«لأجلهم يداً بيد» مبادرة تطوعية للتعلم عن بعد انطلقت من اللاذقية
حققت المبادرة التطوعية سورية تحتضن أبناءها تحت عنوان «لأجلهم يداً بيد», والتي أطلقتها مديرية التربية في اللاذقية للتعلم عن بعد أراءً إيجابية للمعلمين والتلاميذ وأهاليهم، حيث انتشرت على نطاق واسع، واحتضنت قاعاتها الطلاب وأهاليهم ومدرسين من مختلف المحافظات، وقد لاقت دعماً من وزارة التربية ومديرية تربية اللاذقية، فتم تعيين لجنة من المديرية للإشراف على القاعات الافتراضية التي استطاعت أن تكون رافداً لجهود وزارة التربية الهادفة لتعويض الفاقد التعليمي للطلبة في ظل وباء كورونا.
عن المبادرة قالت صاحبة المبادرة الموجهة روضة إبراهيم لـ«تشرين» إنّ المرحلة الأولى للمبادرة بدأت في شهر آب الماضي، وبدأت المرحلة الثانية في تشرين الأول بعد الانتهاء من تنفيذ خطة الوزارة التي وضعتها مطلع العام الدراسي، لتعويض الفاقد التعليمي، واستجابة لفريق العمل والتلاميذ وأولياء الأمور، الذين أجمعوا على ضرورة الاستمرار مع هدف جديد، وهو تمكين الطلبة من محتوى المناهج المدرسية التي تعطى في القاعات الصفية، وتستهدف المبادرة الأطفال في رياض الأطفال وتلاميذ مرحلة التعليم الأساسي «حلقة أولى و ثانية», ووصل عددهم في المرحلة الثانية إلى 2000 تلميذ، مشيرة إلى إقبال المعلمين للانضمام حيث وصل عدد المعلمين في المرحلة الثانية إلى 45 معلماً والقاعات الافتراضية 50 قاعة .
طرق تفاعلية ممتعة
وكان لتطبيقي «واتساب» و« تلغرام» مشاركة في هذه المبادرة باعتبارهما الأكثر استخداماً بين الجميع، ولعدم الحاجة إلى شبكة إنترنت قوية، والاستخدام الكبير لدى معظم الأسر كما تقول إبراهيم، وبينت أن التعلم في القاعات الافتراضية يتم بطرق تفاعلية بين المعلم و التلاميذ، وبين المتعلمين فيما بينهم، حيث تتم تسجيلات صوتية وكتابات مصورة وفيديوهات توضيحية لشرح أفكار تتطلب التطبيق العملي، أو مقاطع فيديو للطلاب أثناء حل واجباتهم المدرسية، كما تمكن الطلاب من التعبير عن الهوايات والميول، وابتكار أفكار مبدعة لاكتساب المهارات، حيث يمكن الحصول على التغذية الراجعة مباشرة، وأشارت إبراهيم إلى أنه يمكن لأولياء الأمور الانضمام إلى القاعات الافتراضية، والمشاركة ضمن الحدود البناءة الصحيحة، ومتابعة سير العملية التعليمية لأبنائهم عن قرب.
وما يميز المبادرة وفقاً لإبراهيم انتشارها على نطاق واسع، حيث لم تقتصر على محافظة اللاذقية، بل باتت أشبه بمدرسة سورية افتراضية، تحتضن قاعاتها طلاباً ومدرسين وأهلاً من مختلف المحافظات.
صعوبات ولكن
وأشارت إبراهيم إلى أنه يتم حالياً استكمال الدروس، من حيث تم إنهاء العام الدراسي، من مرحلة التعليم الأساسي وفق توزيع المنهاج والخطة الدرسية حتى موعد الامتحانات المقرر في 25 نيسان الجاري، ولفتت إلى ميزات هذه القاعات، والتي تمكن أي طالب تعذّر وجوده أثناء إعطاء الدرس لأسباب اجتماعية أو تقنية، من الاطلاع على مضمون المحادثات والاستفادة من الأفكار المطروحة، وحل الواجب المدرسي وطرح الاستفسارات حول الأمور غير المفهومة.
أضافت إبراهيم تم التكيف مع الصعوبات التي واجهت المبادرة، ومنها واقع الكهرباء واختلاف فترات التقنين الأمر الذي انعكس على عدم وصول الإنترنت عند الكثير من الطلاب و المعلمين.
ننتظر موعد الدرس
وعبّرت كل من الطالبتين ميسم عربية و نيسان مبارك من محافظة دمشق عن سعادتهما بالمشاركة في هذه المبادرة، مؤكدتين أنهما استفادتا منها، وخصوصاً أنه يتم تبادل المعلومات والملاحظات مع بقية الطلاب في المجموعة وبسهولة، وأنهما تنتظران موعد الدروس بلهفة.
وأضاف الطالب حمزة أيهم من اللاذقية أنها مبادرة مفيدة كما أن الأنشطة ممتعة وتعليمية، وترسخ المعلومات بسهولة في العقول وأسلوب المعلمين سهل و ممتع .
بدورها قالت والدة التلميذة لامار جعفر من حمص إنّ أولادها أحبوا اللغة بعد الاشتراك في المجموعة، وإن اختبار السرعة الذي يتم تطبيقه من قبل المعلمة كان له أثر كبير عليهم وتفاعلوا معه.
المسؤولية الأخلاقية
وكان للكادر التعليمي رأي في هذه المبادرة، حيث قالت المعلمة دارين محمد من اللاذقية: إن المبادرة تنم عن وجود معلمين حقيقيين حاملين رسالة التعليم، ورغبتهم في التعليم النابعة من القلب، لأنها غير مرتبطة بمسؤوليات أو التزامات إلا المسؤولية الأخلاقية، وهي مبادرة متميزة من حيث سهولة الإعطاء، وخاصة في ظل جائحة كورونا، حيث استطعنا تعويض الفاقد التعليمي للأطفال، ونحن براحة نفسية تامة على أطفالنا، فهم معنا ويحصلون على القدر الكافي والمتميز من المعلومات التي يحتاجونها من دون الخوف من الأمراض.
وأكدت المعلمة لمادة اللغة العربية ناهد سليمان محرز من اللاذقية، أن المبادرة كانت ومازالت طوعية، ونعمل بروح الفريق، وبصدق هذا أقل واجب نقدمه كحاملي رسالة تعليمية تربوية تجاه أبنائنا، وأضافت صحيح أنه لا يمكن تعويض القاعة الصفية الواقعية، لكن الظروف مفروضة وقسرية، وأعتقد أن طالب العلم يجب أن يسعى إليه بأي وسيلة وتحت أي ظرف.
وختمت الموجهة التربوية يقظة عزيز من لجان الإشراف على المبادرة بالقول: لها إيجابيات كثيرة للمتعلمين، وخاصة في ظل الظروف الراهنة من وباء وضغط مادي، حيث تعوض الفاقد التعليمي من داخل البيوت من دون عناء أو تكلفة، ويمكنهم الاستفسار عن أي معلومة مباشرة، ويلقى التغذية الراجعة بمحبة وود، ورأت أنها تفتح باب الإبداع المتجدد للمعلم، وتنمية مهاراته وإمكاناته الأكاديمية بشكل أكبر ليضمن وصول المعلومة بقالب محبب للأطفال، مشيرة إلى الفائدة التي تحققها وسائل التواصل الاجتماعي إذا ما أحسنّا استخدامها.