تحمل تفاعلات الأزمة الأوكرانية واقتراب نهايتها مؤشرات على تصدع زمن التنمر الأمريكي وانهيار عصر أحادية القطب وما كان سائداً من هيمنة أمريكية على القرارات الدولية ومصائر معظم دول العالم لعقود مضت، فلا الفبركات ولاحملات التضليل والشيطنة والهستيريا الإعلامية غير المسبوقة استطاعت أن تزعزع الموقف الروسي أو تغير من مطالب الضمانات الأمنية الروسية الثابتة التي رفضتها إدارة بايدن وهددت وتوعدت بالعقوبات والحصار وعزل روسيا، وجعلها دولة منبوذة عالمياً وعندما لم يُجدِ هذا الصلف الأمريكي عادت إلى لغة الدبلوماسية وتحريك الوساطات وخاصة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
ومع ذلك تواصل إدارة بايدن الاستثمار في الأزمة الأوكرانية وتحويلها إلى قنبلة موقوتة بوجه روسيا، وراحت تعمل على تحريض أوكرانيا على موسكو بكل الوسائل، ونصبت جسراً جوياً مع كييف لإغراقها بكل أنواع الأسلحة والذخائر، وفي الوقت نفسه حركت الصراع بين أوكرانيا ودونباس واندلع القتال هناك ليكون المفجر لإشعال الحرب التي تخطط لها واشنطن عبر إصرارها على الكذب المستمر أن روسيا أخذت قرارها بغزو أوكرانيا، في مقابل النفي المستمر من موسكو بعدم وجود أي خطة روسية للغزو .
وتذكرنا الحملة الأمريكية المسعورة وتكرار كذبة الغزو الروسي لأوكرانيا والإصرار عليها بمقولة وزير الدعاية النازي ورفيق هتلر جوزيف غوبلز المشهورة الذي قال اكذب اكذب حتى يصدقك الناس، وواشنطن استخدمت هذه المقولة في كل حروبها وصراعاتها من أفغانستان إلى العراق إلى سورية.. فكم من مرة كررت كذباً وبهتاناً أن الجيش العربي السوري استخدم الأسلحة الكيميائية وتعاود الكذبة نفسها كلما أثبتت الوقائع بطلان هذه الكذبة والجانب الأمريكي لايخجل من تكرار أكاذيبه المكشوفة .
ويبدو أن الأزمة الاوكرانية بدأت تتحول لغير صالح إدارة بايدن مع انكشاف أكاذيب واشنطن حول مواعيد الغزو الروسي الذي حددته وأكدته مراراً باليوم والساعة.. كما أن حلفاءها الأوروبيين لا يوافقونها الرأي حول المواجهة مع روسيا والتضحية بمصالحهم الحيوية بينهم وبين موسكو، وتعرف الدول الاوروبية أنها ستكون الخاسر الأكبر في أي حرب تسببها الأزمة الأوكرانية، فالولايات المتحدة الامريكية تريد أن تشعل حرباً وقودها دماء الأوكرانيين والروس وخسائرها فادحة على أوروبا بأسرها فيما لا تخسر واشنطن شيئاً.
tu.saqr@gmail.com