الأدوات والمصادر.
مرشدة نفسية: التواصل الصحيح والانتباه والتقدير لجهد الطالب نفسه بالدرجة الأولى
فإعطاء معنى لعملية التعلُّم وجعل المتعلم يدرك ما تعلمه، هو الغاية الأساسية من هذه العملية حسب تصريح ميه لـ”تشرين”، والذي يؤكد عدم اعتماد التقويم على الدرجة الامتحانية بصورة خاصة، ما يفرض على المدرسين اتباع أساليب وطرائق متعددة في إعطاء الدرجات للمتعلمين، ولاسيَّما إن كانت منخفضة، مع الأخذ في الحسبان عدم إحراج المتعلم أو جعله يشعر بالخجل من درجته أمام زملائه.
وهنا تجدر الإشارة حسب رؤية “ميّه” لمبدأ التحفيز، الذي يقوم على فكرة تنمية قدرة المتعلم على تحسين درجته، وإقناعه بأنها لا تعبّر عن إمكاناته فحسب، والعمل على تعزيز المتعلمين الحاصلين على درجات عليا للمحافظة على مستواهم وتطويره أكثر.
خطة علاجية
كما أن ما يسعى إليه المعلم عبر تقييم الطلبة، هو تحديد مكامن القوة والضعف لديهم حسب تقديرات “ميّه” لواقع العمل، إلّا أن ما يجب العمل به هو الأسلوب المتبع في إعطاء الدرجات، والذي يعد بمنزلة نقطة ارتكاز يبني عليها المتعلم خطته لتطوير أدائه، على اعتبار أن التقويم جزء من عملية التعلم وليس نهاية تعليمية.
مديرة الإشراف التربوي: الحصول على العلامة التامة لم يعد مقياساً للذكاء
وتشكل العلاقة القائمة بين المدرسة والأهالي، الأكثر قدرة على تفادي سلبيات العمل، والذي أكدته مديرة الإشراف التربوي في الوزارة في حديثها عن وسائل التواصل المتَّبعة من قبلهم، بتوجيه الملاحظات من المعلمين، لتعزيز المساعدة بين الأهل والمدرسة، بوصفهم شركاء في العملية التربوية.
إلّا أنه وبالرغم من كل الجهود المبذولة من التربية، تبقى قدرة الأهل على تقييم أبنائهم نقطة البدء لتكوين قدراتهم، والإسهام في تلافي نقاط الضعف ورفع ثقتهم بأنفسهم، بما يضمن وصولهم للكفاءة العلمية من دون تقييد بالدرجات.