جرمانا.. مدينة بإمكانيات قرية.. مشكلات بالجملة ووعود بالمفرّق
تضخم سكاني كبير شهدته مدينة جرمانا، من ٥٠٠ ألف إلى أكثر من مليون ونصف المليون نسمة، لكن الخدمات والإمكانيات بقيت على ما هي عليه باستثناءات قليلة، فالضغط السكاني نتيجة استقبال المدينة مئات آلاف المهجرين من المحافظات التي ضربها الإرهاب وقبله استقبال مئات آلاف العراقيين بعد الاجتياح الأمريكي، استنزف إمكانيات المدينة الخدمية البسيطة أساساً، فتعددت المشكلات وتفاقمت، وصار بعضها مستعصياً على الحل.
شكاوى كثيرة من الأهالي حول تدهور أوضاع الخدمات، إذ إن الانقطاعات وأعطال الكهرباء لا تسمح بتعبئة المياه، وتجبر معظم السكان على شراء مياه الصهاريج بمبالغ كبيرة بسبب استغلال بائعي المياه لحاجة الأهالي والتلاعب بالأسعار.
كيف حصل التضخم؟
مختار مدينة جرمانا طلال بركات أعطى «تشرين» ملخصاً عن التزايد السكاني في المدينة التي تبلغ مساحتها ه آلاف متر مربع، حيث كان عدد السكّان المسجلين في نفوس جرمانا قبل عام 1960 يبلغ ٣٥ ألف نسمة، وبعد ذلك تزايد عندما قصد المدينة عدد غير قليل من أبناء محافظة السويداء، وبعدها وخلال الحرب الأهلية في لبنان استقبلت المدينة أيضاً نسبة كبيرة من اللاجئين لا يزال الكثير منهم موجودين حتى الآن.
أما الهجرة الأكبر إليها فكانت بين عامي ٢٠٠١ – ٢٠٠٧، نتيجة الاحتلال الأمريكي للعراق ونزوح العراقيين حيث وصل عدد من يقطنون جرمانا الى ٥٠٠ ألف نسمة.
وفي عام ٢٠١١ مع بداية الحرب على سورية ، وفد إليها من بلدات الغوطة الشرقية وريف دمشق عدد كبير من الأسر ، وبعد حوالي 3 سنوات استضافت المدينة ما يقارب ٢٥٠ ألف نسمة من محافظة دير الزور، ثم وبعد انتهاء أغلبية العمليات العسكرية عام ٢٠١٧ وسيطرة الجيش وتحرير معظم المناطق، تناقص العدد من مليون وسبعمئة وخمسين إلى مليون وثلاثمئة وخمسين ألف نسمة. هذا العدد الكبير ضمن مساحة جغرافية صغيرة، إضافة إلى العشوائيات والمخالفات، أدى إلى صعوبة في تأمين الخدمات.
رئيس مجلس مدينة جرمانا فايز عزام أوضح لـ«تشرين» أن المجلس يعمل على استكمال مشاريع كانت قيد التنفيذ وتوقفت، أهمها مشكلات الصرف الصحي وتزفيت بعض الشوارع ، وتكمن الصعوبة في رصد المبالغ المطلوبة لأنها كبيرة، لكن محافظ ريف دمشق وعد بالموافقة على صرف الربع النظامي لاستكمال تنفيذ المشاريع وتأمين مبلغ ١٥٠ مليون ليرة.
ولفت عزام إلى اعتماد آلية جديدة تعيد إحياء إشراك المجتمع المحلي في كل الأحياء لخدمة المواطنين ومراقبة عملية النظافة وتوزيع الخبز، لما كان لهم من دور كبير في خدمة المدينة خلال الأزمة.
وفيما يخص واقع الكهرباء، كشف عزام أن هناك خطة بين وحدة المياه ومؤسسة الكهرباء للاشتراك بخط معفى من التقنين يعمل على مدار ٢٤ ساعة، بهدف تشغيل مضخات المياه، لكنها خطة باهظة الثمن، دفع منها حوالي مليار ونصف المليار ليرة.
وأشار رئيس مجلس المدينة إلى أن جرمانا تعاني من مشكلات في الصرف الصحي في المناطق المزدحمة والأماكن القديمة مثل (الآس الشرقي والغربي والجناين وحي الخضر والبيدر)، وهي مناطق تشهد اختناقات سكّانية، يتم العمل على حلها وإكمال المشاريع المتوقفة، أما بخصوص مشكلة انتشار القمامة فبيّن أن هناك منظمتين تساعدان على حل المشكلة، الأولى تعمل في الشوارع الرئيسية والثانية في المنطقة الجنوبية، لأن المدينة تعاني من نقص في اليد العاملة والآليات.
خط معفى من التقنين
وحول المشكلة الأكبر التي يعاني منها سكان المدينة، وهي مشكلة المياه، التقت “تشرين ” معاون مدير مياه عين الفيجة المهندس عمر الدرويش ومدير الوحدات الاقتصادية بمؤسسة مياه دمشق وريفها وسام البارودي اللذين أكدا أن في مدينة جرمانا ٤٢ بئراً موزعة على أحياء المدينة ويعد هذا المصدر الداخلي، أما المصدر الخارجي الذي يسمى (العقدة الخامسة) فهو محطة كانت لمدينة دمشق، ولكن منذ عدة سنوات تحوّلت إلى مدينة جرمانا، تضخ حوالي عشرة آلاف متر مكعب باليوم.
كما تم رفع التقنين الكهربائي بشكل جزئي عن المدينة بهدف استمرار عمل المضخات وتزويد المدينة بالمياه، فقد كان التقنين سابقاً (يوم تزويد ويوم قطع)، لكن منذ حوالي شهر زادت ساعات التقنين الكهربائي، وطرأت مشكلة في انخفاض الجهد الذي يغذي المحطات، فأثر في تشغيل المضخات الموجودة داخل المدينة، ويتم العمل على إرسال كميات من المازوت لتشغيل المولدات، حسب الإمكانية المتاحة.
وكذلك تعرض خزان حي النهضة لعطل نتيجة احتراق محولة وخروجها عن الخدمة، واستغرق إصلاحها حوالي أسبوع، هذا العطل أثّر في أربع آبار تتغذى من هذا المركز، فتوقفت لمدة أسبوع والآن عادت إلى العمل.
ورداً على سؤال «تشرين» عن أسباب تغيير نظام تقنين المياه إلى يومين تزويد ويومين قطع، تبين أن السبب – حسب مؤسسة مياه دمشق وريفها ومياه عين الفيجة – هو أن نهايات الشبكة في المناطق العالية لا تصل إليها المياه، فالتزويد بيوم كامل للمياه لا يؤدي إلى وصول المياه إلى نهاية الشبكة، بسبب انقطاعها وتحويلها إلى أماكن أخرى، لكن نظام التقنين (يومان بيومين) ساعد في تأمين وصول المياه إلى نهاية الشبكة لمدة ست ساعات تقريباً، وهناك حل قيد التنفيذ بين شركة الكهرباء ومؤسسة المياه، وهو خط معفى من التقنين لكل آبار مدينة جرمانا، وتم إرسال مبلغ قدره ٢,٨ مليارات ليرة إلى شركة الكهرباء، وهذا المشروع سيحل مشكلة كبيرة في المدينة.
مشكلة خط 66
مشكلة الكهرباء لا تقل أهمية عن مشكلة المياه، حيث تنقطع لساعات طويلة، وعنها قال مدير قسم الكهرباء في مدينة جرمانا غياث عيده: يضم القسم ثلاثة مكاتب طوارئ ، وتوجد في كل مكتب هواتف مخصصة لمتابعة شكاوى المواطنين، وهذه المكاتب تقوم بمتابعة كل الشكاوى، لكن كثافة اتصالات الأهالي مع المكاتب تؤدي إلى انشغال الخطوط ..
وأوضح عيده أن فصل الكهرباء بشكل متكرر ليس بسبب الضغط على المحولات، فمحولات المدينة وضعها مستقر، وإنما بسبب الحمولة على خط ٦٦، فعندما تتجاوز الحمولة حداً معيناً يتم تقنين مخارج المتوسط وفصل الخطوط بهدف حماية الخط الرئيسي وعدم التسبب بعطل في المحطة، أما بقية الأعطال فيتم العمل على معالجتها بشكل فوري.