سطوة الكتاب الإلكتروني إيجابياته وسلبياته
هل مازال للكتاب أهميته في عصر المعلوماتية؟ أم تأثـَّــر هو الآخر بثورة المعلومات في شكله، ومضمونه، وأساليب تسويقه، واقتنائه، وتخزينه، والغاية المرجوَّة منه؟ هذه الأسئلة طرحها الدكتور ماهر حبيب في المحاضرة التي ألقاها في المركز الثقافي في الصفصافة- طرطوس تحت عنوان “سطوة الكتاب الإلكتروني”. فاليوم لم يعد أمر الكتب مقتصراً على النسخ الورقية، بل سهَّـلت تقنيات المعلوماتية الرقمية وجود نسخ من الكتب الإلكترونية المنتشرة بواسطة مراكز المعلومات، وشبكة الإنترنت، والأقراص الليزرية.
ويرى حبيب أن الكتاب الإلكتروني عَـزَّز وجود الكتاب الورقي، لأن الكتاب الإلكتروني يتيح للأشخاص الاطلاع على الكتاب الورقي قبل اقتنائه دون مشقة المجيء والتفتيش والتنقيب في دور النشر ومراكز البيع المختلفة، ويصل دون جهد وإضاعة للوقت إلى أكبر شريحة ممكنة من القراء، وبخاصة من الشباب مستخدمي الإنترنت، لافتاً إلى أن الكتاب الإلكتروني يـأتي مسايراً للعصر الإلكتروني الذي يفرض نفسه علينا، ويتكامل مع نشر ثقافة الحاسوب والمعلوماتية.
وعن عوامل سطوة الكتاب الإلكتروني على الورقي قال: إن سيرورة التطور التاريخي تفرض علينا الكتاب الإلكتروني بشكل أو بآخر، لافتاً إلى أن ثورة الطباعة التي حدثت في منتصف القرن الخامس عشر أتت على شكل الكتب والمدونات اليدوية التي كانت قبلها، بحيثُ شكلت مرحلة مُستقلة متطورة عنها، ولكن الأمر هنا مختلفٌ، بسبب كون ثورة الطباعة اعتمدت أدوات الكتابة المادية نفسها من ورق ووسائل كتابة، ولكن بشكل أسرع، أو بعبارة أخرى كانت ثورة في أدوات الإنتاج نفسها، أما الكتاب الإلكتروني في العصر الحالي فَـيعتمدُ على أدوات غير مادية ومختلفة من حيثُ طبيعتها، وآلية عملها، ووسائل تشغيلها، ما يجعلها رهينة أخطار التقنيات الحديثة الخارجة أساساً عن طبيعتها.
وأكد حبيب أن الكتاب الإلكتروني لن يلغي الكتاب الورقي وإنما سيجعله يعيد تكييف نفسه مع العصر الراهن لكي يستطيع الاستمرار، لافتاً إلى أن الكتاب الإلكتروني فرض نفسه بصورة واقعية، لأسباب خارجة عن خصائصه، تتمثَّل في معظمها في التكلفة العالية جداً والتي أصبحت فوق المتوقع، فضلاً عن سهولة الحصول عليه ومجانتيه، وترويج مواقع التواصل الاجتماعي له، وسهولة التعامل معه في البحث الأكاديمي.
وعن أثر الكتاب الإلكتروني في البحث العلمي قال: إنَّ سهولة الحصول على قاعدة المعلومات بالنسبة إلى البحث لا تُلغي دور الباحث الجاد، بل على العكس من ذلك، ترفده بأفكار ورؤى جديدة في تحليل المادة المُستقاة من المكتبة الإلكترونية بعد توثيقها، وهذا هو العمل الحقيقي الفعلي للباحث. فضلاً على أن حُسن استخدام المصادر الإلكترونية، وما يوفره الحاسب من وقت وجهد، يمكن أن يوجه البحث العلمي وجهاتٍ كان ولوجها يُعد من الصعوبة بمكان، وبخاصة في مجال دراسة اللغة العربية، من جهة تطورها، وتأصيل الألفاظ الدخيلة إليها، وما يتعلق بأبحاث معجمها التاريخي وصناعته.
وعن سلبيات الكتاب الإلكتروني بيّن حبيب أن الكتاب الإلكتروني يفرض على القارئ مكاناً وزماناً محددين للاستزادة به، كما أنه يحتاج إلى أجهزة مكلفة ومتطورة باستمرار وبتسارع كبير في نوعها، وإمكاناتها، وفي البرامج التي تعتمد عليها في تشغليها، كما أنه يفتقر إلى التنظيم غالباً، ونادراً ما تجد النص في حالة ترتيب وترقيم وتبويب، ما يؤدي إلى تشتت ذهن القارئ، كما نجد في كثير من الكتب الإلكترونية وسيلة لتشويه بعض الكتب وعدم إظهار محتواها بالشكل الأمثل، بل التحكم بوسائل المعرفة وإيصال ما يُراد أن يصل فقط من المعلومات وحجب ما لا يُراد الوصول، كما أن قراءة الكتاب الإلكتروني تسبب الإجهاد للعينين والملل بسبب وضعية الجلوس أمام شاشة الكمبيوتر، أو سواها من الأجهزة الإلكترونية، ويتيح إمكانية انتهاك حقوق الملكية الفكرية للمؤلفات، وقد يتسبب في تحوير الأفكار الرئيسية لصاحب الكتاب ونسبها لغيره.
ويختتم حبيب مؤكداً أن الكتاب الإلكتروني رغم كل السلبيات فرض نفسه بصورة واقعية، لأسباب خارجة عن خصائصه، تتمثَّل في معظمها في التكلفة العالية جداً لإنتاج الكتاب الورقي، والتي أصبحت فوق المتوقع، فضلاً عن سهولة الحصول عليه ومجانتيه، أمام صعوبة إيصال الكتاب الورقي، وترويج مواقع التواصل الاجتماعي له، وسهولة التعامل معه في البحث الأكاديمي، وأثره الكبير في البحث العلمي، من جهة سهولة الحصول على قاعدة المعلومات بالنسبة إلى الأبحاث الأكاديمية، ورفد الباحث بأفكار ورؤى جديدة في تحليل المادة المُستقاة من المكتبة الإلكترونية، وإمكانية توجيه البحث العلمي وجهاتٍ كان ولوجها يُعد من الصعوبة بمكان قبل وجود الكتاب الإلكتروني.