الآثار: تحضيرات لرفع “دمشق القديمة” عن لائحة التراث العالمي المُهدّد بالخطر
بعد أشهر طويلة من الجهود المبذولة في إطار الاجتماعات والتحضيرات والعمل المستمر، أنهت وزارة الثقافة – المديرية العامة للآثار والمتاحف، العمل على الملف المتعلق ببدء إجراءات رفع مدينة دمشق القديمة عن قائمة التراث العالمي المُهدّد بالخطر.
ومن أجل استكمال النقاشات المرتبطة بهذا الملف الذي أضحى جاهزا للعرض مع الجهات الدولية المعنية في منظمة اليونسكو، تستعد وزارة الثقافة – المديرية العامة للآثار والمتاحف لعقد سلسلة اجتماعات عبر الإنترنت مع خبراء مركز التراث العالمي في المنظمة الدولية، وذلك خلال الدورة الـ 44 للمنظمة الدولية، التي ستعقد في الفترة بين 16 إلى 31 من تموز المقبل.
وفي هذا الجانب، كشف المدير العام للآثار والمتاحف، نظير عوض، في تصريح لـ “تشرين”، أن هناك ملفاً بهذا الخصوص أصبح جاهزاً ليعرض خلال الشهر القادم أمام خبراء منظمة اليونسكو.
وأشار عوض إلى أن هذا الملف يلحظ في مضمونه العديد من الإجراءات التصحيحية التي تم اتخاذها ومثال ذلك، الإجراءات القانونية ومعالجة بعض المخالفات في المدينة والحد منها وإيقافها، إضافة إلى إجراء أعمال ترميم وصيانة المباني، ومباني الخدمة العامة بمدينة دمشق، وإجراء أعمال توثيق لسور مدينة دمشق والمناطق المحيطة، وأيضاً من الممكن أن يعالج الملف الذي تم إعداده عن المخاطر التي تتعرض لها المدينة.
وبيّن مدير الآثار أن الملف الذي أعدّه خبراء الآثار الوطنيون، والذي لقي استحساناً من قبل خبراء اليونسكو، تطرّق لعدة نقاط تتعلق بتحديد الأسباب والظروف التي أدت إلى إدراج المدينة القديمة في قائمة التراث العالمي المُهدّد بالخطر، وحالة الحفظ الحالية التي تقوم بها الجهات المعنية بإدارة المدينة القديمة، موضحاً أن أهم ما في الملف هو مشاركة المديرية العامة للآثار والمتاحف من خلال خبرائها مع محافظة دمشق “مكتب عنبر” في المدينة القديمة، ومع المجتمع المحلي الذي شارك في إجراءات تصحيحية مهمة جداً في مدينة دمشق القديمة.
وأضاف عوض: إذا تم قبول الملف لدى خبراء اليونسكو، سيُعرض بدوره خلال جلسة الدورة بين 16 – 31 تموز القادم كي تتم مناقشة رفع دمشق عن قائمة الخطر.
ولفت المدير العام للآثار والمتاحف إلى إن اللقاءات التي تتحضر لها المديرية العامة للآثار والمتاحف مع خبراء منظمة اليونسكو عبر الإنترنت، تهدف أيضاً إلى إطلاع المجتمع الدولي على التهديدات التي أدت إلى إدراج المواقع الأثرية في سورية على لائحة التراث العالمي المُهدّد بالخطر، كالحرب على سورية والكوارث الطبيعية، إضافة إلى عمليات السلب والنهب والانتشار العشوائي للمراكز الحضرية في المواقع الأثرية خلال السنوات الماضية، وكذلك من أجل العمل والتشجيع على اتخاذ الإجراءات التصحيحية بهذا الخصوص، مشيراً إلى أن فريق العمل الوطني، في المديرية العامة للآثار والمتاحف وفي محافظة دمشق (مديرية دمشق القديمة)، قام بإعداد عدة تقارير تتضمن كل الأعمال التي تم تنفيذها في المدينة القديمة، ولاسيما أعمال ترميم الأسواق وسور المدينة والخانات باستخدام المواد التقليدية، وتأهيل البنى التحتية (صرف صحي – شبكة تمديد كابلات الكهرباء الأرضية)، والتي يتم تنفيذها تباعاً وفق خطط محافظة دمشق، إلى جانب وضع خطة لدرء مخاطر الحرائق بالتعاون مع وحدات الإطفاء وأيضاً عمليات المراقبة المُستمرة لدرء مخالفات البناء.
كما استعرض الملف في بنوده إصلاح عدد من المباني التاريخية المهمة كالجامع الأموي وقلعة دمشق وبعض المدارس التي تضررت بشكل جزئي بسبب الحرب على سورية، وأيضاً شمل التقارير السنوية التي ترفعها المديرية العامة للآثار والمتاحف إلى مركز التراث العالمي منذ عام 2013.
من جهتها أكدت المهندسة لينا قطيفان مديرة مواقع التراث العالمي في المديرية العامة للآثار والمتاحف، أن الملف استعرض حلولاً للمشكلات والتحدّيات التي تُواجه المدينة القديمة داخل وخارج السور، وأن تقيّيمها سيتم بشكل علمي مع إجراء الدراسات الخاصة حولها ومن ثم اتخاذ القرار المُناسب بما يحافظ على أصالة وسلامة القيمة العالمية لمدينة دمشق القديمة، إضافة إلى تحسين حالة الحفاظ على أصالة وسلامة المدينة القديمة بشكل كبير ومنهجي منذ الإدراج في قائمة التراث العالمي المعرض للخطر في عام 2013.
كما أشارت قطيفان إلى أن فريق العمل الوطني يعمل أيضاً على دراسة وإعداد ملف لرفع قلعتي الحصن وصلاح الدين عن قائمة الخطر واتخاذ قرار حولهما في جلسة لجنة التراث العالمي التي ستقام الشهر القادم.
وأضافت قطيفان: أجرت وزارة الثقافة – المديرية العامة للآثار والمتاحف خلال العامين الماضيين العديد من اللقاءات عبر الإنترنت مع خبراء مركز التراث العالمي في منظمة اليونسكو، تمحور معظمها حول قضية رفع مدينة دمشق القديمة عن قائمة التراث العالمي المُهدّد بالخطر، لافتة إلى أن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة كانت قد أدرجت مدينة دمشق القديمة على لائحة التراث العالمي في عام 1979، ثم على قائمة التراث العالمي المُهدّد بالخطر عام 2013 إلى جانب كل من مدينة حلب القديمة، ومدينة بصرى القديمة، وقلعة صلاح الدين وموقع مدينة تدمر التاريخية والقرى الأثرية في شمال سورية، وذلك بسبب التهديدات المتوقعة والمحتملة التي قد تتعرض لها هذه المواقع من جراء الحرب التي شُنّت على سورية منذ عام 2011.
ومن المعروف أن مدينة دمشق القديمة تُحقّق جمالية فريدة من الحضارات التي تعاقبت عليها، وتمتاز بأوابدها التي تعود لعدة فترات وحقب زمنية منها الهلنستية والرومانية والبيزنطية والإسلامية، كما تظهر المدينة تطوراً في تخطيط المدن وتعكس صورة خصوصية المدينة الإسلامية العربية، تضم مدينة دمشق كل فنون العمارة منذ أكثر من 3000 عام حتى الآن، وأهمها الجامع الأموي الكبير وهو واحد من أكبر المساجد في العالم ومن أقدم مواقع الصلاة المستمرة منذ ظهور الإسلام.