الحوكمة والحكومة
ظهر مفهوم الحوكمة للشركات بشكل رسمي في ستينيات القرن الماضي للدلالة على هيكل وأداء نظام السياسات في الشركات، ليمتد بعدها إلى المؤسسات الحكومية، وأصبحت مطلباً أساسياً لضمان تطور القطاع الحكومي واتخاذ القرارات الرشيدة التي تراعي متطلبات وتوقعات جميع المعنيين والمستفيدين من خدماته، بشكل يطور أنظمة عمل متكاملة ويحدد المسؤوليات وأطر العمل والالتزام بها، وتنفيذ ما تنظمه الأسس الصحيحة للحوكمة والإدارة الرشيدة، وتعزيز ثقافة التميز والإبداع ونشرها على كل مستويات العمل الحكومي لجعل الحكومة في مصاف العالمية.
وتأتي أهمية الالتزام بمبادئ الحوكمة وأثرها في زيادة ثقة الشعب في إدارة الحكومة، وتالياً قدرة الدول على جذب مستثمرين محليين أو أجانب، وما يترتب على ذلك من تنمية اقتصادية، واهتمت العديد من دول العالم والمنظمات الدولية بمفهوم الحوكمة، وذلك من خلال قيام الهيئات العلمية، والجهات التشريعية بإصدار مجموعة من اللوائح والقوانين والتقارير والقواعد التي تؤكد أهمية الالتزام تطبيق تلك المبادى والقواعد.
ومن أهم الأهداف التي تحققها الحوكمة في القطاع الحكومي الشفافية، لما لها من أهمية كبيرة في المؤسسات الحكومية، فتعمل على الانفتاح والقدرة على تحقيق الأهداف، وكذلك المساءلة عن الأداء، إضافة إلى هدف المساواة بين الجميع في الحقوق والواجبات.
لهذا وانطلاقاً من الخطاب التوجيهي الذي شدد خلاله السيد الرئيس بشار الأسد للوزارة الجديدة على مبدأ الحوكمة، فجميع جهات قطاعنا العام مطالبة بالعمل الحثيث لتنفيذ هذا المبدأ من خلال مشاركة جميع المواطنين والمجتمع في عملية التنمية، وسيادة القانون على الجميع من دون اختلاف، ومكافحة الفساد والتقليل من الانحرافات، وكذلك وجود إطار عام لقوانين الدولة التي تحمي كل أفراد المجتمع، واستجابة القطاعات الحكومية والقطاعات الخاصة لاحتياجات المواطنين، والعدالة والموازنة بين جميع أفراد المجتمع، والكفاءة في تقديم وتنفيذ الخدمات والسياسات العامة في أقل وقت ممكن، والفاعلية التي تؤدي إلى رضا المواطنين عن الخدمات التي يقدمها القطاع الحكومي.
وهذا كله يتطلب خلال المرحلة المقبلة وضع هيكل واضح للحوكمة يضمن معرفة الحقوق والواجبات والمسؤوليات بين مختلف الأطراف، وتوضيح كيفية وضع الأهداف ومراقبة الأداء على مختلف المستويات الإدارية، ويتضمن التشريعات القانونية الخاصة المؤسسات الحكومية، ومصفوفة الصلاحيات التي تبين الصلاحيات التي يتمتع بها كل مستوى من المستويات الإدارية، على أمل أن يكون ذلك طريقاً للخلاص من الكثير من المشكلات التي يعانيها اقتصادنا ومواطننا.