عقوبات الآباء القاسية تقود إلى عدوانية عند الأبناء!
تعد الأسرة اللبنة الاساسية في بناء المجتمع فإذا كانت مدربة جيداً على استقبال أطفالها، كلما تفادت أخطاء التربية العشوائية ، فالأمومة والأبوة الناجحة ليست فطرة وحسب وإنما هي إعداد وتأهيل وتدريب مستمر .
فالتربية لم تعد أمرا بديهياً يقوم به أي أبوين في العصر الراهن بكل تحدياته التكنولوجية والمعلوماتية، وتغير شكل الأسرة من الممتدة الى النووية، وإنما لابد من الاقرار بأهمية وضرورة دورات الإرشاد الزواجي والأسري التي تحتاجها كل أسرة قبل البدء بمشروع الزواج ، ليس فقط بعد الزواج، فأسس التعامل باحترام ومحبة وثقافة الحوار والتشاور بين الخطيبين تؤسس لنجاح الشراكة الزوجية فيما بعد، وتعود على تربية الأبناء بالجودة التربوية، المبنية على أسس توزيع الادوار، وتحديدها والتأهيل والتدريب لإنتاج مخرجات جيدة ومفيدة للفرد والمجتمع، ألا وهي الأبناء الأسوياء الواثقين بأنفسهم الفاعلين في مجتمعهم، والقادرين على تطوير ذواتهم و مجتمعهم انطلاقاً من أسرة متفهمة ومحبة .
د. نعمت الداهوك ” كلية التربية ” جامعة دمشق بينت بأن الأبوين يشكلان صورة الذات عند الأبناء من خلال السلوك والكلمات التي تصفهم، سواء قيلت لهم أو عنهم، فإذا كانت آراء الأهل عن الطفل سلبية تشكلت لديه الصورة نفسها عن ذاته، لأن باعتقاده أن كل آراء الأهل صحيحة، وتصبح هذه الآراء والسلوكيات من ضمن قناعاته الراسخة عن ذاته المشوهة. فيصعب التخلص منها مع الوقت، ما يؤدي الى تأخر نموه النفسي، وهو ما يسمى بالإعاقة النفسية التي تتأتى من تشكل قناعات خاطئة لديه عن نفسه، وعن العالم من حوله، فيفقد الثقة بقدراته وينطوي على ذاته وتزداد مكبوتاته ويفضل العزلة فتتفاقم اضطراباته النفسية .
ويمكن القول أن الأشخاص الراشدين الذين يطلبون العلاج النفسي، ويعانون من اضطرابات نفسية اليوم كانوا اطفالا لآباء عنيفين لا يحترمون مشاعر ذاك الطفل ولا آرائه..ولم يعبروا عن حبهم او تقبلهم له، ولم يسمحوا له بالتعبير عن رأيه بصراحة، أو يعطوه هامشاً من الاهتمام لممارسة هواياته ومواهبه ونشاطاته، وغالبا ما أنجبوا عدداً كبيراً من الأبناء عجزوا عن اكمال تعليمهم أو تلبية كافة متطلباتهم، من ألعاب ولباس وتعليم وقضايا تربوية واجتماعية وترفيهية أخرى، ومعظم الحالات التي تزور العيادات النفسية غالباً ما تكون أسرهم مفككة، ولا يكتنف الحب والاحترام العلاقة الزوجية والأسرية بينهم، فالعلاقة الزوجية رابطة تبنى على الحب والاحترام، فإذا ذهب الحب فليبقى الاحترام والإحساس بالمسؤولية اتجاه الأبناء من قبل الوالدين معا .