الرّهاب الاجتماعي وأضراره على الفرد والمجتمع

نور حمادة
على الرغم من أن القلق في بعض المواقف الاجتماعيّة أمر طبيعي، إلّا أن الأشخاص الذين يعانون من الرّهاب الاجتماعي يكون لديهم الكثير من القلق والارتباك الذي يدفعهم إلى تجنّب هذه المواقف، والشعور بالضيق بأن تبدو أعمالهم وتصرفاتهم غير مناسبة في كثير من الأحيان، فيصابون بالتعرّق واحمرار الوجه والارتعاش وتهدّج الصوت، إضافة إلى فقدان سلسلة من أفكارهم أو عدم قدرتهم على إيجاد الكلمات للتعبير عن أنفسهم، حيث يعاني حوالي 13% من الأشخاص من الرّهاب الاجتماعي في وقت ما من حياتهم، ويصيب هذا الاضطراب نحو 9% من النساء و 7% من الرجال خلال أي فترة تمتد على مدار العام.
ويعدّ العنف الأسري من أكثر الظواهر الاجتماعية خطورة على حياة الفرد، وأن الأطفال الذين يشهدون عنفاً منزلياً معرضون لخطر جسيم من مشكلات الصحة البدنية والعقلية طويلة الأمد، حيث تعاني (ل –ع) 20 عاماً رهاباً من رؤية الأشياء الشبيهة بالعصا بسبب تعرضها للعنف والضرب المبرح منذ طفولتها. وتتابع قائلة: بدأت أشعر بالإحراج أمام الآخرين وخاصةً عندما تنتابني حالة من الهلع والصراخ عند رؤية العصا من دون أن أدرك ما أفعله، ما عرضني لكثير من المشكلات وجعلني محط سخرية من الجميع، الذين بدؤوا بالتنمر على شخصيتي واتهامي بأنني أعيش حالة من الفصام، وشكلت هذه العقدة أو «الفوبيا» مشكلة نفسية لدي أثرت في حياتي والمحيطين بي، كما تعد «فوبيا الظلام» من أكثر أنواع الفوبيا شيوعاً بين الأشخاص التي تعد وضعاً طبيعياً في فترة الطفولة، لكنها تصبح حالة مرضية إذا استمرت إلى مراحل متقدمة من العمر، لذلك يشكل إطفاء النور وإقبال الليل والظلام بكل أشكاله «فوبيا» لدى (ن– م) 12 عاماً، ما كوّن عندها عقدة بأنها قبيحة مثل الليل، وتقول: بدأت أكره نفسي وشكلي بسبب تعرضي للتنمر لكون جسمي نحيلاً ولوني أسمر وبدأ الناس من حولي يلقبونني بوحش الليل، ما انعكس سلباً على نفسيتي وشخصيتي، وأصبح الليل يشكل عندي «فوبيا» تراودني فيه الوساوس بأن لا قيمة لوجودي، ما دفعني للتفكير بالانتحار، وأصبحت أعيش في عزلة عن الآخرين وأرفض الانسجام معهم.
بدورها أشارت الدكتورة نيفين مصرية – اختصاصية في الصحة النفسية إلى أن التنشئة المبنية على الخوف من أهم الأسباب المؤدية للشعور بالفوبيا، فتكيف الفرد مع بيئته المحيطة به بشكل سليم يجعله ينشأ بشكل سوي، لذلك فإن للأهل تأثيراً مهماً و مباشراً في شخصية أبنائهم، كما أن التنشئة المجتمعية المكونة من الأسرة والمدرسة لها أهمية في حياة الطفل، فإذا كانت مبنية على الخوف بشكل مقصود واللجوء إلى استخدام الأساليب التي تتسم بالعنف، والتخويف المستمر في السنوات الأولى من حياته وتعرضه للإصابة بالفوبيا في مراحل عمره المتقدمة، لذلك فإن المجتمع والمدرسة والأقران لهم دور فعال في ترسيخ الخوف بداخل الفرد.
وأكدت الدكتورة نيفين أن التعامل مع الشخص المصاب بالفوبيا يجب أن يكون بحذر شديد، وخاصة إذا كانت الحالة بدرجة عالية وشديدة باعتباره يمر بحالات نفسية شديدة تشكل خطورة على حياته وعلى من حوله، أما إذا كانت «الفوبيا» بدرجة بسيطة فاتخاذ بعض الإجراءات النفسية يكون كافياً لمساعدة الفرد بالتغلب عليها.
كما أوضحت أن «الفوبيا» قد تبدو أمراً سخيفاً بالنسبة للبعض، لكنها قد تكون مدمرة للأشخاص الذين يعانون منها، لما لها من انعكاسات سلبية تؤثر بشكل كبير في حياتهم الشخصية والمجتمع المحيط بهم، بسبب المضاعفات الشديدة التي تظهر على تصرفاتهم، من عزلة اجتماعية واضطرابات مزاجية ممكن أن تؤدي بهم إلى إدمان الكحول والمخدرات أو قد تدفعهم في بعض الأحيان إلى الانتحار، إضافة إلى بعض المضاعفات والأعراض الصحية، التي يعانيها المصابون بـ«الفوبيا»، لذلك يجب طلب المساعدة النفسية من مختص لتجاوز هذه الحالة أو التخفيف منها قدر المستطاع، وممارسة الرياضة بشكل مستمر والاسترخاء ومواجهة العوامل المسببة لـ«الفوبيا» لإزالة الحساسية أو ما يسمى «التعرض الذاتي».

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار