تعقد القمة الروسية- الأمريكية غداً في جنيف وسط توترات شديدة بين الدولتين العظميين ولا توحي التصريحات النارية التي بدأها جو بايدن ضد روسيا وضد الرئيس بوتين شخصياً منذ وصوله البيت الأبيض وحتى ما بعد الإعلان عن القمة أن هناك إمكانية لاختراق ما قد يحدث في القمة حول مختلف القضايا المتنازع عليها والتي أخذتها سياسة العقوبات الأمريكية المفتوحة والتهديد بها إلى مزيد من التعقيد والتأزم.
قابل الرئيس بوتين تصريحات بايدن المتوترة جداً والخارجة عن المألوف بين رؤساء الدول ولاسيما عندما وصفه بالقاتل بمنتهى برودة الأعصاب ولم تخرج ردوده عن اللياقة الدبلوماسية والمنطق الهادئ ما حدا بالجانب الأمريكي إلى حذف ما هو متعارف عليه من انعقاد مؤتمر صحفي مشترك بين الرئيسين في نهاية القمة خشية فشل بايدن أمام الرئيس الروسي بوتين كما حصل سابقاً في قمة بوتين- ترامب وتم الاكتفاء بمؤتمر صحفي منفرد للرئيس بايدن في أعقاب القمة.
في مطلق الأحوال مجرد انعقاد القمة بين رئيسي أكبر قوتين في العالم في حد ذاته حدث مهم للغاية في سياق إمكانية تحقيق الاستقرار الإستراتيجي العالمي ورغم أن إدارة بايدن كانت مترددة في عقد هذه القمة بداية واعترض عليها أصحاب الرؤوس الحامية في الحزب الديمقراطي لكنها وجدت نفسها مضطرة للقبول بها نتيجة بروز روسيا كلاعب دولي لا يمكن تجاوزه في أي قضية من القضايا العالمية.
لقد حاول بايدن التغطية على قبوله عقد القمة برفع سقف الاتهامات للرئيس بوتين حول ما أطلق عليه “الأنشطة الخبيثة وانتهاك حقوق الإنسان” وخاصة ما يتعلق بالمعارض الروسي ألكسي نافالني وهي اتهامات غير مقنعة.
وعلى عكس التوقعات التي رافقت وصول بايدن إلى السلطة بتخفيف التشنج في العلاقات الدولية فإن مئة يوم الأولى من حكم بايدن شحنت الجو الدولي بالتوتر الشديد ولاسيما تصويبه على روسيا عسكرياً واقتصادياً وسياسياً وكذلك على الصين حيث حرض الدول السبع في قمتهم الأخيرة في لندن ليكونوا صفاً واحداً ضدها، لكن ما فات بايدن أن انفراد واشنطن بالقرار الدولي قد أصبح من الماضي وأن زمام المبادرة لم يعد بيدها وحدها بعد الآن.