الأسعار “مولعة”.. و”حماية المستهلك” تتحوّل إلى مكتب لإحصاء أعداد الضبوط ؟؟!! الاعتراف بالعجز فضيلة ومصارحة المستهلك أفضل من تضليله

تشرين – بادية الونوس:
ارتفاع الأسعار حديث لا يعلوه حديث، أغلبية الناس باتوا بين حدي الفقر والفقر المدقع، وأصبح العمل على جبهات عمل متعددة بالكاد يؤمن أدنى تفاصيل الحياة، لأسباب معروفة للجميع, منها تحكم حيتان السوق بلقمة عيشنا والمبررات جاهزة للتلويح بها في كل وقت، في المقابل العقوبات وأعداد الضبوط التي تتغنى بها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك تبدو هزيلة أمام وحشية (عبدة المال)، حتى إن إجراءاتها (ضحك على اللحى)، فعندما يبيع صاحب المحل أي مادة يقنع المواطن بأن الأسعار عالمية، وحتى باقة البقدونس تسعّر وفق سعر الصرف ولديه الفواتير نظامية، بينما في حقيقة الأمر لديه فاتورة نظامية من الشركة على حدّ قوله للزبائن عندما يصادف أن يتذمر أحد من السعر، وأيضاً لديه فاتورة ثانية بسعر وفق تسعيرة التموين تقدم للدوريات في حال طلب منه ذلك، ناهيك بالمخالفات في المواصفات، أو بانتهاك مدة الصلاحية وو إلخ.
والسؤال: إذا كانت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك تقوم بالإجراءات المطلوبة بدليل تسجيل عدد لا بأس به من ضبوط مخالفة وتسجيل عقوبات وتحيل المخالفين للقضاء بمن فيهم الكبار، وتراقب السوق، إذاً أين الخلل؟ في الوقت الذي تدعو فيه جمعية حماية المستهلك إلى تفعيل دورها..
تسجيل ضبوط
جاءت إجابات مدير حماية المستهلك حسام نصر الله مقتضبة، إذ يؤكد أنه تم تسجيل 12918 ضبطاً خلال الربع الثالث من العام الجاري، كما تم تسجيل إغلاقات تزيد على 1459 إغلاقاً.
على ذمته
بالرغم من تغنّي “التجارة الداخلية” بتسجيل ضبوط ومخالفات يومية إلّا أنها تبقى أرقاماً هزيلة، وربما لغايات أخرى لا تتعلق بالسعر وغير مقنعة بدليل استباحة الأسواق من قبل (حيتان) السوق واتساع دائرة الباحثين عن كفاف عيشهم.
سؤال يتبادر للجميع: هل هذه الضبوط أو المخالفات تنظم بحق الصغار وباعة البسطات وتالياً بعيدة عن المخالفين الكبار؟ ينفي مدير حماية المستهلك ذلك، مبيناً أنها متنوعة بين كبار تجار ومستوردين وتجار جملة ونصف جملة ومفرق، مؤكداً أن المحالين موجوداً للقضاء 416 مخالفاً, أغلبيتهم من كبار التجار وتجار جملة.. كما أن العقوبات تبدأ من السجن وغرامات كبيرة, إضافة إلى إغلاقات بموجب أحكام المرسوم التشريعي رقم 8.
لا يتابع
بموضوعية تحدث إلينا أمين سر جمعية حماية المستهلك عبد الرزاق حبزة، مبيناً أن تطبيق المرسوم التشريعي رقم 8 ليس بالكامل، كما أنه لا يتابع بشكل جدي لأنه لو كان متابعاً بشكل جيد وشعر المنتج أو مقدم السلعة أن هناك عقوبات صارمة ربما شهدنا آثارها على الواقع، فموضوع العقوبات والسجن بحق المخالفين ليست السبيل إلى خفض الأسعار أو ثباتها، لأن هناك عوامل اقتصادية أخرى يجب أن تتبعها الحكومة في سبيل تخفيض الأسعار، على سبيل المثال يفترض دراسة كل سوق لاحتياجاته من مواد معينة وفق كل موسم، بمعنى؛ يجب أن تكون هناك خطة مستقبلية لأي موسم مع حاجة السوق لهذه المواد من خلال توفيرها وتخزينها لدى “السورية للتجارة” ومنافسة التاجر في ذلك, وهذا قد يحقق انسيابية السلعة في الأسواق وتوفير المواد الغذائية وغير الغذائية بشكل متواتر على مدار العام، إضافة إلى ضرورة تخفيض تكاليف الإنتاج من خلال تخفيف الأعباء على المنتج ومحاسبته بموازاة طرح مواد جديدة بديلة للمواد الموجودة في الأسواق وتسهيل عملية الاستيراد وتخفيف بعض النفقات عن التاجر الذي يدعي بوجودها.
بطاقة بيان
دعا الحبزة إلى أهمية إيجاد قائمة سوداء تتضمن الإنتاج والأسعار، والتكاليف لكل شركة على حدة من جهة السعر أو ارتفاع التكاليف، ويتم نشر هذه القائمة بعد توصيف هذه المواضيع من خلال بطاقة بيان تحدد وتنشر أسماء التجار المخالفين، ومن يخالف المواصفات تتعرض سمعة شركته للخطر، ويجد التاجر نفسه مرغماً على الإنتاج وتخفيض الأسعار خوفاً على سمعة شركته، التي يتعامل من خلالها في السوق، مؤكداً على إيجاد صيغة قانونية تصدر وفقها القائمة السوداء.
إيجاد شراكة
يضيف الحبزة: إن للجهات المعنية دوراً في رفع الأسعار لأسباب عدة، منها رفع سعر حوامل الطاقة بشكل مستمر، أو عدم طرح المواد بشكل كافٍ في الأسواق، على سبيل المثال طرح مادة السكر في الأسواق، موضحاً أنه يتم رفع الأسعار من الحكومة بشكل مستمر بناء على بيان التكلفة التي يقدمها التاجر، وتساءل الحبزة لماذا لا تقوم الحكومة بهذا العمل من خلال الشراكة مع القطاع الخاص من خلال استيراد كميات تمول ما يخصها بنسبة 51 للتجارة ونسبة 49 للتجار، فهذا الأمر يؤدي إلى توفر المواد وخلق نوع من المنافسة مع التاجر.
تفعيل دورهم
أمام هذه الصورة يبرز السؤال عن مدى تجاوب وزارة التجارة الداخلية مع جمعية حماية المستهلك؟

يبين الحبزة : إن التجاوب يعني المشاركة في التسعير أو إيجاد طريقة للدمج، لكن القانون لم يسمح بذلك والوزارة لم تحرك ساكناً، رغم مطالبتنا بذلك، مؤكداً أهمية أن يكون للجمعية دور لأنها الأكفأ، من خلال جولاتها ومن خلال الخبرات المتواجدة فيها، فهي حسب قوله تضاهي الخبرات الموجودة بالوزارة لذلك يجب أن يكون لها ممثلون، مشيراً إلى أنه في السابق كانت للجمعية مشاركة مع مديرية تموين دمشق واجتماع يتيم في موضوع الطحينة والحلاوة، داعياً المعنيين إلى أهمية تفعيل دورهم من خلال تفعيل المرسوم رقم 8 و إشراك المجتمع الأهلي بشكل عام وجمعية حماية المستهلك بشكل خاص.
واختتم بقوله: إن ثمة إجراءات غير مدروسة تشعل الفتيل والتاجر يستغل هذا الفتيل فعندما نقوم برفع الأسعار بشكل مستمر، كما حدث في مادتي السكر الذي بدأ يرتفع تدريجياً إلى حدّ الـ 6 آلاف ليرة وكذلك مادة الزيت التي بدأت بـ 12 ألف ووصلت إلى نحو 18 ألف ليرة, بمعنى؛ يجب لحظ بيانات التكلفة، وأن يكون للجمعية رأي فيها من خلال مناقشة هذه التكاليف مع أعضاء الجمعية.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار