إدمان الشاشة يؤثّر في تطور المهارات الحركية والجسمية
تشرين- دينا عبد:
تملك معظم الأسر في بيئتنا السورية جهاز تلفزيون واحداً على الأقل في المنزل، كما يملك معظم الأشخاص أجهزة أخرى تعتمد على الشاشات المرئية التفاعلية “جوال أو آيباد أو محمول”، ومعظم الأطفال يختبرون هذه الشاشات، ولكن هل هناك ما يستدعي الحذر؟ هناك عدة نظريات تربوية ترى أن الأطفال يتعلمون من خلال التفاعل مع البيئة، ولكن هل تسمح الشاشات بحصول هذا التفاعل، وهل ستوفر الأرضية لتطور مفردات الطفل واكتسابها؟
شحادة زغريني اختصاص (تربية خاصة)- من وجهة نظره معظم الأمهات ترى أن مشاهدة الشاشات ستجعل الأطفال مستمتعين ومتعلمين جيدين، بالإضافة إلى تفضيلهم حضور أبنائهم التلفزيون على بكائهم للجوع أو للتواصل، ولكن يجب أن تعي الأمهات أن الشاشات ليست معلماً مناسباً، وأن أفضل الطرق التي يتعلم بها الأطفال هي التي توفر التفاعل بينه وبين البيئة، فقد توفر مشاهدة التلفزيون بالنسبة للطفل في الشهور الأولى أمراً ممتعاً، ومثيرات سهلة الوصول وألحاناً وموسيقا وألواناً جذابة وهنا يكمن الخطر.
هل الشاشة خطر على الأطفال؟
تشير الدراسات وفقاً “لزغريني” إلى أن مشاهدة الشاشة قبل سن 18 شهراً لها تأثيرات سلبية دائمة على تطور اللغة ومهارات القراءة والذاكرة على المدى القصير، بالإضافة إلى مشاكل النوم والاهتمام المشترك وما يليه من أضرار محتملة على حاستي السمع والبصر، كما يمكن أن يقود ذلك إلى مشاكل السمنة الزائدة أو العنف أو الحركة الزائدة أو الإدمان، لهذا يجب أن نقرأ جيداً عن طريقة عمل الدماغ في السنوات الأولى من حياة الطفل، حيث يمتلك دماغه جميع الخلايا العصبية، لكن مهمة تكوين العلاقات بينهما لا تزال مستمرة خلال سنواته الأولى، وهذا ينطبق بشكل خاص على بعض مناطق الدماغ التي تدعم القدرات المتقدمة مثل الذاكرة والتفكير المجرد، والبيئة لها دور في التحضير لنمو الدماغ بالشكل الملائم وإن تعريض الطفل الدائم والمستمر لنوع محدد من المثيرات يفرض تأثيراً سلبياً على عمل الدماغ، بحيث تكون مشاهدة التلفزيون تؤثر في النمو الصحي للطفل.
مبررات الحذر من الشاشات
– المحتوى غير الآمن وغير الموجه من حيث المضمون، أو التعلم بلا مغزى.
-إجهاد دماغ الطفل من حيث كمّ المعلومات وسرعتها وتواترها وطرق تفسيرها.
– الإرباك والتشويش حيث إنه لا يوجد طريق واحد هو الأنسب لمعالجة المعلومات المقدمة، عن طريق حاستي البصر والسمع، وإن دماغ الطفل قد يتعرض للإرباك نتيجة عجزه عن فهم كل ما يشاهده، وعن الربط المنطقي لهذه المعلومات بالبيئة الحقيقية، فهل هذه المعلومات حقيقية وكيف يمكن الاستفادة منها؟
– إن إدمان الشاشة قد يؤثر في تطور المهارات الحركية والجسمية، ومن المعروف أن العقل السليم في الجسم السليم، ولا يسمح الجلوس المتواصل أمام الشاشات بالحركة والاستكشاف والتفاعل.
– قد لا تتناسب اللغات أو اللهجات التي تعرض فيها بعض القنوات لغة ولهجة أسرة الطفل، ما قد يكون سبباً مباشراً أو غير مباشر، لتعرضه للغة ثانية قبل اكتساب اللغة الأم بشكل كامل، أو ما يسمى بتداخل للمكتسبات.
-عدم إدراك الأم لحقيقة الأشياء التي تعرض أمام طفلها، ومدى ارتباطها بالواقع، وبالتالي سوف يؤثر في تطوره الإدراكي.
هل من الممكن أن تتسبب الشاشات بالتوحد؟
يتابع المختص زغريني: من الدراسات الطريفة التي تناولت هذا الموضوع دراسة بينت انتشار أوسع للتوحد في المناطق الأكثر انتشاراً للأمطار، وقد عزت هذه الدراسة الأمر قضاء فترة أطول على الشاشات، نتيجة غياب الطفل عن المدرسة وانشغالهم بمشاهدة الشاشات، ولكن لم يتم “حتى اللحظة” إثبات أن التوحد مكتسب لكون هذا الاضطراب يبدأ بالعمل منذ الأسابيع الأولى داخل الجسم، وتبدأ مؤشراته في عمر شهرين، ولكن ما سّر هذا الترابط وما وجهات التشابه بين متلقي الشاشة والتوحد؟