اعتماد وثيقة المعايير الوطنية لرياض الأطفال
عُقدت ورشة عمل اليوم بدمشق ضمت خبرات تربوية وأكاديمية من مؤسسات مختلفة، اعتمدت خلالها بشكل رسمي وثيقة المعايير الوطنية لرياض الأطفال التي أعدها المركز الإقليمي للطفولة المبكرة في وزارة التربية بالتعاون مع منظمة اليونيسيف.
وفي تصريح خاص لـ«تشرين» قال وزير التربية د. دارم الطباع: يأتي اهتمام وزارة التربية بمرحلة الطفولة المبكرة استجابةً للشواهد العلمية والأدلة المتزايدة على الفوائد الاقتصادية والاجتماعية للتعليم في هذه المرحلة، فالخبرات المبكرة تؤثر في كيفية تطور بناء دماغ الطفل، الأمر الذي يؤثر في تعلمهم وصحتهم وسلوكهم في المستقبل، في الوقت الذي يُظهر فيه التحليل الاقتصادي قيمة الاستثمار في التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة، لتكون أساساً لمهارات حياتية تدعم التطور الاقتصادي والاجتماعي لمجتمعاتهم، لذلك كان لابدَّ من تحسين التعليم في مرحلة رياض الأطفال وتجديد الالتزام على تطوير المناهج التربوية بوصفه أولوية وطنية وتربوية، فالتطوير المستمر لمناهجنا الوطنية هو ضرورة لازمة وحتمية تقتضيها التحوّلات المجتمعيّة والعالمية، وبناء الإنسان المتكامل، القادر على خدمة نفسه ومجتمعه ووطنه بفاعلية، وبما يمكنه أيضاً من التعامل مع التطورات الحاصلة في العالم من حوله وتحمل المسؤولية، والإبداع وتطوير الذات، بما يجعله في نهاية المطاف مواطناً صالحاً يمثل الصورة الناصعة لسورية الوطن.
ولضمان ذلك التطوير، كان لا بدَّ لنا من تعديل المعايير الوطنية لمناهج رياض الأطفال، باعتبارها القاعدة التي تقوم عليها مناهج رياض الأطفال، والمحك الذي عرضت عليه جميع المواضيع والأهداف والمواد التي تتعلق بهذه المناهج.
وتم الاعتماد في تطوير هذه المعايير على السياسة التربوية في بلدنا، التي تؤكد أن التعليم مكون أساسي من مكونات المجتمع يتأثر به ويؤثر فيه، ويساهم في تحقيق الإنجازات الحالية والمستقبلية، وعلى توصيات مؤتمر التطوير التربوي في الجمهورية العربية السورية «2019». وأشار وزير التربية إلى أن وثيقة المعايير الوطنية لمرحلة رياض الأطفال المطورة، توفر دليلاً وصفياً لجملة من التوقعات، لما يمكن أن يكون لدى الطفل من معرفة، وسلوكيات، ومهارات ستسهم في بناء شخصيته في مراحل التعلم اللاحقة، وتشكل إطاراً مرجعياً يساعد المؤسسات التعليمية ومربي ومربيات رياض الأطفال والآباء والأمهات، ومقدمي الرعاية للطفل بشأن النواتج ومخرجات التعلم المتوقعة والمتلائمة نمائياً مع تطوره.
وقد قام بتطوير هذه الوثيقة نخبة من الباحثين والاختصاصيين في وزارة التربية ومن خارجها، بإشراف وتنسيق المركز الإقليمي لتنمية الطفولة المبكرة، بما يتلاءم مع الإطار العام للمنهاج الوطني ، ورؤية الوزارة الشاملة والإنسانية للتعليم الجيد، وإنفاذ حق جميع الأطفال في التعليم، لتكون عملاً رائداً على المستوى الوطني ومستوى العالمين العربي والدولي.
د. كفاح الحداد مدير المركز الاقليمي لتنمية الطفولة المبكرة، بينت أن وزارة التربية ممثلة بالمركز الاقليمي لتنمية الطفولة المبكرة تسعى لتطوير التعليم والارتقاء بجودته في مرحلة رياض الأطفال، من خلال القيام بخطوات جادة لدعم التعليم في هذه المرحلة، وعلى هذا الأساس تعدّ هذه الوثيقة تطويراً لوثيقة تم اعتمادها سابقاً من وزارة التربية في العام 2006 وهي في كثير من جوانبها تؤكد الأبعاد القوية التي قامت عليها الوثيقة السابقة، وتتجاوز جوانب النقص أو القصور، وذلك لسد الثغرات والنهوض بمنهج رياض الأطفال إلى المستوى الذي يحقق التطور الحقيقي، في آليات تعليمها وتعلمها بحيث تصبح قادرة على منافسة المناهج العالمية في عصرنا هذا.
لذلك فقد اعتمدنا في تطوير الوثيقة على مراجعة معايير نمائية محلية وعربية، وأدلة ومراجع عربية وعالمية، وبذلك فهي معايير تعبر عن سقف توقعات مناسبة لخصائص نمائية، نأمل أن يحققه جميع المتعلمين الأطفال، وبينت د. الحداد بأنه تم تقسيم كل معيار إلى جداول مؤشرات أداء، حيث توفر هذه المؤشرات أوصافاً دقيقة للمهارات والمعارف التي ينبغي أن يظهرها الطفل .
د. وعد محمد – كلية التربية جامعة دمشق – بيّنت أن هذه الوثيقة نوعية لعدة أسباب، فالفريق المشرف على إعدادها مختص له باع طويل وخبرة في مجال الطفولة المبكرة، سواء من اللجنة العلمية، أو من المؤلفين أو من المختصين المرتبطين بالحالات الخاصة.
السبب الآخر الذي يميز هذه الوثيقة أنها راعت الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة أثناء وضع المعايير والمؤشرات.
وأشارت د. محمد إلى أن هذه الوثيقة انطلقت من أسس بناء المناهج والمرتكزات الإنمائية لإعداد المناهج، بالإضافة للاتجاهات المعاصرة في إعداد مناهج رياض الأطفال.
أيضاً لاحظت الخصائص والاحتياجات النمائية للأطفال في هذه المرحلة العمرية، وانطلاقاً من أن المناهج يجب أن تلبي احتياجات الأطفال فهذه الوثيقة ضمت مجموعة من المجالات، وكل مجال مرتبط بمؤشر نمائي عند الطفل.
أضافت: كان لدينا المجال العقلي، التفكير المنطقي والرياضي، ومجال الجغرافيا والتاريخ، المجال الفني والموسيقي والانفعالي، كل مجال من المعايير تم ترجمتها إلى مؤشرات، ليراعي كل مؤشر مرحلة عمرية من مراحل رياض الأطفال، حتى نصل إلى تنمية شاملة متكاملة لطفل الروضة، ويصبح طفلاً متكيفاً يعتمد على نفسه، وواثقاً منها ويستطيع حلّ المشكلات التي تعترضه؛ كل هذه الأشياء ميزت هذه الوثيقة وجعلتها تكون وثيقة عالمية، وذلك لارتباطها بالقرن 21 ولأنها تساعد على تكيف الطفل مع التطور السريع الحاصل في الوقت الحالي، حتى نصل في النهاية من خلال هذه الوثيقة إلى طفل سوري سعيد، ومتكيف مع مجتمعه ويستطيع أن يعيش بسلام.
بدورها كلوديا توما عضو مجلس أمناء المنظمة السورية لذوي الإعاقة (آمال)، بيّنت أن التوصيات الواضحة في الإطار العام لوثيقة المعايير لضرورة مراعاة الأطفال ذوي الإعاقة في مرحلة رياض الأطفال، باعتبارها من المراحل النمائية المهمة، والتي تنعكس مكتسبات الأطفال فيها على مراحل تطورهم اللاحق باعتبار أن الطفل هو محور العملية التعليمية على اختلاف طاقاته وقدراته.
نأمل بأن تحظى هذه التوصيات بالدعم اللازم، لنقلها من توصيات إلى معايير وشروط دمج معتمدة تضمن للأطفال ذوي الإعاقة حقهم في الدمج في رياض الأطفال، وتتيح لهم التعلم والنمو بالاستفادة من الخبرات التعليمية والاجتماعية والعاطفية، التي تتاح لهم من خلال وجودهم مع أقرانهم في هذه المرحلة.
د. وفاء حسين اختصاصية كلام ولغة بمنظمة آمال أوضحت : كمنظمة اعتنينا بموضوع الإعاقة في حد ذاته، واتجهنا للمعايير من وجهة نظر كممثلين للإعاقة، إضافة لوجهة نظرهم كممثلين للمجال اللغوي في جميع رياض الأطفال لوضع المعايير المناسبة لتنمية اللغة لجميع أطفال الرياض.
نظرتنا الأساسية أن كل فرد في حد ذاته قادر أن يتعلم بطريقته الخاصة.
ممثل منظمة اليونيسيف بوفوكتور نايلاند ركز على الفرص المتاحة للتنمية البشرية، خاصة فيما يتعلق بتطوير مناهج رياض الأطفال والتعليم في الطفولة المبكرة، فالسنوات الأولى من حياة الطفل ترتبط بمستقبله، وبيّن أن تنمية الطفولة المبكرة قضية مهمة تتقاطع مع كثير من القضايا، حق الطفل في التعلم والحماية واللعب والتغذية الجيدة والراحة والرعاية الوالدية.