صائدو المكاسب
ما أكثر صائدي المكاسب والمنافع المشبوهة في ظروفنا الراهنة .. إذ لا يغفل المتربصون باحتياجات المواطنين الأساسية لقلتها وضغط الحاجة عليها عن طرق استغلالها والتربح غير المشروع من ورائها، وسلة الأمثلة على ذلك تطفو بالكثير من الشواهد.
إن الكثيرين يتقدمون للجهات المعنية بطلبات للحصول على رخص توزيع الغاز المنزلي، وفي الواقع فإن هذه الرخص لا يتم العمل الفعلي بها .. بل تؤجر لآخرين بمقابل مادي متفق عليه مع حصة من الأسطوانات الممتلئة من النسبة المسموح للمعتمد التصرف بها خارج البطاقة الإلكترونية.
كذلك أصبحنا نشهد افتتاح العديد من المطاعم الشعبية بعد التهافت على تراخيصها مؤخراً، لدرجة تبعث على الاستهجان لكون الجدوى من عملها الفعلي ليست بالمستوى المطلوب لتزاحمها إلى درجة الملاصقة في بعض الأماكن، وحسب متابعين فإن الطمع ليس بالمردود من وراء العمل، وإنما الهدف الفعلي هو الحصول على مخصصاتها من الغاز التجاري واستهلاك ربعها أو نصفها في أحسن الأحوال بالعمل، والباقي يذهب للمتاجرة به في السوق السوداء بأسعار تفوق النظامي أضعافاً مضاعفة تتفاوت حسب شدة الطلب على المادة.. ما يدر مبالغ كبيرة على صاحب الترخيص من دون أي عناء.
وراج مؤخراً إقبال العديد من أصحاب السيارات السياحة الخاصة على التقدم إلى مديريات النقل بطلبات لتحويلها من خاصة إلى عامة، وذلك ليس بقصد الحصول على فرصة عمل.. بل للاستئثار بالمخصصات العالية من مادة البنزين التي تمنح لسيارات الأجرة العمومي، ومن ثم المتاجرة بها في السوق السوداء بأسعار باهظة يعرفها القاصي قبل الداني.
والإقبال على رخص معامل المنتجات الإسمنتية من بلوك وبلاط وقساطل بيتونية ليس بقليل أيضاً، وذلك بهدف تأجير تلك الرخص للمتاجرين بمادة الإسمنت الأسود في السوق السوداء مقابل نسبة أو أجر مقطوع، ولن يصعب على أي متابع معرفة ذلك إذا حضر عند أي من مراكز توزيع المادة.
إن ما يحدث هو استغلال غير مشروع من ضعاف النفوس لاحتياجات الناس، ولا بدّ من إجراءات صارمة في منح التراخيص تقترن بالكشف الحسي الفعلي لا الوهمي، مع تطبيق الرقابة الدورية الشديدة للتأكد من استمرار مزاولة المهنة، وفي حال ارتكاب أيٍّ من أشكال مخالفات الاتجار بتلك الرخص أو مخصصاتها من المواد فلا بدّ من سحبها واتخاذ العقوبات القصوى حيالها.