خبير اقتصادي لـ «تشرين» : ثلاثة مسارات بديلة يمكن اعتمادها لتوجيه الدعم إلى مستحقيه
سبّب قرار استبعاد بعض الشرائح من منظومة الدعم نقاشاً كبيراً ولاسيما مع حصول بعض الأخطاء بسبب عدم توافر البيانات، وتركزت شكاوى المواطنين حول التوقيت الذي تصدر فيه مثل هذه القرارات في ظل الأزمة المعيشية القاسية التي يكابدها ذوو الدخل المحدود بعد المتواليات الهندسية في ارتفاع تكاليف المعيشة مقابل دخل لا يغني ولا يسمن، وكذلك عن الضمانة بأن هذه الاستبعادات لن يعكسها المستبعدون الأغنياء على الحلقة الأضعف وهي المواطن .
وهذا ما دفعنا إلى سؤال الخبير الاقتصادي شادي أحمد فيما إذا كان هذا القرار هو الوحيد أمام حكومتنا في ظل الظروف الحالية، وهل توجد بدائل اقتصادية اجتماعية أخرى كانت لتحقق إعادة توجيه الدعم إلى مستحقيه بشكل أفضل؟.
والذي أوضح في إجابته أن الدعم سياسة حكومية تهدف إلى كسر الهوة ما بين التكاليف المعيشية ودخل المواطن الذي تكون مستويات إنفاقه تفوق إيراداته لذلك فهو سياسة اجتماعية واقتصادية في الوقت ذاته، لأنه يستهدف تحريك الأسواق عن طريق استخدام المواطن للمبالغ التي يوفرها نتيجة الدعم على سلع وخدمات أخرى ما ينشط الأسواق، وعملياً لا تستطيع الحكومات الاستمرار في الدعم حتى النهاية وعادة ما تكون هناك خطة تهدف إلى تحقيق مؤشرات نمو عالية وعكسها على دخل المواطن كي يتم تخفي الدعم تباعاً حتى تتساوى مستويات الأسعار مع مستويات الدخول، وإذا لم تكن الحكومات تملك إيرادات كبيرة تعكسها على المواطنين في الشرائح الدنيا سيترتب على ذلك عجز في الموازنة العامة للدولة وعندما تتم تغطية هذا العجز بإصدار نقدي سينتج عنه التضخم و يرفع تكاليف المعيشة للمواطن، لنقدم الدعم من جهة ويأخذه التضخم في الوقت ذاته، ولهذا لجأت بعض الدول إلى ما يسمى سياسات البدائل للدعم، وفي ظل ظروفنا الحالية هناك استحالة لتوافر هذه البدائل لكن يمكن النظر إليها على أنها سياسات بديلة أو موازية أو مكملة لانخفاض مستويات الدعم.
وبرأي أحمد يوجد أمامنا ثلاثة مسارات أولها و أهمها والذي يجب أن نعمل عليه هو شبكة الأمان الاجتماعي من خلال القيام بمسح عام تحدد فيه شرائح المواطنين حسب الدخل وليس حسب شريحة العمل تحقيقاً للموضوعية والدقة، وبعد القيام بهذا التصنيف يتم وضع مؤشرات الاستهلاك التي تمكننا من تقدير الحدود الدنيا التي يحتاجها المواطن في معيشته، ومن ثم يتم تشميل جميع المواطنين الذين يكون مستوى دخلهم تحت مستوى الدخل المطلوب ليستمروا معيشياً بشكل جيد ضمن شبكة الدعم الاجتماعي، مع مراعاة أن التقدير يجب أن يكون لدخل الأسرة، ويتم تأمين موارد هذه الشبكة من حشد موارد خاصة عادة ما تكون من خارج الموارنة عن طريق الجمعيات الأهلية والمنظمات الدولية وإيرادات خاصة تأتي للدولة من خلال ما تنتجه، وتوضع هذه الموارد في صندوق لشبكة الأمان الاجتماعي وتقسم مساعداته حسب إنفاق الأسر على الطعام والتعليم والصحة والنقل والألبسة وغيرها، ويمكن تحصيل موارد الصندوق بشكل مواد عينية من شركات خاصة تحت عنوان المسؤولية الاجتماعية مقابل تخفيضات في الضرائب والرسوم المترتبة عليها، علماً أننا يجب أن نقيّم هذه الشرائح بشكل دوري لإضافة من يلزم إضافته وسحب الدعم ممن لا يستحقه .
أما المسار الثاني حسب أحمد فهو زيادة التوظيف في الأسر المحتاجة في القطاعين العام والخاص، والمسار الثالث يسمى الطريقة الاستثمارية أي تقديم القروض التنموية سواء ما يتعلق بالاقتصاد المنزلي (الذي لا توجد أي تشريعات تدعمه لدينا رغم أهميته) أو للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وتقدم جميع المزايا والمحفزات لهذه المشروعات حتى تتمكن من الإنتاج لتسديد الفجوة بين الدخل والإنفاق.
وأوضح أحمد أن الدمج بين المسارين الأول والثالث يعدّ الأفضل، كما يمكن دمج المسارات الثلاثة ضمن مشروع لكفالة الأسرة السورية يضاف إليه الجمعيات الخيرية بعد تنظيمها ضمن اتحاد للجمعيات الخيرية تحت إشراف وزارة الشؤون الاجتماعية يكون له دور في تنظيم وتوزيع المساعدات والدعم للمستحقين كما يجب.