ملف «تشرين».. هل تعكس قمة الجزائر في ظل غياب سورية تطلعات الشعوب العربية للمّ الشمل ونبذ الشقاق؟

من قمة دمشق 2008 إلى قمة الجزائر 2022.. لماذا يخافون «لمّ الشمل»؟

..  أو ربما يكون الأصح أن يُطرح ذلك السؤال بصيغة أخرى: لماذا لا يريدون لمّ الشمل؟

الجواب معروف للأغلبية كما هو معروف مَنْ المقصود، بل إن هذا المقصود يُعلن ويُجاهر.

حتى اللحظة الأخيرة ستبقى محاولات «تفريق الشمل» تحاصر القمة العربية التي تستضيفها الجزائر اليوم وغداً.. هذه المحاولات ستكون الحاضر الأول والأكبر خلال اجتماعات القمة، ونقصد هنا الاجتماعات البعيدة عن أعين الإعلام، اجتماعات الكواليس والغرف المغلقة حيث «المواجهات» الحقيقية وحيث تنتهي الأمور إلى ما لا يَسُر وما لا تحْمد عقباه.. على الأقل هذا ما اعتدناه طوال العقد الماضي حتى بات انعقاد القمة العربية عبئاً ثقيلاً على أي دولة لما تتعرض له من تهديدات وضغوط وعمليات ابتزاز ومساومة على سيادتها وأمنها، لكن الجزائر تصدّت لهذه المهمة واختارت أن تحمل العبء الثقيل وأن ترفع شعارين«هدفين» له: فلسطين، ولمّ الشمل.. في رسالة واضحة جداً لكل من يعنيه الأمر بأن هذه الأمة ما زال فيها من يؤمن بفلسطين والعروبة والوحدة العربية وأن استعادة هذه الوحدة ليست مستحيلة.. وأن هناك من يعمل في سبيل ذلك.

لذلك، كنا نجد أن مكان انعقاد القمة، أي الجزائر، يطغى على القمة نفسها، وكانت تحركات الجزائر، طوال الأشهر الماضية في سبيل لمّ الشمل، محور تحركات مضادة لإفشال هذا المسعى، وكثيرون رأوا أن الجزائر سجلت أول محطة فشل لها في سورية، فكيف يمكن لمّ الشمل من دون سورية وهي عموده الفقري.. وتالياً كيف يمكن تحقيق اختراقات إذا فشل لمّ الشمل، حيث كل الملفات والقضايا المطروحة على طاولة القمة مرتبطة حُكماً به.

بالعموم.. لا أحد، حتى من المغالين بالتفاؤل، يتوقع أن تحقق قمة الجزائر اختراقاً مؤثراً، أو أن تحقق إجماعاً حيال قضية عربية واحدة، أو أن تقدم مبادرة جامعة جادة لحل الأزمات العربية التي تتسع وتتعمق وتتشابك.. هذا ليس تشاؤماً مسبقاً، والفشل حُكماً ليس مردوداً على الجزائر التي تستضيف قمة للأمة انحدر حال دولها والعلاقات بين بعضها بعضاً إلى مستوى لم يكن يحلم به العدو نفسه حتى إنه لم يعد يحتاج إلى التآمر أو تجنيد من يتواطأ ويتآمر.. ومن يقتل ويدمّر ويخرب.

بعد عقد من «ربيعنا» المشؤوم، وقبله عقد من التواطؤ العربي، استحالت كل بقعة جغرافية على امتداد الأمة إلى بقعة ملغمة متفجرة بوجه الأخرى، وبات الخارج لزوماً لازماً، كبر دوره واتسع حتى طغى، وبات له شأن وكلمة وقرار في كل قضية ومسألة، لتسقط الأمة في فخ التكتلات والحسابات الضيقة وصولاً – من بعض دولها – إلى الاستقواء بالعدو نفسه على بعضها الآخر.

في كل قمة عربية عقدت بعد اندلاع ما يسمى «الربيع العربي» أواخر عام 2010 حتى قمة الجزائر اليوم، كانت «قمة دمشق» حاضرة، ونعني هنا القمة العربية التي استضافتها سورية عام 2008، حتى ذلك العام كان العراق وغزوه وتدمير عام 2003 واحتلاله أميركياً، الحدث الحاضر في كل قمة عربية، حتى إنه طغى على القضية الفلسطينية نفسها.. حينها كان الاعتقاد السائد بأنه بعد العراق لن يكون هناك من كارثة عربية أكبر، وأن العرب، جميع العرب، يُفترض أنهم تعلموا الدرس جيداً باتجاه الوقوف إلى جانب العراق والحيلولة دون وقوع كارثة أخرى مماثلة.

لكن كارثة العراق كانت مقدمة فقط، بل كانت الأقل كارثية، مقارنة بما حمله «الربيع العربي» الذي عمم الكوارث والدمار على كامل الجغرافيا والديموغرافيا العربية.

لنعد إلى قمة دمشق 2008 ولماذا تحضُر في كل قمة عربية؟

في قمة دمشق، حضر القادة العرب ما قبل «الربيع العربي»، وحضر العراق ومعه قضية إعدام رئيسه صدام حسين على يد المحتل الأميركي، رغم أن الإعدام كان قد مضى عليه عامان «10 كانون الأول 2006».. كان هناك من تنبأ بالربيع العربي، فكل ما كانت تمر به الساحة العربية كان يقود إلى أن غزو العراق وتدميره وتحويله إلى «دولة فاشلة»، هو مقدمة لكوارث تبدأ ولن تنتهي إلّا بتحول الأمة بمجملها إلى دول فاشلة وضمان ألّا تقوم لها قائمة.. كل دولة عربية «سيلحقها الدور»، هذا ما قاله الرئيس الليبي السابق معمر القذافي في قمة دمشق، الذي اغتيل بدوره على يد المحتل الغربي الذي تم استدعاؤه لغزو ليبيا وتدميرها وتحويلها إلى دولة فاشلة كما العراق.

في كل قمة عربية يستحضرون خطاب القذافي أمام قمة دمشق 2008.. حينها قال: بعد ما جرى في العراق وبعد ما كان من إعدام رئيسه صدام حسين «لا شيء يجمعنا أبداً إلّا هذه القاعة».. «كانت أميركا صديقة لصدام حسين، أنتم أصدقاء أميركا، نحن أصدقاء أميركا كلنا.. قد يأتي الدور عليكم كلكم.. وقد توافق أميركا على شنقنا يوماً ما.. واحداً بعد آخر». في إشارة إلى إعدام صدام حسين شنقاً.

طبعاً لم يكن المقصود بـ«أصدقاء أميركا» كل الدول العربية.. صحيح أن القذافي لم يذكر أسماء بعينها، لكن أصدقاء أميركا معروفون. وبعد عامين كانت ليبيا هي التالية.. وتوالت الكوارث.

في القمة العربية التي تبدأ في الجزائر اليوم الثلاثاء باتوا يتندرون حتى على الشيء الوحيد الذي كان يجمع العرب، أي القاعة، حسب القذافي.. حتى هذه القاعة لم تعد تجمعهم، صحيح أنها كانت تجمعهم ولو على ضغائن وعداوات ولكنها في النهاية كانت تجمعهم، وكانت فرصة بالحد الأدنى ليجتمعوا ويتواجهوا وإن خرجوا بعدها على غضب وتناحر وتباعد.. اليوم لا يريدون الاجتماع.. ولا التواجه.. ولا حتى المعاتبة واستيضاح المواقف والأحداث، أغلبهم بات يختار التباعد.. وفي سنوات ما يسمى «الربيع العربي» اختاروا التباعد على تآمر وخيانات و«غرف عمليات» عسكرية وإر*ها*بية لإسقاط هذه الدولة أو تلك،  ليكملوا بذلك ما بدأته أميركا في العراق.

مع ذلك لا يمكن نكران أن من يخافون «لمّ الشمل» أو لا يريدونه، حققوا مكاسب وامتيازات من وراء الكوارث العربية المتتالية بدءاً من العراق وهم كانوا أول المتآمرين عليه.. تسيدوا الساحة أمراً ونهياً.. ولنتذكر هنا كيف كانت الجزائر هدفاً لهم في سنوات «الربيع الأولى»، ولكن ارتدّوا عنها مُجبرين باتجاه دول عربية أخرى.. وعلى قاعدة أن الجزائر يمكن وضعها في الانتظار حتى يحين الوقت المناسب، وبعد أن تكتمل أجندات الربيع العربي في دول أخرى.

الآن.. كيف يمكن للجزائر أن تعقد قمة عربية ناجحة في هذه الأجواء المسمومة؟ كيف يمكن لها أن تحقق اختراقات أو معجزات وفق تعبير المراقبين والمحللين إذا كانت نسبة الرافضين لـ«لمّ الشمل»، أو لنقل المتضررين منه، أكبر من نسبة الداعين والداعمين والمستفيدين منه؟ هنا لا يمكن احتساب الدول العربية التي تحولت فاشلة ومضطربة مع سنوات «الربيع العربي» في أي من الجانبين، باعتبار أن قمة اليوم «كما سابقاتها خلال عقد مضى» تبحث أزماتها وكيفية مساعدتها، أي إنها تحضر القمة كمستمع وليس كمُقرِر.. وعلى قاعدة «حكم القوي على الضعيف».

هذا ونحن لم نتحدث بعد عن قمم عربية مصغرة، وأخرى إقليمية، وعن تكتلات واتفاقات وتحالفات ومصالح خارجية.. كلها باتت بديلة عن القمم العربية الجامعة «حتى باتت مسألة انعقادها أمراً يخضع للجدل والمجادلة وحتى الرفض».. أكثر من ذلك باتت مسألة فشل ونجاح القمم العربية مرهونة بمن يحضرها ومن يغيب عنها، ولأن الجزائر بخطها العروبي القومي ودبلوماسيتها الجامعة ورفعها شعار «لمّ الشمل العربي» فإن قمتها كانت مستهدفة وكانت محاولات إفشالها تسابق الزمن حتى على مستوى إحباط انعقادها.. وعليه كانت خريطة الغياب والحضور متوقعة، وكانت الجزائر في صورة المهمة الصعبة جداً، إن لم نقل المستحيلة، ومع ذلك اختارت أن تتصدى للمهمة مستندة إلى إرثها النضالي المقاوم وإلى محطات تاريخية فاصلة استضافت فيها القمة العربية «في عام 1973 بعد حرب تشرين التحريرية، وفي عام 1988 عقب اندلاع الانتفاضة الفلسطينية، وفي عام 2005 بعد سلسلة أحداث عصفت بالساحة العربية منها اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري وغزو العراق».

هذا وغيره كثير، لطالما أعطى الجزائر مكانة خاصة وأكسبها مصداقية.. ربما من هنا يأتي بعض التفاؤل.. وما علينا سوى الانتظار على أمل أن نرى ترجمة له في مخرجات قمة اليوم.

قمّتنا العربية المجيدة!

ما كنت لأكتب عن القمة الآتية لا ريب فيها ولا ريب في عجزها عن تحقيق أمنيات الشعوب العربية، لولا أنّ حلمنا طال بلا جدوى، ولولا أنّ الخطأ المنهجي يكمن في الرهان على الوهم، فالقمم العربية تخضع لإجراءات توافقية تشرف عليها جامعة الدول العربية.

تبدو الشقيقة الجزائر معنية بنجاح هذه القمّة، حيث مجرد قيامها في أي بلد هو مكسب دبلوماسي لذاك البلد، ويحوله إلى محور اهتمام إعلامي إقليمي ودولي، وهذا حقّ مشروع ومهم ولافت، لكن القمة ومخرجاتها لها علاقة بالوضع العربي وهي تتجاوز الدول المضيفة مهما بدت نياتها، كما أنّ مخرجاتها تخضع لإجراءات إجماعية لا يتحكم فيها البلد المضيف، فلقد عشنا تاريخاً من القمم العربية التي تحمل معها أمنيات فائقة، وتخرج بقرارات متواضعة، في قمم سابقة كانت فلسطين محور النقاش أيضاً، وفي بعضها كقمة فاس 1982، تغيبت دول كليبيا ومصر، وخلال قمم عديدة تلاسن العرب وخرجوا بخفي حنين.

سعت الشقيقة الجزائر عبر رحلات مكوكية لإقناع السعودية والإمارات والبحرين في سياق تعزيز علاقات متينة بين البلدين لحضور القمة، لكننا سنفاجأ بقرار غياب قادة هذه الدول رغم الإلحاح السابق، وهذه مؤشرات على أنّ العرب غير متفقين من البداية، وبأنّ لا دولة عربية بما فيها المضيفة، لا تحتفظ بمعضلة تجاه الأخرى، وهذا مؤشر فشل قمّة لم تحسم أمرها، ولم تقم بالمقدمات المنطقية لتبديد الخلاف العربي، فالذي يريد حلّ المعضلة العربية والتخفيف من الأزمات، يجب ألّا يكون طرفاً في الأزمة، لكننا لا حظنا أن النزاع العربي- العربي ازدادت وتيرته حتى قبيل قيام القمة، ما يؤكد عدم جدية العرب لتجاوز خلافاتهم.

نجاح أي قمّة هو نجاح للعرب، لكن العرب مختلفون حتى حول القمّة التي باتت رهاناً للمزايدات والمناكفات، وكأنّ الهمّ الأقصى هو قيامها وليس ما تستطيع أن تحققه من مكتسبات للعرب، كان من المفترض ألّا تقوم قمّة في سياق مشحون بالصراع والتناقض، وأن تتحرك الدبلوماسية العربية لتقريب وجهات النظر وخفض التوتر بين الأشقاء قبل قيامها، فلقد لاحظنا أن كل قطر يحمل معه رؤية وأجندات اصطفافية معينة يتأبّطها كبرميل بارود لتفجير الميثاق العربي، وحين نقول الأقطار العربية، فإنّنا نعنيها كلها، فلا أحد ممن سيحضر القمّة يحمل همّاً عربيّاً ملائكياً حقيقياً يزكيه الميثاق العربي خارج لعبة التأويل، وكل بلد عربي يشكو  إضرار الآخر، فالأقطار العربية اصطفت ضمن رهانات لا يؤطرها الميثاق العربي، بقدر ما يؤطّرها مخططها القطري.. أقطار لا تحترم سيادات بعضها البعض، وتنتهك حرمة بعضها ، وتسيء ، وتتآمر على بعضها ، يأتي العرب إلى القمّة وهم في وضعية صراعية وعصبية وافتات بيني، حتى الحلم العربي الجماعي أكلته المقاتل والمزايدات والمؤامرات، وكنا نتمنّى أن تنشط الدبلوماسية العربية لتقريب وجهات النظر، والخروج بما يحقق الالتئام والتضامن، ويخرجنا كعرب من الشّنآن والتربص وليّ أذرع بعضنا البعض، لتكون القمة ناجحة حتماً.

نرفع عنوان خيبة الأمل مسبقاً حتى لا تصدمنا مخرجات قمة خرجت من الخيمة مائلة، وما خرج مائلاً من الخيمة يوشك أن يسقط بعد خطوات.

ماذا في وسع قمّة في شروط مزرية أن تقدم لفلسطين مهما توسلنا بذلك، وعلى أهمية الشعارات في هذه الظرفية، إن كانت الأنظمة العربية تلعب فوق الطاولة وتحتها؟ ماذا سنفعل لفلسطين وقد بصم الكل على حلّ الدولتين؟ ماذا سنفعل لفلسطين ولم نقدم لمقاومتها سلاحاً؟ فالعرب قدموا الكثير من الشعارات لفلسطين، واليوم لم يعد كل هذا ينفع، لقد أصيبوا بسمنة الشعارات، وباتت فلسطين صيحة في المزاد العلني العربي.

ثم ما الذي يمكن أن تأتي به قمّة، كل من اجتمع فيها لن يكون همّه الشعوب العربية، ونحن نعلم أنّ معظم من حضرها يعاني من احتجاجات شعبية مطلبية مشروعة وعادلة، فنظم غير قادرة أن تؤمن حقوقاً بسيطة لشعوبها وهي لا تعاني من حصار، ما الذي يمكنها أن تقدّمه للأمة العربية.

العلف الشعاراتي الذي يرعى عليه قطيع الميديا، ليس مقنعاً، والذين همّهم الدّفاع عن الأنظمة وظيفياً أو طمعاً، سيجدون أنفسهم في وضعية حرجة قد يكون الصمت فيها أنبل من الضجيج، فالوضعية العربية معقدة، وليس في القنافذ أملس.

ثمة ظاهرة إضافية في البيداء العربية، ألا وهي أنهم افتقدوا لمنطق الحلم نفسه، فأصبحت أحلامهم ضرباً من المغالطة، لأنّهم يحلمون بما لا يريدونه، هم لا يريدون الوحدة العربية، وهم يريدون البقاء على حالة الكيد والتآمر، مصرون على حماقاتهم، ولكنهم يتوهمون بأحلام مغالطة.

ثمة مؤشرات تؤكد أنها قمّة فاشلة، وهذا هو الدليل:

– يدخل العرب قمتهم وهم مصرّون على المواقف السياسية الزمنة

– يدخل العرب القمة والكل يسعى لتكريس نفسه بطلاً

– عدم حضور سورية مؤشر أساسي على أنها فاشلة

– غياب أرضية متفق عليها تؤطّر فعاليات المؤتمر

– غياب الوضوح في العناوين والحضور والأجندة

– اصطفاف بعض العرب ضدّ المقاومة العربية وإرادة الشعوب

خيبة الأمل هذه ليس بالضرورة تتعلق بمن سيحضن هذه القمة، ففي نهاية المطاف لا بدّ من حاضن عربي، وسواء أقيمت هذه القمة في الجزائر أو في المغرب أو تونس أو جيبوتي أو جزر القمر، فهي من حيث سياقها الراهن وشروطها الجيوسياسية ووضعية العرب وتشظّي أحوالهم، لن تأتي بشيء معجز، إن لم تكن رصاصة الرحمة على الميثاق العربي، كما أن فشل القمة هو فشل العرب وليس بالضرورة فشل محاولة المُضيف.

إنّ ضيوف القمة متخاصمون، متنابذون، وعصبيون، وغير مستعدون للتنازل عن خياراتهم، والتودد لبعضهم، بل سيحضرون، وسيتنابذون، وأقسم بقصيدة قمم لمظفر النواب أنهم سيعودون إلى المربع الأول: اتفق العرب على ألّا يتفقوا.

لأنها على أرض الجزائر

منذ أن انطلق المؤتمر التأسيسي لجامعة الدول العربية بأنشاص في أيار عام 1946 انعقدت ثلاثون قمة كان منها على أرض الجزائر ثلاث قمم عربية تميزت كلها بأنها جاءت في مواقيت شديدة الحساسية تبعاً للظروف التي انعقدت فيها، فالأولى التي انعقدت 26 تشرين ثاني 1973 كانت بعد قبول العرب للقرار 338 الصادر عن مجلس الأمن بخصوص وقف إطلاق النار، وفيها خرجت القمة بشرطين للسلام أولاهما انسحاب “إسرائيل” إلى حدود 4 حزيران 1967، وثانيهما استعادة الشعب الفلسطيني لكامل حقوقه، والمؤكد أن مخرجات القمة محاولة لترجمة الانتصار العسكري إلى مكاسب سياسية، والثانية الطارئة كانت في 7 حزيران 1988 التي انعقدت بدعوة من الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد بهدف دعم الانتفاضة الفلسطينية في الأراضي المحتلة، وإدانة العدوان الأمريكي على ليبيا الذي جرى في نيسان من العام 1986، في محاولة لتهيئة مناخات داعمة لتلك الانتفاضة ولإرسال رسالة واضحة للغرب حول ضرورة احترام سيادة الدول، أما الثالثة فكانت في 22 آذار 2005 أي بعد مرور خمسة أسابيع على اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري الذي أريد له أن يكون زلزالاً يعصف بالمنطقة على امتدادها انطلاقاً من مركزها السوري،  الأمر الذي تكشف من خلال «الاستثمار» الذي راحت تمارسه قوى عربية، مدعومة غربياً، لإحداث انزياح في مركز الثقل العربي تصبح معه دول الخليج، بقيادة سعودية، المحور الأساس و«بيضة القبان» التي كانت ممثلة بمحور دمشق- القاهرة على مر مراحل التاريخ، والمؤكد أن سلسلة الانهيارات الحاصلة في المنطقة قبل نحو عقد من اليوم كانت تعبيراً عن ذلك الانزياح الحاصل بفعل انكفاء مصر عن دورها التاريخي بعد نجاح الغرب في دفعها وراء حدودها منذ أواخر السبعينيات، ومحاولة تحجيم الدور الإقليمي السوري، الذي جرى بعد شباط 2005، إتماماً لذلك الفعل.

كان من المقرر للقمة العربية الواحدة والثلاثين، التي ستنطلق أعمالها بالجزائر اليوم، أن تنعقد العام الماضي على أرض الجزائر التي أعلنت حينها وعلى لسان رئيسها أن «قمة عربية، من دون حضور سورية، لن تنعقد على أرض الجزائر» والتصريح إياه، الذي يصح وصفه على أنه أهم قرار تتخذه دولة عربية ما بعد هبوب رياح ما يسمى «الربيع العربي» عام 2011، كان تعبيراً عن إصرار جزائري آنذاك، والذي استمر حتى مطلع خريف هذا العام قبيل أن «تحل» دمشق الجزائر من وعدها ذاك، وهو يحمل في حيثياته محاولة لإعادة التوازنات القائمة في المنطقة بما يعيد منظومة الأمن الإقليمي التي كانت قائمة قبل قمة الجزائر 2005 إلى سابق عهدها.

كانت حرب حزيران 1967، التي حدثت هزيمتها بفعل ظروف دولية شديدة التعقيد من دون أن يعني ذلك انتفاء مسؤولية الأنظمة العربية في ذلك الفعل، ترمي إلى التأسيس لبدء مرحلة انحسار القومية العربية والفكر القومي العربي، مفسحة المجال بذلك لحلول نزعات سيادية ضيقة في بعضها، وأخرى تابعة لـ «الإسلام السياسي» في بعضها الآخر، والمؤكد هو أن ذلك المشروع كان قد حقق نجاحات وازنة لا بأس فيها، والشاهد هو المآلات التي سارت المنطقة إليها ما بعد الهزيمة، وهي في المجمل عملت على تصدير صورة واقع عربي مأزوم بدرجة تثير رغبات الخارج الذي راح يشحذ سكاكينه لتقطيع أوصالنا من الوريد إلى الوريد إن استطاع.

مشروع الجزائر، الذي تشي به مواقفها وطبيعة تحركاتها السياسية، يقوم، في الإيديولوجيا، على ضرورة إحياء القومية العربية كضرورة حضارية لا بديل لنا عنها، وكهوية يعرفنا بها العالم لا غنى عن حملها، ويقوم، في الخط السياسي، على ضرورة تغيير الواقع والدور، العربيين، بما يجعل من «الكتلة العربية» ثقلاً وازناً في المنطقة يمكن من خلاله فرض معادلات جديدة قادرة على تحقيق مصالحهم، وإذا ما كان المحور الأول، الإيديولوجي، من الصعب أن يلقى إجماعاً قياساً لارتباط العديد من الأنظمة العربية بمحاور خارجية لا تزال تدعم مشاريع نقيصة من نوع «الإسلام السياسي»، فإن من المقدر للمحور الثاني، الخط السياسي، أن يحظى بقبول كبير، خصوصاً أن الولايات المتحدة تسعى اليوم لإقرار قانون يقضي بمعاقبة «أوبك بلس» بعد تصويتها الشهير 5 تشرين الأول المنصرم على تخفيض إنتاجها من النفط بمقدار مليوني برميل يومياً، والمؤكد هو أن القرار سيكون مفصلاً على مقاس دول الخليج بالدرجة الأولى.

هذا «القبول» قد يؤسس لمصالحات كبرى مع الذات ومع الآخر، وقد يؤسس أيضاً لمرحلة جديدة من شأنها أن تصدر للخارج صورة جديدة عن عالم عربي متلاحم، أو أقله، متضامن، وهو أمر فيما لو نجحت الجزائر فيه فلسوف يكون مقدمة لاستعادة «كتابة تاريخنا» بعد أن اقتربنا من أن نصبح خارجه.

قمّة الجزائر.. سورية الحاضر الحاضر

لا تصح أي قمة عربية من دون سورية، ولا يصل أي ملف من ملفات القضايا العربية المُلحة والمُحقة إلى خواتيمه الإيجابية من دون سورية، لا نقول ذلك من باب التعصب الأعمى وإن كان يحق لنا، ولكن هذا مؤكد على مدى سنوات ولاسيما العشرية الأخيرة، حيث حُرمت سورية من مقعدها في الجامعة العربية وبعدها كانت جميع قمم الجامعة بلا انتماء أو جدوى وبلا نتائج ،إنما استعراض فقط بل تكالب على البعض – مع استثناءات، وآخر قمة مُجدية كانت قمة دمشق 2008.

لكن ذلك لا يعني أننا نضع العصي في دواليب القمة العربية التي تبدأ اليوم في الجزائر وتختتم غداً، ولا أن نقللّ من أهميتها، بل على العكس تماماً  يكفي أنها في جزائر النضال لتكون قمة جديدة ومغايرة، ويمكن عدّ قمة الجزائر انطلاقة جديدة لإعادة البوصلة لمسارها الصحيح على درب لمّ الشمل العربي ونبذ الفرقة وتغليب التوافق قدر المستطاع ومحاولة إيجاد دينامكية جديدة على مستوى العمل العربي المشترك في ظل التحديات التي تشهدها المنطقة والوضع الدولي عموماً.

أهمية قمة الجزائر، تتلخص في ثلاثة محاور مركزية ومهمة في آن معاً:

المحور الأول: رغم عدم حضور سورية، لكن لا يمكن عدّها «الحاضر الغائب» في أي حال من الأحوال، بل هي الحاضر الحاضر، الحاضر الذي أراد من خلال غيابه الطوعي التمهيد لعوامل لمّ الشمل العربي وسد الذرائع وقطع الطريق أمام أي خلافات قد تحدث نتيجة رفض البعض للحضور السوري، فما يهم سورية الاتفاق، وهو أحوج ما تكون إليه المنطقة راهناً ولاسيما في سياق القضية الفلسطينية وضرورة التوحد وتكاتف الجهود لمناهضة المحتل الإسرائيلي الغاصب والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني في نضاله لتحرير أرضه، وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس، وقطع الطريق أمام مسلسل التطبيع، فالغاية هي العمل وتوحيد الكلمة والصف العربي بما يخدم جميع قضايانا من فلسطين إلى اليمن وسورية وليبيا والعراق ولبنان، فجميعها قضايا مُلحة تحتاج حلولاً لن تُبصر النور إلّا بالعمل العربي المشترك، و بالحضور السوري حتماً.

المحور الثاني: القضية الفلسطينية، التي تعدّها الجزائر أمّ القضايا، وجعلتها عنواناً للقمة ومهدت لها سابقاً بمصالحة فلسطينية على أراضيها، وهنا تأكيد على مركزية القضية الفلسطينية، ووضع العديد من الدول العربية التي ركبت قطار التطبيع أمام مسؤوليتها، في محاولة جزائرية – سورية في آنٍ معاً لوضع حدٍّ لزمن التخاذل والهرولة نحو التطبيع، وبالنسبة للجزائر فهذا ليس غريباً عنها، وعن تاريخها المرتبط بالقضية الفلسطينية ودعمها اللامشروط واللامحدود، والتي قال عنها الراحل هواري بومدين في عام 1974: «أنا مع فلسطين ظالمة أو مظلومة» أي إن دعم فلسطين حالة متأصلة لدى الجزائريين عبر التاريخ، ولا ننسى أن الجزائر تمثل عقدة للصهاينة.

المحور الثالث: إنها في الجزائر، ذات الإرث النضالي والمقاوم، الهادف دائماً إلى مقاومة المحتل، أي محتل لأي أرض، والمدافع عن القضايا المحقة العادلة، ويشهد للجزائر رفضها الانجرار وراء موجة التطبيع مع الكيان الإسرائيلي الغاصب، ودعمها الحلول السلمية والحوار في مختلف القضايا، وحرصها الدائم على عودة سورية لتأخذ دورها الفاعل والوازن والمؤثر في الجامعة العربية، كما أنها، لم تسجل موقفاً سلبياً تجاه أي من الدول العربية، ناهيك بأن الجزائر تدرك ماهية الاستعمار والاحتلال وويلاته، لذلك تدفع دائماً نحو تحرير الأرض ومقاومة المحتل، وهي مع سورية قلباً وقالباً، وبدأت دعوتها للقمة بالدعوة لعودة سورية للجامعة.

أن تكون القمة في الجزائر يعني أن سورية حاضرة قولاً وفعلاً، نظراً للتماهي بين الجانبين في المواقف والآراء والتوجهات وحمل الهم العربي والسعي الدائم للتوافقات، فالحضور ليس مرتبطاً بمقعد بقدر ما هو مرتبط بالفعل، وسورية رغم تجميد مقعدها بقيت على الدوام حاملة للهم العربي وداعية للتوافق وتقريب وجهات النظر وستبقى على هذا الدور دائماً، وكما تتولى سورية الدفاع عن المصالح العربية في كل المحافل الدولية، رغم ما حلّ بها، تلاقيها الجزائر دائماً في التعبير عن الهواجس العربية والدفاع عن المصالح العربية في كل المحافل الدولية.

انطلاق أعمال القمة العربية «31».. جهود حثيثة للجزائر لـ«لم الشمل» ورأب الصدع

تنطلق اليوم في العاصمة الجزائرية أعمال القمة العربية في نسختها الحادية والثلاثين.

وتأتي هذه القمة، بعد توقف 3 سنوات، حيث كان من المقرر عقدها في آذار 2020، إلا أنه تم تأجيلها نظراً لظروف وتداعيات جائحة كورونا آنذاك.

وتستضيف الجزائر هذه القمة، وهي الرابعة،  التي تعقد هناك، وما يميزها عن غيرها أنها أول قمة رقمية بعيداً عن الأوراق، فيما كانت أول قمة استضافتها الجزائر في  1973 في أعقاب حرب تشرين التحريرية.

لم الشمل

لقد جاء تنظيم هذه النسخة من القمة العربية تحت شعار «لم الشمل»، وهو ما تؤكده الدبلوماسية الجزائرية وحديثها الدائم وسعيها لرأب الصدع وتوحيد الصف العربي،  ووضع حلول للتحديات التي يواجها العرب.

وفي هذا الخصوص ركزت الجزائر جهودها، خلال فترة التحضير على موضوع «لم الشمل» العربي، وتمسكت بالقضية المركزية، أي القضية الفلسطينية، التي سوف تناقشها القمة العربية بمعنى محاولة توحيد صف الفلسطينيين للحصول إلى صيغة تفاهم،  وهذا وحده كاف، إذا خرجت به القمة.

كما تهدف القمة إلى تضافر العرب لمواجهة العواصف السياسية التي تضرب العالم كله، خاصة المشاكل التي تواجهها بعض الدول العربية.

أهداف كبيرة 

جدول أعمال حافل تمت مناقشته في الأيام السابقة عبر المندوبين ووزراء الخارجية العرب، وبات على طاولة المشاركين فيها اليوم.

وحسب خبراء ومراقبين فإن أهم المخرجات التي من المرجح أن تخرج بها القمة هي ضرورة التصدي للأزمات التي تواجه العرب، وأيضاً محاولة العمل لتحقيق الأمن الغذائي العربي.

كما سيكون الملف الاقتصادي من أهم الملفات التي يسلط الضوء عليها.

 تحديات مشتركة

تواجه غالبية الدول العربية تحديات يجب مواجهتها وحلها، تحديات اقتصادية وسياسية وغذائية وأمنية عدة وهو ما يتطلب «تكاملاً عربياً مشتركاً».

أيضاً المنطقة تواجه عدداً من التحديات والأزمات والارتدادات السياسية والاقتصادية والغذائية.

و تأتي القضية الفلسطينية في صدارة الاهتمام، إضافة إلى الأزمات في بعض الدول العربية التي تشهد أوضاعاً غير مستقرة.

وستكون العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا وتداعياتها، حاضرة أيضاً، إلى جانب ملف الإرهاب وتأثيره على المنطقة.

كما يحضر ملف الأمن الغذائي العربي، وأزمة الطاقة.

وفي الشأن الإقليمي سيتم التطرق إلى التدخلات الإقليمية، كما ستطرح قضية  إصلاح الجامعة العربية.

وكانت الجزائر قد أجلت عقد القمة عدة مرات للخروج بمؤتمر يليق بها، حيث استضافت في تاريخها قمماً سابقة، حيث بدأت الأولى في 1973 بعد حرب تشرين  مباشرة، وأخرى عقب الانتفاضة الفلسطينية 1988 والثالثة كانت في 2005 بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري.

يذكر أن آخر قمة لجامعة الدول العربية، التي تضم ٢٢ دولة، عقدت في آذار ٢٠١٩ في تونس.

ما الظروف الإقليمية والدولية لعقد القمة العربية في الجزائر؟

تعقد القمة العربية في ظل مناخ دولي معقد، حيث الكثير من الأسئلة والهواجس التي تشغل العالم العربي شعوباً وأنظمة.

هي أسئلة إستراتيجية يتوجب على النظام العربي والإقليمي أن يُجِيبَ عنها, فهناك الحروب التي تشهدها أكثر من دولة عربية، وهذه الحروب تغذيها دول عربية، وأخرى إقليمية، ودولية، ورغم مرور أكثر من عشر سنوات من بداية ما يسمى «الربيع العربي»، فلغاية الآن لم ترس هذه الدول على تسويات سياسية تخرجها من أزماتها البنيوية، لاسيما أنَّ الحلول لم تعد بأيدي الدول العربية، بل أصبحت تتحكم فيها الأطراف الإقليمية والدولية.

بعد أكثر من أربعة عقود من عقد اتفاقيات كامب ديفيد عام 1979، انتقل العالم العربي من مرحلة التسوية إلى إبرام اتفاقيات التطبيع مع العدو الصهيوني، «منذ العام 2020، إذ فرضت بعض النظم السياسية العربية التي وقعت هذه الاتفاقيات، على شعوبها الرضوخ السريع لـ”إسرائيل” كصديقة وحليفة» والإسرائيليين كأصدقاء وحلفاء في زمن قياسي ومفاجئ، وإن كانت هناك مقاومة حقيقية للتطبيع في العديد من الأقطار المطبعة.

وتكمن خطورة هذه الاتفاقيات التطبيعية، في تقليص حجم التأييد للقضية الفلسطينية، لاسيما في ظل بناء هذه الأنظمة العربية تحالفات إستراتيجية مع الكيان الصهيوني في مجالات الاقتصاد والاستثمار والثقافة والتعليم والاتصال، والمؤسسات العسكرية والأمنية، كونها تشكل سنداً اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وأمنياً وعسكرياً لمشروعات التطبيع، تؤثر في اتجاهات الرأي العربي نحو القضية الفلسطينية، كما ستؤثر اتفاقيات التطبيع في مجالات الثقافة والتعليم بفاعلية عالية على المدى البعيد، إذا أخذت الدول المطبعة خطوات عملية في ذلك، محققة أهداف «إسرائيل» التي ضمنتها في أغلب «اتفاقيات السلام»، بداية من كامب ديفيد، سواء في نصوص أو مبادئ الاتفاقيات، التي تشمل أهداف تعزيز الصداقة، ووقف أعمال التحريض وأشكاله، وإقامة علاقات طبيعية.

تعقد القمة العربية وكل العالم يعيش تداعيات الحرب بين روسيا والغرب وحلف شمال الأطلسي «ناتو» التي تدور رحاها في أوكرانيا، في ظل نظام دولي أحادي القطبية تسيره وتقوده أمريكا بمفردها لكنَّه في طور الاحتضار، وفي ظل الفوضى العالمية وما يتخللها من مبادرات وتحركات لجهة بناء نظام دولي متعدد الأقطاب، يشهد على ذلك صعود العملاق الروسي من جديد كلاعب أساسي، إلى جانب العملاق الصيني، في مواجهة الغرب الذي تقوده الولايات المتحدة.

ومما لا شك فيه أنَّ الشرق الأوسط بات يحتل حيزاً مهماً من هذا الصراع الدولي، بسبب وجود النفط، وبسبب التركيز الأمريكي على بقاء النظام الرأسمالي الليبرالي العالمي الذي يعتمد على تدفق النفط والغاز العربيين فالحرب في أوكرانيا أدخلت المنطقة العربية في تجاذبات سياسية جديدة يطبعها اللا يقين والشك، أربكت الاصطفافات والتحالفات التي كانت قائمة، في انتظار أن تتّضح نتائج هذه الحرب.

كما تنعقد القمة العربية في ظروف بالغة الخطورة والجدية تواجهها الأمة العربية، بعد أن أصبحت الدول الإقليمية العربية الكبرى التي تقود عادة النظام الإقليمي العربي على هذا النحو، لجهة عجزها عن تطوير دينامياتها الخاصة، فالعراق أكبر شاهد على حال الدول العربية، إذ حوّله الغزو الأميركي من دولة كبرى إلى دولة تتخبط، كما أوشك على الاختفاء من خريطة العالم، أما مصر، فهي نموذج لحال أخرى للدول العربية، إذ تتعرض لضغوط حتى لا تمارس دورها الطبيعي كدولة لها كيان وثقل سياسي، وسورية هي العينة الثالثة، التي تعاني من الحرب الإرهابية والعقوبات الأمريكية الجائرة.

 

 

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار