«ميجنا» سورية

عندما شاهدت محمد منير، يُغني في مسرحية «الملك هو الملك» شعرت، وتأكدت أن المسرح؛ هو مكانه الصحيح، وكذلك بالنسبة لي، عندما عملت في مسرحيات: «أنت المطلوب، منين أجيب ناس، وولاد الشوارع».. ذلك ما صرّح به المُغني المصري ذات حين علي الحجّار، ومن كلام الحجار نشعر كم الأغنية العربية اليوم مغبونة بالنسبة لبقية أنواع الإبداع، فالأغنية المحظوظة؛ تلك التي تكون اليوم على هامش حدث درامي، سواء كان مسرحاً، أو سينما، أو دراما تلفزيونية، والأخيرة هي الأكثر حظاً.‏
ذلك أنّ الأغنية العربية بشكلٍ عام، والسورية على وجه الخصوص تبدو اليوم مشتتة، وتكاد تتوه في محطات وقنوات الضياع العربية، ونادراً ما يتم تخصيص قناة تلفزيونية لحماية خصائص أغنية عربية من هذا الانحدار الذي انزلق لمهاوٍ بعيدة في الدونية.‏
مأساة الأغنية السورية؛ أنها تبدو اليوم كعزيزٍ يُذل على أبواب اللئام، ففي الساحة المحليّة، وكأن لا إبداع اليوم غير الدراما التلفزيونية لتعتاش منها الأغنية السورية، الدراما التي أثبتت الكثير من الخذلان على مدى الحرب على سورية، مع إنّ الأغنية السورية كانت ذات حين ملء السمع على أثير إذاعة دمشق، الإذاعة التي كانت بالنسبة للمطرب العربي ما يُشبه الشهادة ليُكمل بقية مجده الغنائي في العالم, وهذا ما نراه بهذا الوفاء الكبير من هؤلاء لسورية اليوم ولانطلاقتهم منها، غنوا في ساحاتها وعلى مسارحها، وبرزوا من خلال أثير إذاعتها كمروان محفوظ وفيروز وسمير يزبك وصباح وآخرين كثر.‏
واليوم يبدو السؤال كطعم الحامض في الحلق؛ إنه ولطالما خصصنا قناة للدراما، لماذا لا تُخصص قناة أخرى للأغنية السورية، وتغنيها من كل هذا التشرّد على أبواب القنوات العربية التي شوّهت خصوصيتها القادمة من أعماق الأرياف الشامية، فمن المعروف أن الغناء في العالم العربي له مرجعيتان، المرجعية الأولى: دينية، ولاسيما الإسلامية والمسيحية منها، من خلال حفلات الذكر والإنشاد الديني، والترانيم والتراتيل، وغير ذلك الذي تأثر به مطربو مصر بالدرجة الأولى، كذلك مطربو حلب الذين لهم مدرستهم الخاصة في هذا المجال، وهناك فلكلور الأرياف الشامية, وأكثر ما استفاد منه المطربون اللبنانيون.‏
إذاً.. في المرجعيتين كان للسوريين نصيب الأسد من نبع هذه الأغاني، ومع ذلك نفتقر لقناة تلفزيونية تحمي كل هذه «الميجنا» السورية، وذلك الإبداع العالي.‏

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار