للعنف ضد الرجل حديث آخر.. حلقة نقاش حول العنف القائم على النوع الاجتماعي.. ورصد لآثار الحرب على الأسرة السورية
تشرين- أيمن فلحوط:
فرضت الحرب على سورية أوزارها في قضايا العنف القائم على النوع الاجتماعي، بأنواعه المختلفة الاقتصادي والجسدي والعاطفي والجنسي والاجتماعي، وتعددت أوجه ذلك من زواج القاصرات إلى استغلال الطفولة، وما شابه ذلك من مسائل هدمت كيان العديد من الأسر، على أكثر من صعيد.
حملة 16 يوماً لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي في سورية، هي حملة دولية لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات، تقام كل عام بدءاً من 25 تشرين الثاني، وهو اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، إلى 10 كانون الأول، وهو يوم حقوق الإنسان، حيث تُبرز الحملة أن العنف ضد المرأة هو انتهاك لحقوق الإنسان، وهو الانتهاك الأكثر انتشاراً في جميع أنحاء العالم.
العنف في كل مكان في العالم
في بيان المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان، الدكتورة ناتاليا كانيم، بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة 2022 قالت: يحدث العنف ضد النساء والفتيات في كل مكان، ويسود في المنازل والمدارس والشركات والمتنزهات، ووسائل النقل العام والساحات الرياضية، وبشكل متزايد عبر الإنترنت، ويتصاعد في سياق تغير المناخ وفي أوقات الحرب بالنسبة للنساء والفتيات، لا يوجد مكان آمن تماماً، لا يزال العنف ضدهن هو أكثر انتهاكات حقوق الإنسان المزمنة، والأكثر تدميراً وإغفالاً في العالم.
24 إعلامياً وإعلامية عرضوا تجاربهم في نقل صور وأشكال العنف
ومع ذلك، يمكن منع العنف ضد النساء والفتيات تماماً، يمكننا وقف هذه الأزمة بالتضامن مع الأعداد المتزايدة من الأشخاص الذين يقفون ويقولون “كفى”. لكل فرد الحق في الاستقلال الجسدي والعيش بأمن وأمان.
ورشة نوعية
بالتزامن مع هذه الحملة العالمية، عقدت ورشة حول التعريف بالمبادئ والمصطلحات الأساسية الخاصة بالعنف القائم على النوع الاجتماعي في فندق قيصر بالاس في دمشق، بالتعاون بين وزارة الإعلام وصندوق الأمم المتحدة للسكان، بمشاركة 24 إعلامياً وإعلامية من مختلف وسائل الإعلام الحكومية والخاصة، المرئي والمسموع والمكتوب، وعدد من المواقع الإلكترونية للتركيز على الأساسيات في مجال العنف، وكانت نوعية في المحاور التي تناولتها.
مفاهيم جديدة
المشاركون في الورشة أجمعوا على أهميتها لكونها قدمت مفاهيم جديدة في طريقة العرض، ساهم فيها المدربان جان عدرة مسؤول الشؤون الإنسانية، وهبة أحمد المساعدة في قسم الشباب بصندوق الأمم المتحدة للسكان، من خلال الشرح المبسط، ونقل الأمثلة العملية من الواقع، والطريقة المثلى للمعالجة، فكان التفاعل مع المدربين كبيراً من خلال تركيزهما على التعريف بهذا النوع وأشكاله وجذوره، وكيفية ربطه بمفهوم القوة والسلطة.
ورشات مقبلة في مجالات تتقاطع مع حملة 16 يوماً
وحدد المدربان عدرة وأحمد خلال الجلسات أهداف برنامج الصندوق في سورية، وأشارا للمبادئ الإرشادية في العمل مع الناجيات، التي تتطلب السلامة والسرية والاحترام وعدم التمييز، وكذلك الموافقة المستنيرة، وهي الاتفاق الطوعي بين شخصين أو أكثر يشتركون في علاقة معينة، تستند إلى فهم واضح للحقائق والآثار، والعواقب المستقبلية لهذا الإجراء، وشروط تلك الموافقة المستنيرة تستند لتقديم جميع المعلومات اللازمة، من دون أي إكراه أو تهديد، وكلا الطرفين فوق سن ال15 والفرد سليم عقلياً، وهناك توازن عادل بين الأفراد المعنيين.
وحثت منسقة القسم الخاص بقطاع العنف القائم على النوع الاجتماعي جوس بارتكلين على أهمية دور الإعلام، وفي رصده مختلف القضايا المتعلقة بالعنف القائم على النوع الاجتماعي.
تعريف الإعلاميين
مدير الإعلام التنموي في وزارة الإعلام عمار غزالي قال لـ”تشرين”: هدف الورشة تعريف الإعلاميين على أساسيات هذا النوع من العنف، وهي ورشات تخصصية حول كيفية كتابة التقارير والتحقيقات والزوايا، وإنتاج المواد الصحفية، التي كانت من اهتمام مديرية الإعلام التنموي في وزارة الإعلام، وقد انتجنا كثيراً من المواضيع التي تخص هذا الجانب سابقاً، لأن القضية مهمة في نشر الوعي حول قضايا المرأة، وسيتم إعادة بثها ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهي فواصل درامية حول قضايا المرأة وكيفية التصدي لقضايا العنف، لأن للدراما دوراً كبيراً عند الناس.
صندوق الأمم المتحدة للسكان يولي اهتماماً كبيراً لتدريب الكادر المحلي
ولدينا برنامج عمل في مديرية الإعلام التنموي في الوزارة لإقامة عدد من الورشات المقبلة في مجالات تتقاطع مع هذه الحملة، تتعلق بالإيدز، وباليوم العالمي لحقوق الإنسان وللإعاقة، انطلاقاً من دور الإعلام في نشر الوعي وتسليط الضوء على تلك الجوانب، وتالياً تزويد الإعلاميين بالمعلومات الصحيحة التي تساهم في تثقيفه أولاً، ليساهم في الجانب التوعوي للناس في الدرجة الثانية.
تدريب الكوادر المحلية
ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في سورية د. حِميّر عبد المغري بيّن في تصريح لـ”تشرين” رداً على التساؤل حول تدريب الكوادر المحلية من خلال حضور المدربين جان وهبة، الذي لاقى استحساناً وتقديراً من المشاركين، أن صندوق الأمم المتحدة للسكان يحرص على تنمية قدرات الكادر المحلي، من أجل استمرارية العمل، والصندوق يولي ذلك اهتماماً كبيراً على أعلى المستويات للكوادر العاملة ضمنه، لتكون جاهزة لتدريب الكادر المحلي، سواء كانوا إعلاميين أم من الكوادر الصحية والاجتماعية، نتيجة الأزمة الإنسانية التي تعرضت لها سورية، ويستحيل في فترة وجيزة أن نستحصل على خبير دولي، فلجأنا إلى تنمية خبرات الكوادر المحلية في التدريب هنا أولاً، وإذا كان بالإمكان خارجاً، أو عن طريق تدريبات أونلاين، لتكون جاهزة لتأدية عملها على أكمل وجه، وقد رأيتم ذلك كإعلاميين خلال متابعتكم للورشة على مدى يومين.
اهتمام الصندوق
أضاف الدكتور حِميّر: الورشة تأتي في نطاق اهتمام صندوق الأمم المتحدة للسكان، من خلال مشاركة الإعلاميين ودورهم المهم التوعوي لشرح أهمية الاحتفالية بحملة 16 يوماً لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي، وهي من النشاطات المهمة للصندوق؛ تدريب الإعلاميين لنقل المعلومات الصحيحة للمجتمع، بما يخص قضايا العنف المبني على أساس النوع الاجتماعي على مستوى العالم، وهي واحدة من المخرجات الحديثة أو التحولات التي ينتهجها صندوق الأمم المتحدة للسكان، لتحقيق إستراتيجيات مهمة، لمحاولة إنهاء العنف القائم على النوع الاجتماعي بحلول العام 2030، أما التحدي الآخر فهو خفض الوفيات عند الأمهات، وتلبية احتياجات النساء، وهذا تحدٍّ كبير ليس في سورية فحسب، بل على مستوى العالم.
برنامج طموح في سورية
وأشار د. حِميّر إلى البرنامج الطموح للصندوق في سورية من أبرزه موضوع مناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي، ومن المهم جداً أن نلتفت معاً في هذه المناسبات لتلك التعاريف، ما هو العنصر المبني على أساس النوع الاجتماعي? وكيفية إيصال الرسالة الإعلامية الصحيحة للتعريف بهذه الجوانب المختلفة، ولا شك أن الورشة قدمت المستجدات في هذا الإطار، وعرضت العواقب التي تواجه الجميع وكيفية التصدي لها، وما لدور الرسالة الإعلامية الصحيحة من أهمية في خلق رأي عام إيجابي أو سلبي، ولذلك نأمل أن تكون قد ساهمت في إعداد إعلاميين مناهضين ومناصرين لقضايا المرأة، وخاصة تجاه العنف المبني على أساس النوع الاجتماعي، فحين نمكّن الرجل من تلك المفاهيم في الحديث عن قضايا العنف عند المرأة، ربما قد يفهم من الموضوع محاربة عادات المجتمع وتقاليده، أو مخالفة التشريعات أو الأجيال، أو تصورات الناس ومعتقداتهم ومفاهيمهم، وهنا يأتي دور الإعلام في توضيح الحقيقة وتوظيف المعلومة بالشكل المناسب التي يستطيع المجتمع تفهمها، واللغة العربية فيها الكثير من المفردات المساعدة لذلك، ودور الإعلام مهم هنا في نقل تلك المفردات بطريقة توظيفها في موقعها، فعند الحديث عن الاعتداءات الجنسية وكثير من الإعلاميين أو المجتمعات يخشون الحديث في مثل هذه التعابير، وكأنها نابية ولكنها غير خارجة عن المألوف، إذا وظفت في موقعها للتعاطي مع المشكلة والبحث عن الحلول لها. تشريعات جيدة
محاولة إنهاء العنف القائم على النوع الاجتماعي بحلول العام 2030
وأشار د. حمير إلى حق الناس في الحياة الكريمة من دون أي عنف، وفي سورية هناك تشريعات جيدة، ولا بدّ أن نركز على الجانب القانوني في النصوص القانونية، التي تسهم في الحد من العنف، وعلى سبيل المثال ما صدر مؤخراً حول جرائم الشرف في سورية، وهو جانب مهم في التعامل مع تلك القضايا من وجهة نظر قانونية.
وختم د. حمير بتأكيد أهمية الرسائل الإعلامية الموجهة للمجتمع لكونها حساسة، وخاصة التي تطرح قضايا للنقاش، منبهاً بأهمية الابتعاد عن المكان الذي يشير للمعنفة على سبيل المثال، حتى لو كان الغرض من ذلك مناهضة العنف ضد المرأة، لأننا قد نخلق من وراء الإشارة للمكان ضحية، فيكون التدخل الإعلامي في هذه الحالة محبطاً ومسيئاً للناجية لتصبح بعد ذلك ضحية بدلاً من مساعدتها.