روسيا وتغيّر المعادلات

كلّ المعطيات المرتبطة بالأزمة الأوكرانية والسعار الأمريكي– الغربي الموجّه ضد روسيا، ينتهي به المطاف إلى معادلة واحدة لا لبس فيها، هي أن واشنطن ولا أحد سواها تفتعل المزيد من الفوضى، وتبحث عن مزيد من أعواد الثقاب لإشعالها لتأخير زمن الهزيمة، ولا يضرها في ذلك أن تكون الدول الأوروبية وشعوبها وأوكرانيا وشعبها من يدفع الثمن.
تفجير خط غاز “السيل الشمالي” يصبّ تماماً في مصلحة واشنطن، ولسنا بحاجة لأدلة أو انتظار التحقيق مثلاً، كما أنه من السخرية بمكان أن نسمع اتهامات لروسيا، فلا مصلحة لها في ذلك، بينما تكمن المصلحة الأمريكية في الفوضى الدولية وحرمان الدول الأوروبية من مصادر الطاقة الروسية، ومن ثم تحكم واشنطن منفردةً بسوق الطاقة، وضمان بقاء الأوروبيين تحت جناحيها، ولاسيما مع ما يعتري الداخل الأوروبي من حاجة ماسة لتأمين بدائل عن الغاز الأوروبي بأي ثمن كان لمواجهة سخط الشعب الأوروبي المترنح في ظل أزمة الطاقة والتضخم، وليس بعيداً أن يسير باتجاه التقشف المفروض قسراً ونتيجة سوء تقدير قادته.
وبينما كانت واشنطن تراهن على هذه الورقة، وأوروبا غارقة في تضخمها من جراء العقوبات على روسيا، كانت الجغرافيا السياسية تسير باتجاه بوصلة التغيير وعلى نحو غير متوقع بالنسبة لضفتي الأطلسي، باختيار سكان جمهوريتي لوغانسك ودونتسيك ومقاطعتي خيرسون وزابورجيا الانضمام إلى روسيا الأم، بما يمثله هذا الانضمام من انعطافة مهمة في سياق الأزمة الأوكرانية، ومواجهة الهيمنة الأمريكية- الغربية بكل عوامل القوة وأوراقها، ولاسيما أن تلك الأراضي ومواطنيها باتت روسيّة تسري عليها القوانين والإجراءات الروسيّة، وتالياً أي اعتداء عليها هو اعتداء مباشر على روسيا يستدعي الردّ.
لم تعد الولايات المتحدة وحلفاؤها يملكون إمكانية التغيير الكبير في المشهد سوى ما هو معروف، أي استمرارية إمداد نظام كييف بالأسلحة والزج بالمزيد من المرتزقة، وفرض المزيد من العقوبات، وهنا لابدّ من الإشارة إلى نقطة مهمة هي أنه بعد ضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا 2014 لم يستطع الغرب ومعه الأمريكي من خلال العقوبات التي فرضها على روسيا حينها تغيير المشهد، وبقيت جزيرة القرم، كما اختار سكانها، روسيّة.
تغيّر المعادلات بات اليوم في يد قوى عالمية مناهضة للهيمنة الأمريكية وسياقها القائم على الحروب والنزاعات والصراعات ونهب الثروات، ولم يعد في وسع الولايات المتحدة فرض الشروط أو إعادة عقارب الساعة إلى الوراء.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار