حتى الآن، لا يمكن الحديث عن موعد ثابت للانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ليبيا، فيما البعض يتحدث عن أنه لا يمكن الحديث عن انتخابات بالأساس، ما دامت الأطراف الليبية المعنية على خلافاتها وانقساماتها، فيما قضية ترحيل المرتزقة والقوات الأجنبية لا تزال عالقة في داومة اجتماعات تتعدد وتتكرر من دون اتفاق على مسألة من سيخرج أولاً، ومن سيبقى؟!.. هذا ونحن لم نذكر بعد الارتباط الشائك بين هذه القضية والانتخابات، والخلافات حول ما إذا كان ينبغي خروج المرتزقة أولاً، أم إجراء الانتخابات أولاً؟
وهكذا.. نكاد لا نجد على الساحة الليبية سوى الاجتماعات والمؤتمرات التي ستحط رحالها الأسبوع المقبل في باريس، حيث من المقرر مناقشة كلتا القضيتين: الانتخابات والمرتزقة، ليبرز السؤال ذاته مع كل مؤتمر: هل سيحسم المؤتمر الجديد مسارات الحل في ليبيا؟
بالنظر إلى المشهد العام، هناك القليل جداً من التفاؤل حيال إمكانية إجراء الانتخابات في موعدها المرتقب في 24 كانون الأول المقبل. الخلافات تتسع وتتصاعد، وهناك من بات يحذر من اندلاع موجة جديدة من الاقتتال في حال جرت الانتخابات دون أن تكون كل الأطراف موافقة على قانون الانتخابات الذي صدر الشهر الماضي.. ولا يخفى هنا العامل الخارجي الذي هو في صلب العملية الانتخابية ويؤثر بصورة كبيرة عليها.. ولا يخفى أيضاً أن دولاً تطرح مسألة تأجيل الانتخابات حتى الوصول إلى توافق بين المجلس الأعلى للدولة والبرلمان، وهذه من أبرز المسائل التي ستطرح أمام مؤتمر باريس- حسب مصادر برلمانية ليبية.
هذه المصادر تخرج بصورة يومية على وسائل الإعلام لتعرض تطورات المشهد السياسي، والتدخلات الخارجية، مشيرة إلى أن مؤتمر باريس (المفترض انعقاده 12 الشهر الجاري) لن يكون أوفر حظاً من غيره، لأنه سيصطدم كما هو متوقع بعقدة الدول المتدخلة عسكرياً في ليبيا والتي لن تخرج منها إلا مع ضمان كل مصالحها، ومن ضمنها البقاء عسكرياً، وعلى رأسها تركيا. وتضيف المصادر: هذه الدول من مصلحتها بقاء الوضع على ما هو عليه، خوفاً من أن تأتي الانتخابات بسياسيين جدد، يتعارضون معها، خصوصاً أن قانون الانتخاب يطلب عدم ترشح من هم على الساحة السياسية الليبية اليوم.
وتتابع المصادر: هذا يعني أن الخلاف بين المشاركين في مؤتمر باريس موجود قبل انعقاده.
حال الانتخابات في مؤتمر باريس سيكون هو نفسه حال المرتزقة، الذي سيخرج- كما المؤتمرات السابقة – بورقة توصيات، تتجاهل أساس الأزمة، وتتعامى عن المسببين الحقيقيين لاستمرارها.
إذاً، لماذا تنعقد هذه المؤتمرات، وهل من المعقول أنها لا تحقق شيئاً؟
البعض يقول إنها تنعقد حتى تتفق الأطراف الخارجية فيما بينها، فطالما اتفق الخارج فإن الداخل سيتفق، والعكس بالعكس.
إذا كان هذا هو الحال، وعلى الأغلب هو كذلك، فإن ليبيا ستبقى على حالها، فوضى واضطرابات، وموجات اقتتال، وبقاء للمرتزقة وللقوات الأجنبية…علماً أن مصالح الخارج ليست متضررة من جراء كل ذلك، بل هي تسير على أحسن ما يرام، خصوصاً ما يتعلق بالمصالح النفطية، وبالتالي هذا الخارج غير مستعجل على الحل.. ولا بأس عنده من استمرار المؤتمرات التي بلا طائل، وإشغال الليبيين بها، فهي لا تكلفه شيئاً، فيما اتفاق الليبيين يكلفه كثيراً إذا لم يكن تحت نظره ووفق إرادته.
قد يعجبك ايضا