أصل العملية، أن السوريين، لهم وحدهم حق اختيار من يحكمهم. وهذا الحق الحصري للشعب السوري هو ما يترجمه المواطن بالمشاركة في الانتخابات، وهو الحق الذي يعبر عن فطرة السوريين الراقية، في محاولة الإسهام بالقرار السياسي الأهم (اختيار الرئيس) من دون تدخل من أحد ومن دون أي ضغط من أي جهة مهما كانت، وهذه الفطرة لدى السوريين، فطرة حضارية تاريخية جعلت سورية أقدم وطن سياسي يستمر رقيه الحضاري بتمسك أهله بحقهم في تقرير مصيرهم واختيار من يحكمهم، واستمرار ارتقائهم الشامل سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً.. إنها عملية يمارس فيها السوري حقه الحصري، ويتبع فطرته في الكرامة والسيادة والاستقلال واستمرار الارتقاء.
هذه الفطرة الأصيلة، تسكن تحت الروح في كيان كل سوري وسوريّة، لذلك فإن انتزاعها أو الضغط عليها هو انتزاع للروح والحياة أو تشويه مؤذٍ لهما، وجريمة بحق كل سوري وسوريّة، هذا ما جعل السوريين يعتبرون كل من يحاول التدخل لتشويه حقهم في تقرير مصير حاضرهم ومستقبلهم عدواً لفطرتهم ومجرماً بحق حياتهم، ولا يمكن أن يسكتوا عليه أو يتركوه يمارس جريمته بانتزاع ما تحت روحهم، حقهم في تقرير شكل ومعنى ومحتوى وروح حياتهم السياسية.
الفطرة الشعبية السورية تتطلع إلى الانتخابات الرئاسية كبوابة عبور إلى فترة رئاسية، يجددون فيها العزيمة على استعادة حياتهم الطبيعية عبر استكمال السيادة على كامل التراب السوري وعبر الإجهاز الكامل على بذور الإرهاب تنظيمياً أو فكرياً، وبمحاربة الفساد وسماسرة الحرب، وعبر تجاوز العقوبات وإيجاد الطرق المؤدية للاكتفاء وتوفير العيش الكريم للمواطن، وعبر تحفيز الإنتاج والإبداع، وعبر ترسيخ ما يجمع الشعب كل الشعب، ويفعّل وحدته، ويشحن التفاعل الوطني بين جميع مكوناته حول هويته الوطنية الحضارية.. وإذا كانت هذه الأهداف مهمات صعبة فإن السوريين كسروا الإرهاب، وهي مهمة أصعب وأعقد بكثير، وإذا كانت هذه المطالب عالية السقف فإن من طبيعة السوريين النظر للأعلى دائماً.. إن أولى أولويات الفترة الرئاسية الجديدة إبداع الحلول الكفيلة بتمتين التمسك بالهوية الوطنية الجامعة والكفيلة بتوفير العيش الكريم للمواطن ليستطيع الإبداع والإنتاج، الذي يعيد لسورية حياتها الطبيعية ودورها الإقليمي والدولي الإنساني والحضاري.. لذلك يركز السوريون في اختيارهم للرئيس على من يملك القدرة والتجربة والإخلاص في قيادته للشعب لتحقيق المهمات الملقاة على عاتقه في هذه المرحلة التاريخية والمصيرية.
ومهما تسببت العقوبات من مصاعب، ومهما سرق ويسرق الفاسدون من خيرات البلد، ومهما اشتد الحصار، فإن الفطرة السورية، مهما ضاق الخناق عليها، قادرة على التحرر وعلى الانتصار في هذا الجهاد الأعظم.
الانتخابات الرئاسية، مناسبة ليمارس السوريون فطرتهم الحضارية، وحقهم الحصري في اختيار مستقبلهم ورسم مسارهم السياسي والحضاري والإنساني، ولأن فطرة السوريين واعية لمتطلبات وإمكانيات المرحلة التاريخية، ولأنها فطرة مستوعبة للمتاح والممكن وقادرة على ما يمكن الانحياز له للاستمرار في التاريخ والارتقاء به، لذلك فإن أهل سورية بحق وفي جميع الأحوال أدرى بمصلحتهم التاريخية وأقدر على اختيار من يحققها معهم، لذلك هم، مهما جرى ويجري عليهم، شعب عظيم وحي وقادر.