سنابلنا الذهبية ..تبعد شبح المخاوف بسبب ارتفاع أسعار القمح العالمية

كتب المحرر الاقتصادي
أكد المستشار الاقتصادي أنس نغنغ أن القمح وهو من الحبوب الرئيسة في غذاء مليارات البشر، يقع في صلب النزاع في الأسواق العالمية التي هزتها الأزمة الأوكرانية.
وبحسب نغنغ على مدى أعوام الحرب الإحدى عشرة، لم يسلم خبز السوريين من الاستهداف، إذ سيطرت الميلشيات الانفصالية على “سلّة سورية الغذائية”، وحرمت السوريين من غذائهم، عبر ترهيب الفلّاحين وإجبارهم على عدم تسليم المحصول للدولة.
ولم يتردّد الاحتلال الأميركي في إشعال حرائق هائلة في حقول القمح بشكل ممنهج ومتعمّد في العامين 2019 و2020، ليدّعي بعدها أنّه يحاول دعم السوريين في مواجهة ضائقتهم الاقتصادية، من خلال إدخال بذار مسمومة بشكل غير شرعي تُسبّب ضرراً في التربة لا يمكن تجاوز آثاره لسنوات عدّة.
ولا يكادُ يمر يومٌ من دون أن تُخرج قوات الاحتلال الأميركي أرتالاً محملة بالقمح المسروق من معبر الوليد غير الشرعي باتجاه الأراضي العراقية.
ويتصدّر القمح قائمة السلع التي يتم استيرادها، منهكاً الاقتصاد الوطني، ومستنزفاً العملات الأجنبية الموجودة لديه.
ولفت نغنغ أنّ قطاع الزراعة تأثر بالظروف المناخية، وأضاف: “خسرنا العام الماضي ما لا يقل عن 3 مليون طن من الإنتاج، بسبب عدم هطول الأمطار، لكن هذا العام، كانت وتيرة الهطول مبشرة ومن المتوقع الوصول الى 5 ملايين طن من الحبوب، تغطي نسبة لا بأس بها من احتياجنا الغذائي، تتضمن الشعير والبقول، والأهم محصولنا الاستراتيجي القمح”.

وعلى الرغم من الزيادة “المُشجعة” في السعر الذي تم منحه هذا العام للفلاحين الذين سيُسوّقون محصولهم لها، فلا تزال هناك فجوة واسعة بين المساحة المزروعة وما تستلمه الحكومة.
ويضيف نغنغ: تمّ خلال العام الماضي إنتاج “حوالى 1.9 مليون طن، لم يُسوَّق منها للحكومة سوى 360 ألف طن، بينما تم هذا العام زراعة حوالى مليون ونصف المليون هكتار، أي كامل المساحة المخططة للري، و80% من المساحة المخططة للزراعة البعلية، بزيادة حوالى 400 ألف هكتار عن العام الماضي”.
وخوفاً من قانون قيصر، “لم تتقدّم أي شركة لمناقصات استيراد هذه الأسمدة”. وأوضح نغنغ ، تم تعديل الآلية، إذ تم الاعتماد على الأسمدة العضوية بديلاً من تلك المستوردة، وتم السعي لإيجاد حلول مستدامة لمواجهة التّحدي القديم الجديد المتمثل بنقص الأسمدة
وحول التوقعات الدولية لمحصول القمح هذا العام أكد نغنغ إن الكثير من التقارير تؤكد على أن خطرا مستداما يخيم على الأمن الغذائي للدول الهشة في ظل الارتفاع المفاجئ في الأسعار وإجراءات الحماية.
وبشأن استبدال القمح، قال إنه أمر صعب جدا، حيث إن القمح حبوب رئيسة في مجال الأمن الغذائي العالمي، يستهلكها مليارات البشر على شكل خبز أو دقيق أو سميد. يزداد إنتاج الذرة ولكنها تستخدم خصوصا لتغذية الحيوانات أو للاحتياجات الصناعية.
وأضاف “بعيدا عن الجانب الغذائي، يبقى القمح منتجا اجتماعيا إلى حد كبير، إذ يسمح بصنع طعام بتكلفة منخفضة، وغالبا ما يكون مدعوما، لكن بلغت أسعاره مستويات تجعله غير متاح لبعض الدول مثل لبنان أو اليمن، لأنه ينقص ولا نستطيع إنتاج القمح في كل مكان”.
وتابع “يتم إنتاجه في مناخ معتدل، ولا يوجد سوى نحو عشر دول تنتجه بكثرة ويمكنها التصدير، ولا سيما روسيا وأوكرانيا والولايات المتحدة وأستراليا. وفي الأعوام الأخيرة، خفضت الولايات المتحدة إنتاجها لأنها فضلت الذرة وفول الصويا”.
وأشار إلى أنه بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، باتت أوكرانيا وروسيا أكثر الدول المنتجة للقمح، وشكلت أوكرانيا في الأعوام الأخيرة ما بين 12 إلى 13 في المائة من إجمالي صادرات القمح العالمية.
وحول تساؤل: هل أزمة أوكرانيا هي السبب ؟ قال “لدينا سياق جيوسياسي مروع، فتعددية الأطراف تعاني نكسة، تضاف إليها فترات مناخية مقلقة، وموجات جفاف شديدة في جنوب حوض البحر المتوسط، وقلق في الولايات المتحدة وأوروبا. وتعاني الهند التي تمتعت بحصاد استثنائي العام الماضي ومخزون سمح لها بطرح محاصيل إضافية في الأسواق جفافا قاسيا ولن تتمكن من التصدير”.
وتتابع الأسعار ارتفاعها، علما أنها كانت مرتفعة قبل الحرب. وبلغ سعر القمح 440 يورو للطن في يورونكست.
وفيما يتعلق بإعلان الهند حظر صادراتها من القمح، أوضح أن “الهند أعلنت بشكل مبالغ فيه إلى حد ما تصدير عشرة ملايين طن هذا العام، وكانت البلاد قد تعهدت بتصدير ما بين 3 إلى 3,5 مليون طن قبل فرضها الحظر، وبالتالي يجب معرفة ما إذا كانت ستحترم التزاماتها”.
ولفت إلى أن الوضع متوتر لأنه ليس هناك دولة قادرة على التصدير أكثر من المعتاد. قد تفعل روسيا ذلك إذا حظيت بمحصول جيد. ولكن حتى إذا توقفت الحرب، لن تستعيد أوكرانيا طاقاتها الإنتاجية والتصديرية على الفور.

وبشأن ذروة الأزمة قبل الحصاد الأمريكي والأوروبي هذا الصيف، بين أن “العالم يواجه مخاطر حقيقية وطويلة الأمد. لم نر بعد كل الهزات لأننا نشهد في الأسواق العالمية منذ شهرين، تنفيذ عقود موقعة قبل التدخل الروسي. الآن ندخل المرحلة الصعبة”.
وحول وضع المخزون بالنسبة للقمح، أشار إلى أن هناك 270 مليون طن من المخزون على كوكب يستهلك 800 مليون طن سنويا. أكثر من النصف في الصين، التي تتمتع بمخزون يكفيها لمدة عام، ومن دون احتساب الصين، تعد جميع مخزونات الحبوب عند أدنى مستوياتها منذ 25 عاما.
وأكد أنه يجب الحفاظ على التضامن والتعاون. ولا يمكن ترك الدول في مأزق بشأن أمنها الغذائي، وفي الوقت عينه، لا ينبغي أن نتفاجأ لوجود دول تضع أمنها القومي فوق كل اعتبار، ويجب الإنتاج حيثما أمكن الإنتاج، ولا سيما في إفريقيا، لكن من أجل تحقيق ذلك نحتاج إلى السلام والأمن.
في سياق متصل، أعلن البنك الدولي أنه خصص 12 مليار دولار على مدى الـ15 شهرا المقبلة على مشاريع جديدة لمعالجة أزمة الغذاء العالمية التي تفاقمت بسبب الحرب في أوكرانيا.
وأوضح في بيان أن الجزء الأكبر من هذه الموارد سيذهب إلى دول في إفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا الشرقية ووسط آسيا وجنوبها، مضيفة أن من شأن المساعدات أن تدعم الزراعة في تلك الدول “والحماية الاجتماعية للتخفيف من آثار ارتفاع أسعار المواد الغذائية” ودعم مشاريع إمداد بالمياه والري.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار