«تدمر منارة الشرق إرث لا يموت» في ثقافي طرطوس
«تدمر منارة الشرق إرث لا يموت» عنوان المحاضرة التي ألقاها الباحث في الآثار والسياحة جميل القيّم في المركز الثقافي في طرطوس تحدث فيها عن أهمية موقع تدمر وسط البادية السورية، وتحولها من قرية تجارية إلى عاصمة للتجارة العالمية والثقافية بعد سقوط البتراء وضمها إلى الإمبراطورية الرومانية عام 106 م في عهد الإمبراطور تراجان، لتصبح مدينة كونية استقطبت كل الثقافات وتفاعلت معها وحافظت على موروثها الأصيل، وشكلت نقطة توازن وسلماً في العالم القديم بين الإمبراطورية الفارسية والإمبراطورية الرومانية، وكان لها ميناء على الفرات دورا أوربس (الصالحية) والميناء الآخر(ميسان) على الخليج العربي مملكة خرقدونيا، وميناء على نهر النيل، وميناء آخر حلبيا زلبيا على الفرات، إضافة إلى العديد من المكاتب التجارية في بابل ودلمون وفي الكويت واليمن.
وأشار القيم إلى زيارة الإمبراطور هادريان129 ميلادي لمدينة تدمر وتكريم قبيلة بني معزين في معبد بعل شمآين له فأعطاها لقب تدمر “الهدريانية”، حيث أعفى تدمر من الضرائب فازدهرت الحياة الاقتصادية وأصبحت الأغورا في تدمر تحتوي على مستودع البضائع الشرقية والغربية (الحرير من الصين والتوابل من الهند والصوف من كشمير واللازورد من أفغانستان واللولؤ من دلمون والبخور من شبوة وظفار في الجزيرة العربية والرخام من الأناضول…) ووصلت تدمر إلى قمة الازدهار الاقتصادي والثقافي خلال عهد الأسرة السفيرية ما بين 193 حتى 235 ميلادي، حيث أعطيت تدمر لقب المعمرة الرومانية في عهد الإمبراطور كركلا عام 212, وأكد القيم أن تدمر تميزت بالتعايش الديني، حيث وجد فيها العديد من الكنائس والمعابد اليونانية والرومانية والتدمرية (بل وجاد)، وفي الفترة البيزنطية تحولت المعابد الى كنائس، وتعرضت لزلزال كبير خرب أقساماً واسعة من مبانيها وأسوارها عام 434 ميلادي، وفي عهد جوستنيان 525-565 ميلادي أمر قائده (أرمينوس) بالذهاب إلى تدمر لترميم ما تهدم من أبنيتها وأسوارها، ويذكر أن القناة الفخارية في شارع الأعمدة تعود إلى عهد جوستنيان، بينما الحجرية تعود إلى القرن الأول الميلادي.
وفي الفترة الأموية أصبحت محطة للأمويين زمن هشام بن عبد الملك ما بين قصر الحير الشرقي والغربي, وأصبحت مزدهرة بدليل وجود سوق أموي غربي التترابيل, لكن في نهاية الدولة الأموية عام 749، وفي العصر العباسي الأول أهملت تدمر، وفي القرن (10) ميلادي أصابها زلزال كبير جعل الخراب فيها من جديد، وعهد أتابكة دمشق تحول المعبد بل إلى حصن زمن يوسف ابن فيروز، وفي الفترة الأيوبية بنيت قلعة تدمر من قبل أسد الدين شيركوه، وفي فترة المماليك أهملت ولم تكن محطة من محطات الإنذار المبكر ضد المغول، وكذلك في الفترة العثمانية أهملت مع طي النسيان حتى قدوم أول بعثة استكشافية 1751 من قبل داو كنز وروبرت وود، لكن أهم حدث تاريخي كان فك شيفرة الكتابة التدمرية من الأب الفرنسي بار تملي والإنكليزي سويتون، عام 1882 كما اكتشف الأمير الروسي أبماليك لازريف التعرفة المالية الجمركية وتم نقله إلى متحف الارميتاج1901م بموافقة السلطات العثمانية ويبلغ طوله 480×175 متراً، وفي فترة الانتداب الفرنسي أخلي معبد بل من السكان وتم نقلهم الى مدينة جديدة وتم اكتشاف الاغورا وترميم معبد بل والمدافن وغيرها من قبل سيريغ وآمي وجان كانتينيو وجان ستاركي.
وأشار القيم إلى أهم الأوابد الأثرية كمعبد بل، ومعبد بعل شمآين، ومعبد اللات، وقوس النصر، وشارع الأعمدة، وحمامات زنوبيا، ومسرح تدمر الذي بني في القرن الثاني الميلادي ويحتوي على منصة بطول 48 متراً، ويتألف من ثلاث بوابات من الشرق والغرب والجنوب، ويحتوي المدرج على 13 درجة يتسع2000 شخص, وكان المسرح مخصصاً للاحتفالات العامة وصراع الحيوانات، إضافة إلى مجلس الشيوخ، الذي يقع غرب المسرح وقبيل الآغورا أو الفورم (الميدان) التي بنيت في القرن الثاني الميلادي، والأسوار الدفاعية في تدمر، والمدافن وتسمى بيوت الأبدية وهي متنوعة برجية، وأرضية.