تتوسط القارة السمراء قارات العالم القديم، وهي ثاني أكبر قارة بالعالم، وبالرغم من وفرة مواردها الطبيعية، إلا أنها تعاني من ضعف اقتصاداتها.
ويزداد عدد الذين يعيشون في فقر مدقع في إفريقيا، بينما تسعى القوى الاستعمارية الخارجية لقرصنة، ونهب ثروات وإرث ما يقرب مليار ونصف مليار مواطن إفريقي.
ولا يدرك معظم الناس أنه في ذروة الاحتلال الاستعماري الأوروبي لإفريقيا، كان متوسط دخل العامل الأوروبي، ثلاثة أضعاف ما كان يكسبه معاصروه الأفارقة.
ووفقاً لمؤشر التنمية البشرية للأمم المتحدة، يجلب الأوروبيون لأوطانهم ما يعادل عشرين مرة من العامل الإفريقي العادي. فلدى إفريقيا قدر أكبر من عدم المساواة، بالرغم من الاستقلالية والإصلاحات المزعومة. ويزداد متوسط العمر المتوقع المتلازم مع تصاعد تخلف التعليم والمعرفة.
وبعيداً عن الحسابات الدقيقة لمستوى الفقر الإفريقي، فقد فشل البنك الدولي ومنظمات أخرى بوضع منهجيات اقتصادية، لتصفية قياس الناتج المحلي الإجمالي، وإجمالي الناتج القومي للفقر الحقيقي.
وفي كتاب تاريخ التنمية الإفريقية، يصف الكاتب مارك نياندورو نمو الفقر في القارة منذ أن نالت معظم الدول استقلالها. ويغطي هذا الفصل عوامل الفقر كالنمو السكاني، الذي يعتبر أساسياً في توزيع الثروة الذي ابتليت به الشعوب الإفريقية لعدة قرون، بعد استبدال الحكم الأوروبي بالاستبداد المحلي.
ويحكي هذا الكتاب أن نصف الفقراء المعدمين في العالم يعيشون الآن في إفريقيا. ومن الضروري معرفة أن أميركا والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي وبريطانيا تهيمن على المساعدات التي تصل لهذه الدول للخروج من نفق الظلام إلى مسار الازدهار.
وتتلقى الدول الإفريقية حوالي ثلث إجمالي المساعدات الأميركية الموزعة حول العالم. وبالبحث في الفقر المنتشر قبل حقبة الاستعمار الأوروبي وبعدها، ستجد المئات من الأوراق العلمية لوصف الفقر وتصنيفه.
وبالتقرير الذي نشرته المجلة الأميركية الدولية للعلوم الاجتماعية عام ٢٠١٤، أن أهم أسباب أزمة الفقر المستمرة في إفريقيا هي نقص وضعف قدرة الفقراء للتأثير في العمليات الاجتماعية، وخيارات السياسة العامة، وتخصيص الموارد.
فالكارثة الإنسانية في إفريقيا ليست ناجمة عن عنصرية مؤسسية. فلا ضخامة المشاريع والمحطات النووية والمصانع، أو حتى اكتشاف تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي ستقدم شيء للأفارقة.
فمازالت إفريقيا غارقة بقروض البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي الصارمة والمسببة لانتشار الفقر.
فتلاشي الفقر في دول أوروبا وآسيا الوسطى بشكل أساسي مع نهاية التسعينيات، وتركز الثروة الحقيقية في بعض الدول عن غيرها، يشير لسياسات وخطط داخلية للدول والكيانات، وطبيعة نظرة الغرب لها.
وتتكون قائمة أفضل ١٠٠ شركة في جميع أنحاء إفريقيا من مجموعات إمبريالية أوروبية مثل شركة انكلو كولد اشانتي وهي شركة تعدين متعددة الجنسيات المدرجة في المملكة المتحدة ومقرها لندن.
وفي معرض إظهار المزيد من الالتزام بالتعاون من مجتمعات الأعمال في أميركا وعبر إفريقيا. قامت غرفة التجارة الأميركية بتسمية أليكو دانجوتي رجل الأعمال الأكثر نجاحاً في إفريقيا باعتباره رئيساً مشاركاً لمركز الأعمال الأميركي- الإفريقي. وهو أحد المليارديرات الأفارقة المتصدرين قائمة فوربس، ووصف بالاقتصادي الأكثر احتيالاً وشراسة.
وبالتركيز على جنوب إفريقيا، نجد المملكة المتحدة، وهولندا، وبلجيكا، والولايات المتحدة واليابان، كأكبر المستثمرين الخارجيين. وتحتل الصين المرتبة السابعة من حيث الحجم.
عموماً، يأتي الاستثمار الأجنبي المباشر إلى إفريقيا بشكل أساسي من أميركا، وفرنسا، والمملكة المتحدة، والصين، وجنوب إفريقيا.
وحصلت مصر والمغرب ونيجيريا على حصة الأسد من الاستثمار الأجنبي المباشر عام ٢٠١٨.
ومن خلال مسار المساعدة الإنمائية الرسمية تاريخياً، نجد أن الأموال العامة أو دولارات دافعي الضرائب تزيد من قدرة النخب الغربية لجني الفوائد من إفريقيا، كما كان من قبل خلال فترة الإمبريالية القديمة.
وبذلك، نحن أمام حيز جغرافي يمتلك من المقومات الاقتصادية والبشرية ما يجعلها تنافس كبرى الدول تقدماً ونمواً، إلا أن الأطماع الغربية في استغلال ونهب الثروات مازالت تهيمن على حياة الأفارقة.
ترجمة وتحرير: خالد فلحوط
نيو إيسترن آوت لوك