التجار استأثروا بعسل المربين كله ..! .. اتحاد المربين: الجهات المسؤولة لا تجيد التسويق خسارة كبيرة في الثروة النحلية
استغلال بالأسعار
الشكوى التي تقدم بها مربو النحل تؤكد استغلالهم من قبل بعض المتحكمين بقرارات الاتحادات والجمعيات التي تنظم عمل النحالين، وبحسب بعض المربين: يقوم التجار من خلال تواجدهم في الاتحادات والجمعيات النقابية وإدارتهم لها في ظل غياب الإدارة الحكومية وتبعية مربي النحل لها بشكل مباشر، بجمع مادة العسل من المربين بأسعار بخسة تتراوح بين 10- 14 ألف ليرة للكيلو الواحد بسعر الجملة، وبمقارنة بين أسعار العسل في سورية ودول الجوار، فإن سعر الكيلو بالجملة يتراوح بين 36-45 ألف ليرة .
ويرى المربون أن الضمانة الوحيدة هي العمل وفق آلية قانونية تكفل حقوق كل حلقة من حلقات السلسلة التسويقية من المربي إلى المستهلك، مروراً بالتجار والشركات تحت رعاية وزارات الزراعة والتجارة والصناعة، وأن تتدخل وزارة الزراعة في السوق باعتبار أن العسل منتج زراعي يعتاش منه آلاف النحالين على مساحة القطر، وتسعير مادة العسل بما يناسب سعره العالمي في الأسواق بعيداً عن الاستغلال، وأن تقوم الوزارة بشراء العسل من المربي وتطرحه في السوق تحت علامة تسجلها وتحميها.
لا تجيد التسويق
من جهته عبد الرحمن قرنفلة عضو اتحاد النحالين العرب أكد أن اتهامات بعض المربين غير دقيقة، لأن النحال له الحرية ببيع منتجه لمن يشاء دون ضغوط من أي جهة، والعسل كأي سلعة يخضع لقانون العرض والطلب، ومن الطبيعي عندما يكثر الإنتاج ينخفض السعر، مشيراً إلى أن التاجر يتحمل تكاليف ما بعد الإنتاج؛ كالفرز والتعبئة والتسويق كما أن هناك تكاليف لعملية النقل من الأرياف إلى المدينة، وعملية البسترة لفصل الأحياء الدقيقة في حال وجودها في المنتج مع المحافظة على جودته.
ولفت قرنفلة إلى أن الاتحادات والجمعيات غير معنية بجمع العسل من المربين، متمنياً العمل تحت مظلة واحدة تحكمها قوانين محددة، والتسويق التعاوني بين كافة الأطراف التي لها علاقة لدعم هذا المنتج، فهناك تشرذم واضح في هذا القطاع، لأنه يتبع لعدة جهات ومنها؛ اتحاد النحالين العرب وجمعية النحالين السوريين ووزارة الزراعة واتحاد الفلاحين وغرف الزراعة ونقابة المهندسين.
ورداً على سؤال إمكانية تدخل وزارة الزراعة بتسويق العسل أجاب: من خلال التجارب تبين أن الجهات العامة لا تجيد لعب دور المسوق، بدليل أن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لم تنجح بتحقيق هذا الدور رغم محاولاتها لتسويق الكثير من المنتجات الزراعية كالحمضيات والبندورة وغيرها.
تداعيات خطيرة
في كل الحقول، الفلاح هو الخاسر الوحيد، فكما هو الحال في قطاع الحمضيات والتفاح والثوم وغيره من المنتجات الزراعية المظلومة، كذلك الأمر ينطبق على إنتاج العسل، هذا ما يؤكده الخبير التنموي والزراعي أكرم عفيف قائلاً: الانهيار بقطاع النحل له تداعيات خطيرة على باقي المنتجات الزراعية، فالنحل يقوم بتلقيح الأشجار لتثمر، ويجمع غبار الطلع، بالتالي هو ثروة يجب الحفاظ عليها، وما يهدد المربي اليوم هو غلاء تكاليف المواد الداخلة بإنتاج العسل مقابل انخفاض أسعاره بالجملة، وهذا مؤشر لدى العديد للعزوف عن هذه التربية.
ويستغرب عفيف كيف يباع سعر كيلو العسل بالجملة بـ10 آلاف ليرة من المربي، بينما سعر كيلو “النمورة” في السوق 14 ألف ليرة؟! مضيفاً: من حق المربي أن يربح أيضاً, والمعالجة تكون من خلال فتح أسواق خارجية، ففي الظروف المعيشية الحالية ربما لا يكون شراء العسل ضمن أولويات أغلب المستهلكين، فالأولويات بالنسبة له اليوم تتركز بالحصول على المواد الغذائية الأساسية، مقترحاً تعبئة العسل بظروف صغيرة بسعر 500 ليرة، أي ما يعادل ثمن بيضة ليكون بمتناول الجميع، كذلك يمكننا دعم المنتج من خلال تغير العادات الاستهلاكية كافتتاح مطاعم تقدم منتج العسل بشكل ما كما هو الحال في مادة (الفلافل) مثلاً.
وشدد عفيف على أن الاتحادات والجمعيات يجب أن لا تتنصل من دورها في دعم المربي فالجميع معني بإنقاذ هذا القطاع الهام.
لا علاقة لنا بالتسعير
بدوره الدكتور إياد محمد مدير الوقاية والإرشاد الزراعي في وزارة الزراعة أكد أن الوزارة لا تتدخل بتسعير مادة العسل وليس من ضمن مهامها تسويق الإنتاج، بل هو من مهمة وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، لافتا أن الوزارة قامت هذا العام بمنع استيراد العسل وذلك دعما للمنتج المحلي، مشيراً إلى قيام المديرية بدورات تدريبية بكل المحافظات بهدف توعية المربين بالأمراض التي يتعرض لها النحل وطريقة المعالجة، كما أن الوزارة تبيع الخلايا بأسعار تشجيعية للمربين وتقدم كل ما يلزم من دعم فني عن طريق المديرية.
تدني الإنتاج
وتشير المعلومات إلى أن قطاع النحل تأثر سلباً بفعل الحرائق الأخيرة التي طالت أراضي وحراجاً زراعية في الساحل السوري والتي تسببت بخسارة ما يقارب 8000 خلية نحل من أصل 100 ألف خلية.
وبحسب إحصائيات اتحاد النحالين، خسرت سورية ما يقارب 70% من الثروة النحلية خلال الحرب الإرهابية عليها، وذلك نتيجة عدم تمكن النحالين من نقل النحل إلى المناطق الآمنة، فتراجع الإنتاج بشكل كبير جداً، حيث لم يتجاوز الإنتاج في العام الماضي 500 طن من العسل، في حين كان الإنتاج في عام 2010 يزيد على 3200 طن.