الاستحقاق الرئاسي رد على كل محاولات التدخل الخارجي في شؤون سورية السيادية
بين الدكتور عفيف دلا بأن الاستحقاق الدستوري بالمعنى القانوني – الدستوري – هو أهم استحقاق وطني دستوري في الحياة السياسية السورية، لما ينطوي على أهمية مقام الرئاسة، شأنه شأن أي دولة أو أي مجتمع في هذا العالم، وتالياً ممارسة الحق الدستوري القانوني للمواطن، هو تثبيت لمواطنته بالدرجة الأولى، ولحقوقه الدستورية المشروعة، في المشاركة بالحياة السياسية، وتقرير مصيره على مستوى خياراته الوطنية، فيما يتعلق باختيار شخص رئيس الجمهورية، هذا بالمعنى الدستوري والقانوني وبالمعنى السياسي.
الاستحقاق اليوم هو ردّ على كل محاولات التشويش، والتخريب والتدخل الخارجي في شؤون سورية السيادية، هو اليوم تثبيت للحقوق السيادية في سورية، وتقرير مصيرها من دون تدخلات خارجية، ومن دون إملاءات أو محاولات التخريب للحياة السياسية داخل سورية، من قوى إقليمية ودولية معروف دورها بطبيعة الحال خلال السنوات العشر وما قبل ذلك.
وبالمعنى الوطني والإنساني والأخلاقي هو تعبير عن الوفاء لكل التضحيات التي بذلت في سورية، كي تبقى منيعة وحصينة، هناك تضحيات عظيمة بذلت وقدمت بسخاء، ودونما تردد للحفاظ على سيادة سورية ووحدة أراضيها وشعبها، ومنطق الأشياء اليوم أن يعبّر الشعب العربي السوري عن انتمائه لهذه التضحيات، وأنها لم تكن عن عبث أو فراغ، إنما كانت ترتكز إلى حالة متقدمة من الوعي في المواجهة، وفي التضحية كي يتم الحفاظ على المكتسبات التي بناها الشعب العربي السوري عبر عقود طويلة بعرقه ودمائه.
فكل شهدائنا وجرحانا ومفقودينا في ذهن ووجدان كل مواطن سوري، لأنه يعلم بأي ثمن وصل إلى هذه المرحلة، وماذا تعني هذه المرحلة والوصول إليها، يعني أنها معمدة بدماء الشهداء وجراح الجرحى، وترتكز وتنطوي على كثير من المعاناة والآلام التي تحملناها ولا نزال نتحملها حتى هذه اللحظة، من أجل الحفاظ على كرامتنا وسيادتنا، لذلك يأخذ الاستحقاق هذا المعنى، تتويجاً لهذه الانتصارات ولو لم تكن هناك تضحيات وانتصارات عظيمة حققها الشعب العربي السوري لربما لم نكن أمام الاستحقاق اليوم بالمطلق، ومن الطبيعي جداً أن يكون المواطن السوري متفهماً لطبيعة هذه المرحلة ومكوناتها، وكيف جاءت وعلى أي أساس، وإلى أين سيمضي بعد إنجازه هذا الاستحقاق، وفي تقديري بالنسبة لكل السوريين الاستحقاق تأكيد وتثبيت للوجود وللحق في هذا الوجود، لكن ليس أي وجود وليس الوجود بالمعنى الفيزيائي، بل وجود مرتكز على قاعدة الكرامة والسيادة، وقاعدة حرية القرار السياسي، لذلك هذا الوجود اليوم يعبّر عن المشاركة في الانتخابات الرئاسية، وفي القابلية على الاستمرار والتجدد والانبعاث مجدداً، بعد كل هذه المرحلة الصعبة بكل تفاصيلها التي عشناها على امتداد السنوات العشر الماضية، هذا من الزاوية الوطنية التي ترتبط بالمواطن السوري، اليوم حتى على مستوى القوى السياسية والإقليمية والدولية التي تترقب هذا الاستحقاق تنظر إليه عن كثب وتتابعه بكل تفاصيله، لتحدد موقفاً؛ هل استمرار الحصار على الشعب السوري، هل هناك من فرصة أخرى لفرض مزيد من الإجراءات اللاقانونية؟ ، هذا ما سيحدده شكل التعاطي الذي سيقوم به المواطن السوري مع هذا الاستحقاق .
اليوم عندما يندفع السوريون للمشاركة في الاستحقاق تعبيراً عن تمسكهم بثوابتهم الوطنية، وليعبروا عن قدرتهم في تحديد خياراتهم الوطنية سيفوتون الفرصة على أي قوة معادية من التدخل، أو يكون لها فرصة أصلاً لفرض مزيد من التدخلات في الساحة السورية الوطنية، لذلك كل السوريين اليوم أمام استحقاق ذاتي في مواجهة من يحاول أن يعبث بحاضرهم ومستقبلهم، ومن يتابع مشوار التخريب الممنهج على مستوى بنيتهم التحتية المادية والإنسانية.
الاستحقاق يعني لنا الكثير بكل تفاصيل الآلام والأوجاع، التي عشناها على مستوى رغبتنا وإرادتنا، بعد تكرار أو استمرار هذه الأوجاع خلال المرحلة القادمة، وعلى مستوى إنصاف كل من ساهم في وصول السفينة السورية إلى برّ الأمان.