«المدرسة السورية المجرية».. مشروع ثقافيٌ تربوي جديد
ببركة وحضور قداسة البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق الرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم أجمع، تمّ وضعُ حجر الأساس لـ«المدرسة السورية المجرية الخاصة» التي تضم المراحل التعليمية جميعها، والتابعة لبطريركية أنطاكيا وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس، وذلك بحضور وزير التربية الدكتور دارم طباع، وحسام السمّان أمين فرع حزب البعث العربي الاشتراكي في دمشق، والسفير بيتر تشولاك القائم بأعمال السفارة الهنغارية (المجرية) في دمشق، ولفيف من رجال الدين والفعاليات التربوية، وحشد من الحضور الرسمي والشعبي.
وبعد أداء الصلاة الخاصة بوضع حجر الأساس توجه قداسته بكلمة تحدّث فيها عن أهمية المدارس ودورها المقدّس في التربية والتهذيب، إضافة إلى دورها المعرفي والتعليمي، مؤكداً أن العمل في مجال المعرفة والتعليم هو جزء لا يتجزأ من رسالة الكنيسة وكل مؤسسة دينية يهمها أن يكون الإنسان سوياً صالحاً يتربى بأخلاق حسنة ومعرفة جيدة، وقد أولت الكنيسة السريانية على مرّ تاريخها الاهتمام بالمدارس والأديرة التي كانت تضمّ جامعات ومدارس منذ القرن الرابع والخامس والسادس، ففي كل مكان كانت تقام فيه كنيسة كان يوضع حجر أساس لمدرسة وكانت لديهم مدارس عديدة على امتداد سورية منذ أربعينيات القرن الماضي ويعتبرون ذلك ليس اهتماماً فقط بل هو واجب أيضاً.
مشروع لأبناء الوطن
وعن فكرة إقامة المدرسة يقول البطريرك: كان لدينا في دمشق مدرسة في منطقة (حنانيا) في باب توما بالقرب من مزار القديس (جاورجيوس) وأغلقت على مرّ الزمن، فوضعنا أمام أعيننا عند استلامنا السدّة البطريركية إقامة مدرسة تليق بالكنيسة السريانية وأبناء البلد، لأنه يهمنا أن كل مشروع نقوم به هو مشروع لجميع أبناء الوطن من مسلمين ومسيحيين مثل بقية المشاريع التي قمنا بها وجمعتنا بكل محبة وأمان وسلام مثل (جامعة أنطاكية الخاصة) في معرة صيدنايا، وهذا ما تعلمناه وأخذناه من آبائنا وأجدادنا وسنستمر به وهو ضمان لمستقبلنا ومستقبل وطننا العزيز الذي ينهض اليوم من حرب ظالمة جداً فُرضت علينا، وذلك بفضل تضحيات دماء زكية من شهدائنا انتصر بلدنا على هذه الحرب لكن آثارها لا تزال موجودة وعلينا جميعاً أن نتكاتف وننتصر عليها بصمودنا وبقائنا في أرض الوطن، وأن نبني معاً سورية الجديدة، سورية التي كانت دائماً ولا تزال في طليعة البلدان المتجددة.
وتابع قائلاً: أتوجه بالشكر لكل من ساهم وساعد في إقامة هذا المشروع من محافظة دمشق ووزارة التربية وأخص بالشكر دولة هنغاريا (المجر) الصديقة وشعبها الطيب وحكومتها ومنظمة (Hungary Helps)، التي لم تنتظر أي قرار دولي أو أوروبي أو سياسي لمساعدة الشعب السوري في عدة مجالات ومن أهمها موضوع التربية والتعليم كما في مشروعنا اليوم بغية اعتماد أبناء سورية على أنفسهم وشقّ طريقهم في مستقبل آمن ومشرق لبناء أجيال وأبناء سورية المؤمنين بوطنهم والذين يعملون معاً من أجل رفعتها وإعادة إعمارها ومستعدون لتقديم كل غالٍ ونفيس مثل شهدائنا وجرحانا وجميع شرفاء هذا الوطن، فتحية لهم جميعاً، وأملنا أن يقدم هذا الصرح الحضاري الفائدة لسورية وأبنائها جميعاً.
أجيال مثقفة
أما وزير التربية الدكتور دارم طباع فقال: إن سورية وعلى الرغم من استهداف القطاع التربوي خلال الحرب الإرهابية عليها فإنها بقيت مصممة على متابعة التعليم ووقوف كل من يعمل في سورية على خدمة الوطن لأن استمرار العملية التربوية يعني وقوفاً وطنياً، وبالتأكيد فإن بطريركية السريان الأرثوذكس وعلى رأسها قداسة البطريرك كان لها الدعم الكبير في وجودنا واستقرار العملية التربوية، وما تصميمها على إقامة مدرسة رغم الحرب على سورية إلا تصميم على أن السوريين يؤمنون بأن التربية هي الأساس في بناء المستقبل، ولابد من أن يتوّج هذا العمل بأجيال مثقّفة تعيد بناء سورية، وأبناء كُثر يتخرجون في هذه المدرسة كما خَرّجت البطريركية عبر تاريخها المشرّف والطويل كبار المثقفين والأدباء والعلماء.
في حين تحدّث مدير المشروع المهندس فادي مطر لـ«تشرين» فقال: يقام مشروع هذه المدرسة التي تضم المراحل التعليمية الثلاث الابتدائية والإعدادية والثانوية في منطقة تقع شرقَ باب شرقي بدمشق مساحة أرضها /4125/ متراً مربعاً، وسيبدأ الحفر به خلال يومين والذي من المتوقع أن يستمر بضعة أشهر حسب قساوة التربة، ويتألف البناء من ثلاثة طوابق تحت الأرض الأول عبارة عن مرآب للسيارات، ويضم الطابق الثاني مسرحاً ومستوصفاً ونادياً للرياضة، والثالث صالات متعددة الاستعمالات ومن ثم البناء الذي تحيطه مساحة خضراء، وتقام بجانبه كنيسة منفصلة عنه ومن المتوقع أيضاً أن ينتهي العمل ويوضع في الخدمة بعد حوالي سنتين ونصف السنة.
في حين قال منذر نزهة: تقام هذه المدرسة التي هي أول مدرسة تتبع لبطريركية السريان الأرثوذكس في دمشق بمساعدة من دولة هنغاريا (المجر) ، ضمن مخططات حديثة تنتهج أحدث الأساليب العلمية في بناء المدارس وقد سهلت وزارة التربية مشكورة عملنا ضمن تشجيعها لإقامة المدارس ، ونأمل أن تكون هذه المدرسة مدرسة على المستوى العالمي شكلاً ومضموناً.