النرجسية عند الشباب والمراهقين

نور حمادة:

نصادف في حياتنا شخصاً ينسب إلى نفسه كل الأمور، ويتباهى بحصوله على أفضل الميزات وأعظم الأشياء، وهي حالة نفسية يتملك المريض فيها شعور مبالغ فيه بأهميته، مخفياً وراء هذا القناع من الثقة المبالغ بها ثقة هشة بالنفس تجعله عرضة للانتقادات ولمشاكل عدة في الحياة، إذ إن أصحاب الشخصيات النرجسية غير سعداء، ويصابون بالإحباط عندما لا يلقون اهتماماً يرون أنهم يستحقونه، ما يجعلهم غير مرغوب بهم اجتماعياً ولا يستمتع الآخرون بوجودهم.

ويعدّ الدلال المفرط من العادات الخاطئة التي يتبعها الوالدان مع طفلهما، ويكونان سبباً في تحويله إلى مريض نفسي، وهو ماحدث مع (ت-غ) 14عاماً والتي بالغ والدها في دلالها وتمييزها عن إخوتها، ما أدى لشعور الكره تجاههم وإيقاعهم في الكثير من المشاكل والافتراء عليهم وشعورها بالفرح عند توجيه العقوبة لهم، وتسبب ذلك أيضاً في اختلاق المشاكل في مدرستها بين معلماتها وزميلاتها.

كما تعد علاقة النرجسي مع شريك حياته علاقة مرهقة مسمومة لا يؤمن بمبدأ الشراكة لغروره، وتكمن خطورته في الخدع التي يستعملها ضد الطرف الآخر، من دون علمه مسبباً له اضطرابات نفسية وعقلية، لأن ضحاياه لا يشعرون بأنهم وقعوا في الفخ إلّا بعد مدة طويلة، بسبب ممارسته الحيل، وتصنّع الود في بداية العلاقة، كنوع من الطعم لإحكام السيطرة عليهم. تسبب (م-ج)بالأذى لكثير من الفتيات، وتلاعب بمشاعرهن، محاولاً التفريق بين الأخوات والصديقات، وتعامل ببرود مع أحاسيسهن من دون مبالاة، لكونه يمتلك كاريزما جميلة لافتة للنظر بطريقة سحرية، ما أدى إلى إصابة بعض الفتيات بالاكتئاب نتيجة أنانيته.

وأوضحت الدكتورة نيفين مصرية اختصاصية في الصحة النفسية: إن الشخصية النرجسية تكمن خطورتها في كونها ممنهجة ودقيقة، وخبيثة تدمر أي شعور بالذات والاستقرار النفسي، فهي شخصية مثيرة للجدل تتمحور في ثلاثة محاور رئيسة وهي: التعالي والتكبر وقلة أو انعدام التعاطف مع الآخرين، والرغبة الملحة في الحصول على الثناء والإطراء المتواصل من المحيطين بها.

وعلى الرغم من أن صاحبها يعاني الهشاشة الداخلية فإنه يحاول تعظيم ذاته وإظهار عكس ما يشعر به تماماً.

كما تختلف سلوكيات الشخص في مرحلة المراهقة ويتصرف تبعاً لبعض الآراء المتعالية وتزداد نرجسيته بسبب توقه للشعور بأنه محبوب وتقدير كل ما يقوم به، إذ أكدت الدكتورة نيفين أن النرجسية تظهر بشكل واضح عند المراهقين، وخاصة في مرحلة البلوغ المبكر من خلال العصبية المفاجئة، وعدم التكهن لحالتهم المزاجية والتسرع في إبداء آرائهم، وعدم تقبّل رأي الآخرين، واحتكار من يحبونهم لهم وحدهم ، والتحدث عن أنفسهم باستمرار، محبطين من حولهم بأقوالهم وتصرفاتهم ولا يلتزمون بالوعود التي قطعوها على أنفسهم، بارعين في الادعاء والتمثيل والنقد، ولا يتقبّلون نقد الآخرين لهم، ويتبعون أسلوب السخرية من المحيطين بهم ويشككون في قدراتهم.

كما أثبتت دراسات علمية أن النرجسية مرض يورّث من الآباء للأبناء ومسؤول عنه جين أو أكثر، ويحتاج إلى الظروف المناسبة حتى تظهر صفاته على الأشخاص.

كما حذرت نيفين من الآثار السلبية لهذه الشخصية، وعواقبها على المراهق والمجتمع، والتأثير الخطر على الصحة النفسية، بسبب صفاتها التي تتسم بعدم احترام الآخرين وإهانتهم، والشعور بالحسد والغيرة والكره تجاههم، ما يؤدي إلى ارتكابهم الجرائم في بعض الأحيان وبدم بارد.

ويفكر عدد كبير من المصاحبين للنرجسيين في الانتحار اعتقاداً منهم أنهم فاشلون لا جدوى منهم، بسبب إلحاق النرجسيين الأذى بهم من خلال افتعال المشاكل واختلاق الأكاذيب وقدرتهم على الإنكار، والإقناع بصحة كلامهم لأن لديهم كاريزما تساعدهم على كسب تعاطف الآخرين معهم.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار