«الافتراضية السورية».. ريادة على مستوى المنطقة العربية وتكاليف مقبولة
بعد سنوات من إنشاء أول جامعة افتراضية سورية قدمت نظاماً تعليمياً للمقيمين داخل وخارج سورية لاختصار الزمان والمكان على الطالب، كان لابدّ من التساؤل إن كانت هذه التجربة قد أثبتت نجاحها بالتزامن مع إنشاء نظام التعليم المفتوح، وانتشار الجامعات الخاصة بكل الاختصاصات.
الواقع يجيب
يقول الدكتور يسار بريك مدير العلاقات العامة والتبادل الثقافي في الجامعة الافتراضية السورية: إن هذا السؤال يجيب عنه واقع الجامعة حالياً، فإذا نظرنا إلى الأعداد المتزايدة كل سنة وفي كل مفاضلة، نستطيع القول إن هذه التجربة ناجحة, وإن الإقبال الكبير على الجامعة لم يأتِ من فراغ، بل من مناهجها المعتمدة ومن سمعة الأساتذة، حيث أصبح للجامعة اسمها بعد أن وفرت الاختصاصات الجامعية المختلفة إضافة إلى توفير برامج الماجستير وفتح الباب أمام تحقيق مفهوم التعلم مدى الحياة من خلال استقطابها فئة كبيرة من الطلاب الموجودين أساساً في سوق العمل والذين يشكلون نسبة كبيرة.
وقد حازت الجامعة على ثقة الطلاب سواء داخل سورية أو الطلاب السوريين المقيمين خارج سورية وخاصة بعد انتشار وباء “كورونا” حيث وفرت ميزة متابعة تقديم المحاضرات بعد قرار الإغلاق الذي حصل.
وبالنسبة للطلاب الذين تخرجوا في الجامعة الافتراضية، فقد أثبتوا تواجدهم في كل مكان من خلال أبحاثهم وتطبيقاتهم، وخصوصاً خريجين الماجستير التطبيقي وقدموا إنجازات كبيرة ومهمة في مجالات عملهم.
ويضيف بريك: التجربة كانت ريادية على مستوى المنطقة العربية والعالم، فنحن موجودون منذ عام ٢٠٠٢ بفضل الرؤية الحكيمة التي سمحت بإنشاء الجامعة وتطبيق هذا النمط من التعليم في سورية منذ ١٩ سنة عندما كان هناك ٤ أو ٥ جامعات افتراضية في العالم فقط، وحالياً يوجد أكثر من 200 جامعة من هذه النمط في العالم.
ويوضّح بريك أن الجامعة الافتراضية السورية تقوم بتطوير دوري لمناهجها الخاصة ببرامجها، مع إحداث برامج مبتكرة سواء في الإجازات الجامعية أو في برامج الماجستير، فعلى سبيل المثال يوجد في الجامعة منذ عام 2005 إجازات تقانة المعلومات وتقانة الاتصالات، وبرامج الماجستير مثل إدارة التقانة وإدارة الجودة والتعليم الطبي والقانون الدولي الإنساني وهي برامج نوعية تقابل احتياجات سوق العمل وتعدّ من البرامج الأولى في سورية في اختصاصات بينية أو عابرة للتخصصات.
معترف بها دولياً
وبخصوص الاعتراف بالجامعة دولياً، أوضح الدكتور بريك أن التجربة تقول إن طلابنا الذين توجهوا إلى أوروبا لم يعانوا من معادلة شهاداتهم، ففي ألمانيا مثلاً الجامعة الافتراضية السورية هي من الجامعات غير الألمانية المعترف بها، كذلك الحال في بريطانيا، كندا فرنسا السويد والنمسا، لأن هذه الدول تمتلك هذا النمط وهذا المبدأ في التعلم الافتراضي والتعلم عن بعد.
وعن مصير الطلاب الخريجين وما مصيرهم بعد التخرج قال الدكتور بريك: نحن خامس جامعة حكومية من حيث الإحداث، ولدينا كل المعايير المطلوبة لاعتمادية التعليم، وللخريج الحق في التعيين في الوظائف الحكومية وله الحق في التدرج الوظيفي، وللخريجين أيضاً الحق في الانتساب للنقابات والجمعيات الأهلية التابعة لهذه الاختصاصات الموجودة.
وعن كيفية توصيل المحاضرات للطلاب والتواصل بين الطلاب والأساتذة في هذا الوضع المتردي للكهرباء، وانخفاض جودة شبكة الإنترنت وغلاء الباقات، أوضح الدكتور بريك أنه هناك باقة إنترنت مخصصة لطلاب الجامعة الافتراضية السورية، ومن خلالها يستطيع الطلاب متابعة محاضرات الجامعة.
ونمط التدريس في الجامعة الافتراضية يقوم على تقديم المحاضرات المتزامنة، حيث يكون المدرّس مع الطلاب وفق منظومة برمجيات وأدوات التعلم الافتراضي، وفي حال تعذر على الطالب أن يكون في زمن المحاضرة، باستطاعته تحميلها وحضورها وسماعها بشكل غير متزامن في الزمان والمكان الذي يناسبه، ويمكن للطالب أن يتواصل مع المدرس ويستفسر ويسأل من خلال المحاضرة أو عبر الإيميل، وهكذا يستطيع التفاعل مع المدرس من خلال أدوات التعلم الافتراضي الموجودة والمعتمدة.
أما عن مراكز نفاذ الجامعة في المناطق التي خرجت عن سيطرة الدولة وما هو مصير الطلاب، قال الدكتور بريك: إن المراكز التي كانت ضمن الأماكن الساخنة هي مراكز متوقفة حالياً وفق قرارات مجلس الجامعة، وبالتالي وضع الطالب يكون مجمّداً فيها، إلا إذا طلب نقله إلى مركز آخر، والآن تتم إعادة فتح مراكز نفاذ للجامعة في الأماكن التي عادت إلى سيطرة الدولة.
ومن ناحية التكلفة المادية، أوضح الدكتور بريك أن تكلفة الدراسة في الجامعة هي تكلفة معقولة تقارب تكاليف التعليم الموازي وأرخص من تكاليف التعلم الخاص بنسبة كبيرة.
«تشرين» التقت مجموعة من طلاب الافتراضية، فقالت إحدى طالبات السنة الثانية قسم العلوم الإدارية إن تجربتها في الجامعة ممتازة، وخاصة من حيث المناهج التي يتم تحديثها بشكل دوري لمواكبة التغيرات الحاصلة في العالم على صعيد الفرع الذي تدرسه. ووصفت الكادر التدريسي بالمختار بعناية ويبذل قصارى جهده، والجامعة تتيح للطالب فرصة التعلم بنفقات مقبولة تقريباً لأي شريحة اقتصادية، وتمنت أن تصبح المناهج التعليمية باللغة الإنكليزية حيث يمكن للطالب أن يتخرج في الجامعة وهو يمتلك كل المصطلحات المهمة في مجال فرعه باللغة الإنكليزية.
في المقابل يرى أحد طلاب الهندسة المعلوماتية أن هناك مشكلتين، الأولى تتعلق بنظام الطلبات والحصول على بعض الوثائق مثل مصدقة الجيش أو كشف العلامات، حيث هناك تأخير واضح في الحصول عليها رغم أن التقديم إلكتروني ويفترض أن يكون الجواب أسرع. والمشكلة الثانية تتعلق بالمحاضرات المسجلة وأنها لا تشبه المحاضرات الموجودة على اليوتيوب أو على منصة ثانية.
وعن هذه المشكلة، قال الدكتور بريك: إن سبب ما يراه الطالب تأخيراً، هو أن كل وثيقة مطلوبة تتطلب الدخول إلى ملف الطالب والتأكد من جميع المعلومات المطلوبة، ومن ثم يتم طباعة الوثيقة وتجهيزها لاستلامها، حيث يحدد الطالب مركز استلامه لها إما من مركز الجامعة الرئيسي، أو في محافظته، ويتم عندها إرسال الوثائق عن طريق المؤسسة العامة للبريد إلى مراكز الجامعة في المحافظات.