تقاليد العرض التلفزيوني و”عافية” الدراما 

اليوم، ينتهي الموسم الدرامي السنوي، وِفق ما بات مُتعارفاً عليه من تقاليد، تحصر العروض التلفزيونية، ذات الثلاثين حلقة، في شهر رمضان، وتدور في التساؤلات ذاتها، التي أصبحت جزءاً من تكوينها، منذ عشرين عاماً، وربما أكثر، تحديداً تلك المتعلقة بالنصوص والإنتاج، منها (المُمكن كتابته، الواجب الالتفاف عليه، إعادة طرح الواقع، خلق واقعٍ يستقي من الأصل ويُضيف، قلّة شركات الإنتاج، الارتهان للذائقة الخليجية، الإنتاج وفق سوق العرض والطلب)، بموازاة إشكالياتٍ أخرى، ظهرت لفترات، وتراجع الاهتمام بها شيئاً فشيئاً، بدأت بدبلجة الأعمال التركية، وانتهت، نوعاً ما، بغياب الدراما المشتركة هذا العام، إلى جانب مجموعة مسلسلات، تناولت أحداث السنوات الأخيرة، كمادةٍ رئيسيةٍ أو ثانوية، سرعان ما جعلتها خلفيةً، لحكاياتٍ ووقائع أخرى.

في بداية الموسم، تساءل البعض عن استعادة الدراما السورية لعافيتها، كأنّ شروطاً أو معايير، واضحة ومُتفق عليها، حكمت العروض سابقاً، ويجب أن تحكمها لاحقاً، لضمان مفهومٍ ضبابي كـ “العافية”، في صناعةٍ، تتعدد الولاءات فيها، بين (الفن، الربح، العلاقات الشخصية، التمرّد على ما هو سائد من عادات وتقاليد وأفكار، الجِدّة، المنافسة، الجرأة)، حتى يصح القول، إنّ الحكم، على عملٍ ما، بالنجاح أو الجودة، يجب أن ينطلق دوماً وفقط، بما يتركه في النهاية من أثر لدى الجمهور، أو بما يستطيع تركه، بعد أن تلتقي غايات صُناعه وأهدافهم، ولهذا كثيراً ما شاهدنا أعمالاً، روّجت للمجرمين وعصابات تهريب السلاح، وأخرى ساذجة، ثرثارة وهزيلة، وغيرها فارغة من أي قيمةٍ تُذكر، لم تُمنع رقابياً، بل مرّت نصوصها وجرى تصويرها وعرضها، بشكلٍ طبيعي.

ربما، يُمكن النظر لهذه الصناعة بوصفها مادةً فنيةً، قبل كل شيء، من زاويةٍ مختلفة، هل يُمكن التخلي عن فكرة العرض في شهرٍ واحد، عن تعداد الحلقات المفروض؟، لماذا لا نرى أعمالاً قائمة على أسماءٍ ووجوهٍ جديدة كُلياً، تجارب مُغايرة عن المألوف، عوالم افتراضية، خيال علمي؟، ألا يُمكن الاشتغال على برامج فنية وإبداعية وترفيهية، لم تحصد في تجارب سابقة، نجاحاً يوازي ما تحققه نظيراتها، في محطات أخرى؟، ماذا عن الأفلام الوثائقية مثلاً؟، لماذا يغيب التنويع في الإنتاج التلفزيوني، لمصلحة نوعٍ واحدٍ من الفنون؟، ثم يأتي من يسأل عن “العافية” أو “دلائل كم الأعمال المعروضة هذا العام مقارنةً بالعام الماضي”، وكأنّ زيادتها أو نقصانها، ستُحدِث فرقاً، في تكرار المُكرر، مع بعض الإضافات، للتزيين والإيحاء بالجديد.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار