«من علّم وعمل يكون عظيماً في ملكوت السموات»
في معايدتي للمعلم في الوطن والعالم أقول:
المعلّم هو باعث الرجاء في مجتمعه، في قلوب الأطفال والنشء واليافعين والشباب، إنه مطعِم الكلمة، مزوّد العلم لطالبيه بعيداً عن الطبقة التي ينتمي إليها طالب العلم.
وقد وضع المجتمع الدولي في تقريره عن التربية في القرن الحادي والعشرين منذ سبع سنوات خططاً عالمية لتكون التربية للجميع ثم أضاف إلى هذا المشروع بعداً آخر وهو «التربية من أجل الإنماء الشامل الذي لا يتوقف ولا ينقطع» وقد أخذت المدرسة بهذه التوصية لتكون شريكاً في إيصال التربية والتعليم لكافة أفراد المجتمع من دون استثناء، وإذا كانت المدرسة هكذا فلا يمكنها إلا أن تكون شاملة وجامعة من خلال أدائها المتمثل بالكادر التربوي والتعليمي والتدريسي، ذلك يدعو لأن تعيش المدرسة وتنشر وتدرّب على ثقافة الحوار، حيث تشمل الأسرة التربوية الأهل والإدارة والمدرسين والمعلمين الواجب عليهم تعميق هذه الثقافة وبثها باقتدار، ولكي تحمل المدرسة على عاتقها مكافحة كافة أنواع الفقر وتلتزم بفقر المعوزين وتغنيهم بروحها التي تجمع ولا تفرّق والمنبثقة من المحبة التي تبذل ذاتها من أجل إسعاد ونمو الآخرين، ففي كل مرة لا يتم الاهتمام بطفل، وفي كل مرة يفشل تلميذ ولا تهتم المدرسة به، ولا تكون إلى جانبه ،لا تكون مهتمة بمواجهة كل أنواع الفقر.
وفي كل مرة ترى المدرسة عملاً منتجاً ولا تفعل شيئاً إيجابياً تكون قد ابتعدت عن مواجهة الفقر.
وإذا توقف التربويون الذين يشملون الكادر التربوي والتعليمي والتدريسي عن تحديد هوية المدرسة التي من واجبها أن تشهد لهويتها وبيئتها وتبعث الرجاء في المجتمع وتبقى شاملة جامعة تكون قد انحرفت عن مسارها الصحيح الواجب عليها ويستدعي ذلك التوقف وإصلاح المسار والانطلاق من جديد لتبقى مدارسنا بكادرها التربوي والتعليمي والتدريسي منارة يسير على هديها الراغبون في بث النور والمحبة والحقيقة في مجتمعاتهم.
فالكادر التربوي والتعليمي والتدريسي موكل في إعداد المجتمع وتثقيفه وتنويره وتعليمه، فليكن هذا الوكيل أميناً وحكيماً، إذ إن الحياة التربوية والتعليمية مسيرة تحتاج لتصحيح دائم وانطلاقة جديدة وتصويب مسار لتثمر وتعطي أكلها في نمو المجتمع وتقدمه وتطويره نحو الأفضل، وليكن شعار الكادر التربوي: «التجرد وبذل الذات من أجل الآخر» فهم نور المجتمع ومعبّدو طريق التقدم والإنماء ولا يتم ذلك إلى من خلال محبة هذا الكادر لعمله وإتقانه إياه وتطويره بشكل مستمر وتطبيق هذا العمل فعلاً على التلامذة والطلاب بمساعدة الأهل وحضورهم، ذلك يحتاج وصول هذا الكادر إلى القناعة المطلقة في عظمة وقدسية دورهم الرائد في تنوير المجتمع ما يوجب على المعلمين والمدرسين أن يتمتعوا بشخصيات قوية ويستطيعوا ضبط صفوفهم بطرائق تربوية حديثة مقرونة بالفرح والمرح الذي يبثونه في صفوف تلامذتهم وطلابهم ليكونوا محبوبين من قبل متلقّي العلم، وبالتالي تتعمق العلاقة بين المعطي والمُعطى بما يسهم في تسهيل تدريس المواد العلمية وإيصالها بكفاءة لطالبيها وإدخالها إلى أذهانهم بطرائق علمية تربوية شائقة.
ذلك يحتاج لأن تكون العلاقة بين المدرس والمعلم بطلابها لطيفة وحازمة فإذا أحب التلامذة والطلاب معلميهم ومدرسيهم أحبوا المواد التي يدرسونها وتألقوا في فهمها، بذلك يكون أساتذتنا معلمين وتربويين ومدرسين قد أعطوا بكمال وفرح وأوصلوا المادة العلمية والتربوية لطالبيها بسلاسة من خلال السهر على تلامذتهم وطلابهم والانتباه لمدى استيعابهم، المعلم المعطي بفرح ومحبة يكون مستعداً دائماً وكل يوم لإعداد وتهيئة الأجيال، فالحياة استعداد وحضور دائمان.
بذلك يكون مطلوباً من الكادر التربوي والتعليمي العمل بكمال وعدم إنقاص شيء، فالإنسان بشكل عام ، والتربوي والمعلم بشكل خاص هما معاونا الله في بناء التاريخ، من هنا تبرز عظمة دور ذلك الكادر المجتمعي والإنساني في مشاركة التلامذة والطلاب همومهم الحالية والمستقبلية وإبعادهم عن القنوط واليأس، وتفعيل الرجاء في قلوبهم ونفوسهم وعقولهم «فمن علّم وعمل يكون عظيماً في ملكوت السموات» وكل عام ومعلمو وطننا والعالم بألف خير.