حال من الاستنفار الدولي تسود الساحة السياسية العالمية غداة سيطرة حركة “طالبان” المتشددة على 90% من الأراضي الأفغانية، لتعيد المشهد في أفغانستان إلى ما قبل 2001 قبل الاحتلال الأمريكي، الذي خلف مع قرار انسحابه فوضى بعد الفوضى، تاركاً الساحة الأفغانية للمصير ذاته الذي جاء بزعم تخليصها منه، ملقياً وراء ظهره كل “الوعود” وحتى الحلفاء، وكأن 20 عاماً لم تمر، مثيراً في الوقت ذاته شكوكاً حول تسارع وتيرة الأحداث لمصلحة “طالبان”.
في السياق، أفاد مسؤول في حركة “طالبان” لوكالة “رويترز” بأن “أكثر من 90% من المباني الحكومية تحت سيطرة الحركة وبوجود أوامر للمقاتلين بعدم التسبب في أي ضرر، مضيفاً: جميع نقاط التفتيش الرئيسية تقريباً في كابول تحت سيطرتنا.
كما قال مسؤول آخر في الحركة: إنهم لم يتلقوا أي تقارير عن أي اشتباكات بمختلف أنحاء البلاد وذلك بعد يوم من سيطرة الحركة على العاصمة كابول وانهيار الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة.
من جهته، أعلن ممثل المكتب السياسي لحركة طالبان في مشيخة قطر، سهيل شاهين، أن حكومة أفغانية جديدة ستضم أولئك الذين لم يكونوا أعضاء في الحركة، مشيراً إلى أنه من السابق لأوانه الآن تحديد المسؤولين من الحكومة السابقة الذين سينضمون إلى الحكومة الجديدة، لافتاً إلى أن الحركة تضمن الأمن لكل العسكريين ورجال الأمن الذين سينزعون سلاحهم وينضمون إليها.
وحول مصير الرئيس أشرف غني الذي أعلن استقالته وغادر البلاد لمنع إراقة الدماء على حد قوله، قالت وزارة الخارجية الطاجيكية: إن الطائرة التي تقل الرئيس غني، لم تدخل المجال الجوي لطاجيكستان ولم تهبط على أراضي البلاد، في حين قالت وزارة خارجية كازاخستان: إن غني، غير موجود في الأراضي الكازاخستانية.
وفي ظل الفوضى وحال عدم اليقين، أطلقت القوات الأمريكية النار في الهواء في مطار كابول بعد أن اجتاح آلاف الأفغان مدرج المطار لمغادرة البلاد على متن طائرات أمريكية بعد سيطرة “طالبان” على المدينة، في حين أعلنت الخارجية الأمريكية أنه تم إنزال العلم الأمريكي عن سفارة الولايات المتحدة في كابول، مشيرة إلى أن جميع أفراد طاقم السفارة تقريباً باتوا في المطار بانتظار إجلائهم.
وقالت وزارتا الخارجية والدفاع الأمريكيتان، في بيان مشترك: نتخذ حالياً سلسلة إجراءات لتأمين مطار حامد قرضاي الدولي من أجل السماح بمغادرة آمنة للأفراد الأمريكيين وحلفائهم من أفغانستان في رحلات مدنية وعسكرية، مضيفة: خلال الساعات الـ48 المقبلة، سنكون قد وسّعنا وجودنا الأمني إلى زهاء 6 آلاف عسكريّ، مع مهمّة تُركّز حصراً على تسهيل جهود الإجلاء وتولّي مراقبة الحركة الجوّية.
بدوره، صرح مسؤول أمريكي بأن معظم الدبلوماسيين الغربيين غادروا كابول بعد سيطرة “طالبان” عليها.
في السياق، شدّدت الولايات المتحدة و65 دولة، في بيان مشترك: على أنّ المواطنين الأفغان والأجانب الراغبين في مغادرة أفغانستان يجب أن يُسمح لهم بذلك”، موجّهةً تحذيراً إلى “طالبان” من أنّه ستكون هناك محاسبة في حال ارتكاب أيّ انتهاكات.
إلى ذلك، قال وزير الدفاع البريطاني بن والاس: إن بلاده لن تعود إلى أفغانستان بعد سيطرة “طالبان” على البلاد، في حين قالت وزيرة الدفاع الفرنسية، فلورنس بارلي: إن أول عملية إجلاء للمواطنين الفرنسيين من كابول ستتم قبل نهاية اليوم الاثنين.
وأعلنت الخارجية الروسية أن السفير الروسي لدى كابول، دميتري جيرنوف سيلتقي غداً الثلاثاء منسقاً لحركة “طالبان” لبحث أمن البعثة الدبلوماسية الروسية في أفغانستان.