السينما الغربية .. مسلسل شيطنة العرب مستمر
هدى قدور
مبكراً، عمدت السينما الغربية إلى شيطنة العرب وإظهارهم كبدو رحّل يركبون الجمال وينغمسون بالملذات ويمارسون الغدر.
وكان واضحاً أن تسويق هذا الشكل مطلوبٌ ومحبَّذٌ في الدعاية الغربية وخاصة بعد احتلال فلسطين وسيطرة عائلة روتشيلد على شركات الإنتاج في هوليود.
لقد تواطأت السينما الغربية بكل ذلك نتيجة سيطرة رأس المال اليهودي وانتشار ثقافة دعم “إسرائيل” كواجب مقدس في الأدبيات المختلفة عدا عن كونه ضرورياً لخدمة المصالح المشتركة بين الغرب والكيان المحتل.
وابتداءً من أفلام شهيرة مثل ( The English Patient) – المريض الإنكليزي، مروراً بأفلام أخرى مثل( Cast A Giant ) وفيلم( American Sniper ) وغيرها الكثير من الأفلام التي تصوِّر النساء العربيات مجرد راقصات غانيات وأن العربي ضعيف يفتك به الأميركي وينال الترقية نتيجة ذلك، وهناك أيضاً فيلم ( EXODUS) الذي يصوّر الهجرة اليهودية إلى فلسطين وإعلان “إسرائيل”.
لم تختلف السينما الغربية عن وسائل الإعلام التي عملت في الاتجاه نفسه منذ سنوات طويلة، وتكرس ذلك بعد احتلال فلسطين بهدف صياغة الرأي العام العالمي والغربي بشكل خاص، فالعرب النمطيون هم جماعات متخلفة وليسوا شعوباً لهم حضارات موغلة في القدم كان لها الفضل في صياغة الثقافة البشرية والاكتشافات الأولى للإنسان. وفي كتاب “العرب الأشرار في السينما – كيف تشوه هوليود شعباً” للناقد السينمائي الأميركي من أصل لبناني جاك شاهين، يحصي أكثر من ألف فيلم أميركي أساء للعرب وعمل على تقديمهم كمصدر للتهديد ويستحقون القتل.
فالقضية ليست وليدة المصادفة بالتأكيد، بل جزء من حملة دعائية كبيرة تورط فيها الفن السابع الأميركي ومازال.
للأسف لم تقتصر الإساءة إلى العرب وقضاياهم على السينما الغربية، بل تورطت بها السينما العربية نفسها، فقد أثار فيلم “أميرة” الذي أنتج مؤخراً في مصر، مشكلة بسبب إساءته للأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية من إخوانهم الذين من المفترض أنهم أصحاب القضية ومن المدافعين عنها.
ورغم التسويغات التي قدمها البعض لهذا الفيلم تحت ستار حرية الإبداع، إلّا أن معظم النقاد العرب أدانوا هذه الظاهرة التي تسوِّق الاحتلال وتقدِّم دعاية مجانية له، كما تسبب الفيلم باحتجاجات من أهالي الأسرى الذين قالوا إن الإساءة للأسرى طبيعية من الأعداء أما من العرب فهي اختراق ثقافي وأخلاقي غير مقبول.
مؤخراً صرّح الممثل جورج كلوني بأن تصوير العرب كأشرار في السينما الغربية أمر مستسهل ومن الأفضل أن تتغير هذه الذهنية. فحتى الأميركيون أصبحوا يشعرون بسذاجة هذا التصوير ومدى تورطه السياسي مع الدعايات الاستعمارية وشبهة أهداف الشركات العالمية التي تعمل تحت وطأة رأس مال يحدد مسارها وهويتها وطبيعة الأهداف التي تعمل عليها.
السؤال اليوم يتمحور حول إمكانية تعاون العرب على صياغة فن سابع يواجه ما يجري من تخريب للذهن في مدينة هوليود، فالجهود المنفردة ليست مجدية في إنتاج الأفلام التي لا تصل كما يجب إلى كافة أنحاء العالم، لذلك نقول بضرورة تعاون رأس المال العربي مع الفن العربي والأهداف العربية من أجل صياغة خطاب يعيد الصورة إلى منطقيتها في السينما، فإذا كان العرب غير قادرين على الدفاع عن قضاياهم، فمن يفعل؟.