علاء زريفة في مجموعته الجديدة “عازف الكلاشينكوف الضرير”… يتقرّى العالمَ ويقدّم لنا رؤاه

صدرت عن “دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع” في دمشق المجموعة الشعرية الرابعة للشاعر علاء زريفة بعنوان “عازف الكلاشينكوف الضرير”، بـ 28 نصاً و138 صفحة من القطع المتوسط، وقدّم لها الشاعر السوري هاني نديم بقوله: “يدخل الشاعر علاء زريفة إلى مجموعته متحرراً من أي تأثيم أو مسؤولية متكئاً على عنوانٍ حاسم مفاده: سأطلق النار على الجميع، وقد فعل هذا طوال صفحات الديوان حرفاً بحرف، أطلق نار الشعر المقدسة في كل الاتجاهات ليحررها من صمتها، تلك النار التي تقتل وتحيي معاً”.
ويبدو أن زريفة حامِلُ النار المقدسة ما زالت تتناهَبَهُ الهواجسُ وبناتُ القصائد بكامل فتنتها، بل يكاد رغمَ عناده وطبيعة عقله المشاكسة ينصاع لآلهة الشعر فيقدّم لها قرابين روحه على شكل كلماتٍ شعريةٍ تحفر أخاديدها الصغيرة في تربة عقول قرّائه، وتبقى طويلاً إلى أن يفاجئَها زريفة بنصوص جديدةٍ تتكشّفُ عن شاعر شاب يرى أبعدَ وأعلى وأعمق مثل ضريرٍ يتقرّى العالمَ من حوله ويحكي لنا رؤاه.
وإذا كانت مجموعته الأولى (المسيح الصغير) تتمحور حول مفهوميّ الشهادة والتضحية بالنفس التي لا تفضي إلى الموت بمعنى الفناء إنما بقدر ما تُقدّمُ – برأيه – خلاصاً أو ولادة جديدة ونهوضاً للمجتمع والإنسان معاً. فإن زريفة يبتعد في ديوانه (شوكولا) عن أجواء الدم والقتل العبثي اليومي فيما يشبه الهروب إلى الحبّ ومكابداته.
نسألُه: هل الحبُّ هو مُنقِذكَ من الهلاك؟ يجيبنا: “الحبُّ عاطفةٌ بدت لي حينها كقطعةِ شوكولا شهية ومغرية نمضغها بسعادة نادرة، لكن لا يبقى لنا منها إلا ذكرى الطعم المرّ”.
– لكنك عدتَ إلى مشاكساتك الفلسفية أو الوجودية إن صحّ العبير في ديوانك الثالث (شيطان) لم ذلك؟
يبتسم ويجيب: “كانت المحاورة فيه مع المقدّس-المدنّس، أو محاولة القتل العمد لكل ما ورثتُه ثقافياً واجتماعياً، ولعلّه أشبهَ بصراخٍ منفرد رفضيٍّ في قالبٍ دراميٍّ تشاؤميّ، وأكاد أجزم بأنه لا يجد أفقاً أو منجاةً من لعبة الحياة القاتلة”.
وبمناسبة صدور مجموعته الجديدة، نقول له: إن بعض الشعراء مقلّ جداً والبعض يكتب وينشر بكثافة، ولديك الآن في جعبتك أربعة دواوين… هل تعتقد أنك استعجلت في قول ما تريد أم إنك تشعر بأن أربعة دواوين لا تزال غير كافية لقول ما تهجس به فعلاً؟.
يقول زريفة: “إن كل ما كتبته هو تأريخٌ لتجربتي الحياتية الخاصة خلال الحرب المستمرة منذ عام 2011، وهذه التجربة تتقاطع بكل ما فيها من انكسارات وأزمات وهزائم مع أي إنسان سوري آخر عانى ولا يزال من أثارها المدمرة التي لم ينجُ منها أحد. أما بالنسبة لسؤالك فلا أعدّ نفسي مسرفاً في النشر لأن ما نشرته سابقاً ومؤخراً في “عازف الكلاشينكوف الضرير” محاولة لإثبات شيء ما لنفسي بأنني موجودٌ وحيٌّ في مكان ما وأنني أستطيع الصراخ والرفض وقول ما أرغب بقوله. ربما قد يأخذ منحىً استعراضياً (كغيري من الشعراء الشباب في بداياتهم) لإرضاء الأنا والبحث عن موطىء قدم في الساحة الأدبية فعلى الشاعر أن يحبَّ نفسه أولاً ويمتلئ بها وأن يصدقها لكي يصدقه الآخرون. ولذلك فمفهوم الإقلال أو الغزارة في عالم الكتابة والنشر هي مسألة ترتبط بطبيعة التجربة الإبداعية نفسها والظروف المحيطة بها التي يعاينها الكاتب أو الشاعر، ولكونها مرتبطة لديّ بكل ذلك، فإذا لم أجد صراعاً جديداً أو إشكالية ما وتجربة جديدة فيما أعيشه اليوم وغداً ومستقبلاً يخلق توتراً انفعالياً صارخاً لن أكتب… وهذا رهن الزمن والوقت”.
بعض ما جاء في مجموعته الجديدة بعنوان “لا تتزوجي إلا شاعراً بربرياً”:
“لا تعاشري شاعراً خطابياً
يصيح كديكِ الفجر
من هاوية مزبلته
يباهي بإكليل غرّته
ويبكي حماساً
بناتَ أفكار العسس
ليمتدحَ ربطة العنق الحمراء
حول رقبته
مهلّلاً
للمشنقة…”.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار