40 % من الأسر السورية تعتمد على التحويلات.. وخبير اقتصادي يشير إلى تراجع يؤثر بشكل سلبي على القدرة الشرائية للمستفيدين
تشرين- يسرى ديب:
ارتفاع الأسعار العالمي بعد الحرب الروسية- الأوكرانية أثر على قيمة الحوالات التي يتم تحويلها إلى سورية.. وذلك بعد الارتفاع الكبير في مواد الطاقة وارتفاع التضخم بنسبة قدرها بعض الاقتصاديين بنحو 9%.
تراجع الحوالات أثر بدوره على معيشة الكثير من العائلات التي تعتمد في تأمين حاجاتها اليومية على الحوالات التي تصلها، وقد سبق للمصرفي عامر شهدا أن قدر تراجع قيمة التحويلات بنسبة لا تقل عن 80% قبل نهاية هذا العام.
يؤثر على الأسواق
وزيرة الاقتصاد الأسبق الدكتورة لمياء عاصي قدرت نسبة الأسر التي تعتمد على التحويلات الخارجية بنحو 40%.
وذكرت عاصي لـ” تشرين” أن هذا الرقم جاء حسب عدة مصادر, وبينت أن هذه الحوالات تمكن الأسر من تأمين تكاليف المعيشة العالية, وتلبية المستلزمات الضرورية للعيش, وبذلك يؤثر انخفاض مبالغ الحوالات بشكل سلبي على القدرة الشرائية للمستفيدين منها، كما يؤثر سلباً على الأسواق, كانعكاس مباشر لحالة انخفاض القدرة الشرائية لهؤلاء الناس.
وقالت عاصي: رغم غياب الأرقام والنسب الإحصائية في سورية, وعدم وجود رقم دقيق لمجموع مبالغ الحوالات الخارجية, والأرقام المستخدمة هي مطروحة من جهات غير رسمية, ولكن يقدر مجموع الحوالات اليومية, بحوالي 5-7 ملايين دولار في السنوات الماضية أي قبل عام 2022، يعني أكثر من 2 مليار دولار سنوياً.
وأشارت عاصي إلى أن نسبة تراجع هذه الحوالات سيكون له علاقة مباشرة بارتفاع معدل التضخم, التي قد تبلغ 25-30%, في كل دول الاغتراب وخصوصاً في الدول الأوروبية المتأثرة مباشرة بالحرب الأوكرانية..
سماسرة ووسطاء
أضافت عاصي: سعر صرف الحوالات حالياً, يساوي سعر الصرف الرسمي وأدنى من سعر السوق الموازية بما لا يقل عن 35 %, وقد استمر هذا الحال لمدة تفوق عشر سنوات, الأمر الذي جعله سعراً غير جاذب للتحويلات عبر الأقنية الرسمية، ونشط التحويل عبر السماسرة والوسطاء..
وركزت عاصي على آثار هذا الأمر بنقطتين مهمتين تتمثلان في: خسارة البنك المركزي لمصادر مهمة للعملات الأجنبية، نتيجة سعر صرف الحوالات المعمول به عبر الأقنية الرسمية.
وتنشيط السوق السوداء نتيجة صرف العملات من خلال وسطاء بشكل غير شرعي, وقبل عدة أشهر قامت مكاتب الصرافة باستقبال الحوالات بسعر أقل من السوق السوداء وأعلى من السعر الرسمي..
بعد كورونا
وفي العودة إلى الوراء قالت عاصي: إن الاقتصاد العالمي عانى في السنوات الأخيرة من أزمات مختلفة، بدأت بجائحة كوفيد 19 التي تسببت بكثير من المصاعب لكل الأنشطة الاقتصادية والإنتاجية وأدى إلى انخفاضها بشكل كبير، وهذا بدوره أدى إلى خلل في سلاسل الإمداد العالمية, وبدأت موجات من ارتفاعات أسعار السلع والخدمات, أي ارتفاع معدلات التضخم عالمياً.
الحرب الأوكرانية
لتأتي بعد ذلك , تداعيات الأزمة الأوكرانية في بداية عام 2022 , وما سببته من تفاقم في ارتفاعات أسعار السلع الغذائية كالحبوب والزيوت ولوازم القطاع الزراعي من الأسمدة وغيرها, ، كل ذلك انعكس ارتفاعا على معدلات التضخم, وأدى الى ارتفاع تكاليف المعيشة من جهة, وانخفاض الأجور من جهة أخرى , وبالتالي انخفاض المبالغ التي يستطيع المغتربون السوريون في الخارج إرسالها إلى ذويهم من خلال الحوالات الخارجية..
جفاف السيولة
يضيف خبير إدارة المخاطر ماهر سنجر: هناك أكثر من سبب أثر على حجم الحوالات ليس باتجاه سورية فقط, وإنما باتجاه الكثير من الدول العربية ومن بينها سورية وهي: أولاً وباء كورونا الذي سبب إغلاقات كثيرة, ورفع من كلف العمليات التجارية إضافة للنتائج التي حصلت عن وباء كورونا, وجفاف السيولة الذي تعاني منه معظم دول العالم.
أضاف الخبير سنجر: من العوامل أيضاً الحرب الروسية- الأوكرانية وارتفاع أسعار حوامل الطاقة وكذلك أزمات الغذاء العالمية, وكلها مؤشرات لركود اقتصادي عالمي.
ارتفع الانفاق
وأشار سنجر إلى أن الحوالات التي تصل سورية مصدرها إما دول الخليج أو أوروبا, والظروف الاقتصادية الحالية أثرت على كمية الوفر والادخار عند الأفراد وبالتالي الحوالات, رغم أن الدخول لم تنخفض, ولكن ارتفع الانفاق، يضاف لذلك حالة عدم الاستقرار عند دول الجوار التي أثرت على حجم الحوالات أيضاً.
وأشار سنجر إلى أن هناك الكثير من الدول التي حصلت عندها حالة من التضخم, وكلما ارتفع التضخم أدى إلى جفاف في السيولة أكثر, وكلما ارتفع التضخم أيضاً يتم علاجه برفع سعر الفائدة في معظم دول العالم من خلال البنوك المركزية.
وفي علم الاقتصاد رفع سعر الفائدة يعني انخفاض بحجم السيولة المتداولة, لكبح جماح التضخم وارتفاع الأسعار لكي لا يؤثر على القدرة الشرائية.
وهذا بدوره سيسبب جفاف سيولة يؤثر على الأفراد ومن ثم الشركات من خلال حوالات تختص بالشركات, حيث سينخفض حجم العمليات التجارية والتبادلات التجارية مع الأيام.