الكتاب ركن أساسي من أركان المعرفة، لما يحمل في طياته من علم ومعرفة، والقراءة مفتاح لها، ونافذة على الثقافات الأخرى، وتقاس حضارات الأمم بمدى رقيها وتعلمها.
الكتاب المدرسي يعاني مع بداية كل عام صعوبات عدة فرضتها جملة من الأمور بعضها خارجة عن إرادتنا نتيجة الحرب الإرهابية المستمرة على الوطن، والإجراءات القسرية أحادية الجانب المفروضة على سورية التي ساهمت في زيادة تكاليف طباعة الكتاب المدرسي، لكن بعضها الآخر متعلق بنا يتمثل في تأخير توزيعها مع مطلع كل عام، وانتظار الطلبة أسابيع لاستكمالها.
عدة مدارس وقسم من الأهالي الذين توجهوا إلينا في الأسابيع الأولى من العام الدراسي كان التساؤل الذي جمعهم لماذا التأخير في توزيع الكتب، ولماذا الكتب الجديدة لم تنجز في الموعد المناسب، وكيف يمكن تجاوز ذلك مستقبلاً وعدم تكراره؟.
تكرار للمشكلة في كل عام
د.محمد العبد قال: مسلسل يتكرر كل سنة… وتتعامل معه وزارة التربية كأنه يحصل للمرة الأولى، وشاطرته الرأي السيدة لميس بالتأكيد أن هذا المسلسل كل عام يتكرر، مضيفة، مضى عدة أسابيع في المدرسة، ولم تتسلم ابنتي كتبها كاملة، وتختصر معاناتها بالقول «يعني ما بعرف شو ناطرين لتخلص السنة».
بدوره وسيم فرانسيس أكد أنه قام بجولة على مستودعات دمشق وريفها كلها المركزية واللامركزية، ولم يستطع الحصول على كتب اللغة الأجنبية، والتربية الدينية المسيحية، والقومية، وفي مدرسة ابنه لا يعطون الكتب التي تم تغييرها بحجة أنهم جلبوا نسخاً كاملة للطلاب، ومع ذلك يقولون هناك نقص في الكتب الجديدة المغيّرة، ويجبرونك على شراء النسخة كاملة بـ٢٥ ألف ليرة للصف التاسع، علماً أننا نملك نسخة جديدة إلا أن تغيير المنهاج للمواد التي ذكرتها كانت نقص في النسخة، وحين أردنا الحصول عليها لم نفلح، واحتجنا لوقت طويل حتى تمكّنا من استكمال النقص عن طريق تصوير المطلوب “pdf”، لذلك يمكن القول: كان الأولى من المعنيين أن يبادروا لطباعة هذه الكتب باكراً، ويتم تأمينها للمستودعات كلها، وقبل وقت كافٍ من بدء العام الدراسي، فمن لم يتعلم من الخطأ مرة واحدة لن يتعلم أبداً.
وقال مدير المجمع التربوي في مدينة جرمانا خالد السودة: أمضينا أوقاتاً طويلة، وحتى ساعات متأخرة من الليل في التواصل مع مديرية التربية في ريف دمشق، ومع القائمين على الطباعة ومستودعات الكتب، لاستكمال النقص الحاصل في الكتب، وكان هاجس الجميع السعي لتدارك ذلك بأسرع وقت ممكن، ونأمل عدم تكرار ذلك في السنوات القادمة.
إجابات مدير المطبوعات
حملنا مجمل التساؤلات التي كانت في ذهن الطلبة والأهالي حول الكتاب المدرسي، وتوجهنا بها لمدير عام المؤسسة العامة للطباعة في وزارة التربية عــلـي داسم عــــبـــود، وبعد انتظار أسبوعين قال مدير المطبوعات: لم يكن هناك تأخر في التوزيع، وإن وجدت حالات سوء في التوزيع، لمادة ما أو في مدرسة ما واستكمال حاجة ناقصة تتم معالجتها بالتنسيق بين المدارس والمستودعات الفرعية.
أما الآلية المتخذة من قبل وزارة التربية لتوزيع الكتب المدرسية هناك تعليمات خاصة بالتوزيع المجاني، وإعادة التوزيع للكتب المدرسية المستردة من الطلاب، حيث يتم توزيع الكتب مجاناً من الصف الأول وحتى التاسع، وعلى جميع الطلاب في مرحلة التعليم الأساسي، في المدارس الرسمية التابعة لوزارة التربية، ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، ووزارة الأوقاف، وفي مدارس أبناء وبنات الشهداء وفق النسب المقررة، والمدورات في المدارس، ويسلم الكتاب الصالح للتدوير وبحالة جيدة، وعدم تسليم أي كتاب تالف.
يتم استلام وتسليم الكتاب من قبل لجان الاستلام المشكّلة في كل مدرسة من المستودعات الفرعية المنتشرة في كل تجمع ( بلدان – نواحٍ – قرى ) وتوزع الكتب بعد حساب المدور الصالح للتوزيع لدى كل مدرسة.
الخطة الطباعية للعام الحالي بدأت منذ تاريخ 15/2/2021 م وسلمت الكتب للمحافظات فور طباعتها تباعاً، فلم يكن هناك تأخير، حيث كانت الكتب متوفرة وبشكل طبيعي، وخاصةً كتب الشهادات العامة ( أساسي وثانوي ) مطبوعة وجاهزة بداية حزيران من أجل الدورات الصيفية، ويتم توزيعها خلال الأسبوع الأول من العام الدراسي بالنسبة للصفوف من 1-9 لكن بالنسبة للصفوف /10-11-12/ الآلية المتبعة يجب على الطالب أن يسجل على الكتب التي يحتاجها لدى أمين المكتبة، ليتمكن من شرائها من المستودع الفرعي بغية توزيعها, وبالنسبة لسلاسل اللغات الأجنبية التي تطبع لأول مرة في سورية، وهي تأليف محلي من خيرة الخبرات التربوية تم البدء بطباعتها فور الانتهاء من التأليف بدءاً من 2/8/2021م بعد تصديق العقود أصولاً بكمية ستة ملايين وخمسمئة ألف نسخة كتاب مدرسي وتسلم تباعاً.
وإن تأخر توزيع الكتب المدرسية خلال الأسبوع الأول والثاني من العام الدراسي الحالي ناجم عن الصعوبات الكبيرة التي عانت منها بداية المطابع العامة خلال أشهر ( أيار – حزيران – تموز – آب ) بسبب التقنين للكهرباء، واستعاضت بدلاً منه العمل على مادة المازوت بالشكل الذي يسمح للمطابع بالعمل على طباعة الكتب.
لم يلبِ حاجتنا
وبعد الانتهاء من طباعة الكتب تعتمد المؤسسة على مكتب تنظيم نقل البضائع في دمشق، حيث لم يلبِ حاجة المؤسسة بالسيارات اللازمة والكافية، نظراً لعدم توفر المازوت وانخفاض أجرة النقل، حسب قولهم، وتهرب سائقي الشاحنات الخاصة في دمشق وعدم القدرة على إلزامهم, لجأت المؤسسة تفادياً لذلك بالاتفاق مع مؤسسة الإسكان العسكرية على النقل بسياراتها إلى المحافظات، وإلى المطابع وعلى عدد من سيارات الشركة السورية العراقية (حلب – دير الزور )، وتم السماح للفروع باستئجار السيارات الخاصة لنقل الكتب ضمن المحافظة بالأسعار الرائجة، لتلبية حاجة المدارس في الوقت المحدد، برغم التكاليف الباهظة، والتي تحملتها المؤسسة من دون أن ينعكس ذلك على سعر الكتاب، وهذا ساهم في التأخير بعض الشيء في توزيع الكتب على المستودعات الرئيسة، ومنها إلى الفرعية، ومن ثم استلامها من قبل المدارس برغم جميع الإجراءات المتخذة.
25 مليون كتاب
يضيف عبود: تابعت المؤسسة العامة للطباعة خطتها الطباعية كاملة، برغم كل الظروف الصعبة، والمعوقات التي واجهتها، حيث تمكنت من إنجاز كتب الفصل الدراسي الأول 25.400.000 نسخة، منوهين بأنه تم توزيع أغلب الكتب الدراسية في الوقت المحدد، ولكل المحافظات باستثناء تأخر بسيط في كتب اللغات لكونها تطبع لأول مرة ضمن سلسلة جديدة.
وأرجع عبود النقص الواضح في عدد من الكتب في بعض المدارس، عدا القديم منها والذي لا يمكن استعماله مجدداً، لعدم توفر وسائط النقل الكافية، وارتفاع أجور النقل ما يشكل عبئاً على لجنة استلام الكتاب المدرسي وتمت معالجة هذه المشكلات.
ونصت تعليمات الاسترداد وإعادة التوزيع على أن يتم توزيع الكتب الجديدة وفق النسب المحددة، بينما تتم إعادة توزيع الكتب القديمة والصالحة للاستخدام ولمرة واحدة فقط.
وعن المعاناة في وصول الكتب للطلبة بعد بدء العام الدراسي بفترة ليست بقصيرة قال عبود: تحدثنا سابقاً أن قسماً من الكتب موجود أساساً في المدارس وفقاً لتعليمات الاسترداد وإعادة التوزيع، وكتب التعليم العام تكون مطبوعة وجاهزة، للتسليم قبل بدء العام الدراسي، وسلمت خلال الأسبوع الأول والثاني من افتتاح العام الدراسي.
وتمت معالجة المشكلات الحاصلة في سوء التوزيع بالتنسيق من قبل مديري الفروع، ومديري التربية خلال الأسبوع الثالث من افتتاح العام الدراسي، واستكمال النقص في بعض كتب اللغات الأجنبية، وتمت المتابعة بزيارات ميدانية للتأكد من وصولها لأيدي التلاميذ، برغم الصعوبات التي نعاني منها، وعدم توفر وسائط النقل الكافية، وارتفاع الأجور والمساندة المحدودة وانعدامها أحياناً، وتباطؤ بعض اللجان من استلام الأعداد المحددة لها من الكتب المدرسية من المستودعات بسبب ذلك.
وعن الآلية التي على أساسها يتم إنجاز الكتاب المدرسي، ولماذا لا تكون جميع الكتب جاهزة قبل بدء العام الدراسي أوضح عبود أنه بعد انتهاء الجرد السنوي للمستودعات المركزية، ومستودعات الفروع في المحافظات في بداية العام الجديد، وبالتنسيق مع مديريات التربية في المحافظات كلها يتم إنجاز محضر تقدير الحاجة، والذي يصدر في بداية الشهر الثاني من العام الجديد، وبناءً عليه تتحدد عناوين وأعداد الكتب المطلوب دفعها وطباعتها للعام الجديد، ويتم دفع الكتب القديمة مع بعض التصويبات عليها إن وجدت والكتب الجديدة من قبل المركز الوطني لتطوير المناهج التربوية إلى المؤسسة العامة للطباعة، ثم يجري إعداد الكتب وتجهيزها ورقياً وإلكترونياً( نسخة CD ) من قبل التحضير الطباعي في مديرية المطابع، بعد إنجاز التصويبات المطلوبة، وتوقيع المنسق الأول للمادة الماكيت الأخير المنجز وبالنسبة للكتب الجديدة التوقيع على جميع صفحات الكتاب، وبعدها يتم دفع المباشرات للمطابع العامة مع الأصل الورقي، مضافاً إليها النسخة الإلكترونية على “CD” من أجل البدء في عملية الطباعة، التي تجري متابعتها من قبل دائرة المتابعة الميدانية على أرض الواقع، من خلال عناصر المتابعة ومطابقتها المواصفات الفنية للكتاب المدرسي، مع أخذ عينات عشوائية ومطابقتها مع الأصل، وإعطاء الموافقة على استمرار الطباعة..
لتكون معظم الكتب جاهزة قبل بدء العام الدراسي فقد جرت العادة في المؤسسة بدفع الكتب للطباعة بدءاً من 20/11 من كل عام وفي هذا العام تأخر دفع الكتب للمطابع حتى 1/2 /2021م.
قلنا لمدير عام مؤسسة الطباعة: مادامت أعداد الطلبة معروفة سلفاً مع نهاية كل عام دراسي، لماذا يحصل التأخير في طباعة الكتب والتوزيع ؟
فكان رده بأن المؤسسة تقوم بتحديد حاجاتها مع بداية كل عام، وتكون الخطة الطباعية للفصل الأول جاهزة بتاريخ 18/1 من كل عام، وأعداد الطلاب يتم بالتنسيق بين مديريات التربية، وفروع المؤسسة لحصرها حسب الموزع من كل عام.
تعد أعداد الطلاب عن العام الحالي مؤشراً، ولكن ليس كافياً لتقدير الحاجة للعام القادم، وتتم طباعة وإنجاز الكتاب المدرسي في المطابع العامة (اللجنة الدائمة للطباعة) وتقدير ملاءمة كل مطبعة على حدة عن طريق لجنة مشكلة لهذه الغاية، مع الأخذ في الحسبان الآلات الموجودة لديها، ومدى جاهزيتها الفنية، والكميات المنجزة خلال الأعوام السابقة ( طباعة – طوي – تجليد – تحزيم وتربيط )، وتالياً هناك طاقة إنتاجية محددة للمطابع المذكورة.
انخفاض القدرة الإنتاجية
أما الأسباب التي ساهمت في انخفاض إنتاجية المطابع كلها خلال هذا العام فتعود إلى التقنين المفروض على التيار الكهربائي، وعدم توفر مادة المازوت بالقدر الكافي، لتشغيل المولدات مع ارتفاع أسعار المشتقات النفطية، ما انعكس على الإنتاج اليومي، ومقدرة المطابع على الإنجاز، إضافة للاهتلاك الحاصل في آلات المطابع، فأغلبها قديم مع صعوبة تأمين بعض القطع التبديلية جراء الإجراءات القسرية أحادية الجانب المفروضة على سورية ، والتي أدت إلى توقف عدد من الآلات ولمرات عديدة، وتالياً انخفاض القدرة الإنتاجية مثال مطبعة الإنتاجية العمالية، ومطبعة المعهد التقاني من 2 مليون إلى مليون نسخة.
واعتذار مطبعة إدارة الاتصالات عن الطباعة هذا العام، حيث كانت تقوم بطباعة ما لا يقل عن 3 ملايين نسخة كتاب مدرسي كل عام، وتباطؤ المطابع العامة عن طباعة الكتاب المدرسي خلال الربع الأول من العام الحالي، من الشهر /1-4/ بحجة ارتفاع أسعار الصرف، وندرة وجود المواد الأولية الداخلة في العملية الطباعية، حيث كان إجمالي الكتب المطبوعة من قبل 13 مطبعة وهي : دار البعث للصحافة والطباعة والنشر والتوزيع، ومؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر والتوزيع، والشركة السورية للتجارة والطباعة والتغليف، والاتحاد العام لنقابات العمال عدد2، ونقابة المعلمين عدد 2 ومنظمة اتحاد شبيبة الثورة، والمعهد التقني، والإدارة السياسية للجيش والقوات المسلحة، والشرطة، وخزانة تقاعد الأطباء البيطريين، والإسكان العسكري حتى تاريخ 2/4/2021 م لا يبلغ 2 مليون نسخة كتاب مدرسي.
وعن تأخير الكتب التي تطبع أول مرة هذا العام وتشمل بشكل رئيسي سلسلة اللغات الأجنبية بيّن مدير عام مؤسسة الطباعة أن الكتب التي تطبع لأول مرة هذا العام، وتشمل بشكل رئيسي سلسلة اللغات الأجنبية، بتأليف وطني بامتياز، يضاهي سلاسل اللغات الأجنبية عالمياً، وما نتج عن ذلك يعرض الكتب تباعاً على منصة موقع وزارة التربية والتصويبات المتعاقبة، وتالياً مزيد من الوقت زيادة على التاريخ المحدد، لتحضير الكتاب طباعياً، فكل عمل متقن يحتاج إلى زمن مناسب، فالكتب الجديدة لهذا العام تشكل حوالي ثلث الخطة الطباعية، والتي دفعت عناوينها بعد الانتهاء من التأليف والتصويبات، ما ساهم في الاستغناء عن دور النشر الخاصة، وتوفير المليارات على خزينة الدولة، وانعكس بشكل إيجابي على أسعار الكتب للّغات الأجنبية انخفاضاً بمقدار النصف، ليلمس ذلك جميع أبنائنا الطلبة، ويخفف بعضاً من التكاليف على الأسرة السورية، والذي يعد بحق إنجازاً وتميزاً لوزارة التربية في هذه الظروف الصعبة، ونظراً لعدم قدرة مطابع القطاع العام على طباعتها، وفقاً للطاقة الإنتاجية، تم اللجوء إلى الإعلان عن مناقصة لطباعة الكتب في المطابع الخاصة، وفور الانتهاء من الإجراءات والتصديق باشرت المطابع بالطباعة، ولم يكن هناك أي تأخير في طباعتها.
تكلفة طباعة الكتب 17 ملياراً للفصل الأول
وختم عبود حديثه بالإشارة لأعداد الكتب التي طبعت هذا العام في المجمل والتكاليف المادية لجميع الكتب، مبيناً أن أعداد الكتب المطبوعة لهذا العام في الفصل الأول فقط تبلغ 25.400.000 نسخة بتكلفة إجمالية 17.500.000.000 ليرة.
والمؤسسة العامة للطباعة، وفي إطار خطتها للعام القادم ستعمل على وضع خطة استراتيجية لتنفيذ الخطة الطباعية، وتحسين جودة الكتاب المدرسي، ووضع زمن محدد لطباعته، وإنجازه وإيصاله قبل افتتاح العام الدراسي بموافقة الجهات الوصائية.
نتمنى تشجيع العمل التشاركي لتأمين وصول الكتاب في بداية كل عام، ولتذليل الصعوبات والمحافظة على الكتاب المدرسي المسلم للطالب من قبل الأسرة والمدرسة.