المستهلك.. بين النص والتطبيق

طالما القانون المراد تعديله يهمُّ المواطنين وسلامتهم، وغايته تنظيف الأسواق من المواد الغذائية الفاسدة قبل أن تدخل بطون المستهلكين وقمع المحتكرين والمتاجرين بالمواد المدعومة سعرياً من قبل الدولة.. فلماذا يتم الحديث عن تعديلات هذا القانون خلف الأبواب المغلقة؟
أما كان من الأجدى أن تقوم وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بنشر مشروع قانون حماية المستهلك من أجل إتاحة المجال أمام جميع المواطنين من مستهلكين ومنتجين ومزارعين وحرفيين وتجار وبائعين وأكاديميين وخبراء للاطلاع عليه وإبداء رأيهم فيه؟ فالجميع معني بأن يكون قانون حماية المستهلك الجديد متكاملاً ومنسجماً من حيث تطبيق مبدأ الثواب والعقاب، بمعنى أن تكون العقوبة المقترحة رادعة لجميع التجار والمنتجين المخالفين، وبمنزلة مكافأة معنوية أو ربما مادية للتاجر أو المنتِج الملتزم، بل أكثر من ذلك عبر وضع التاجر أو المنتِج الذي يكرر المخالفات في لائحة سوداء بالتوازي مع إمكانية التشهير باسم محله أو ماركة المنتجات التي ينتجها لكي يتسنى للمستهلكين مقاطعته وعدم دخول محله.
إن الاكتفاء ببعض التسريبات عن مشروع القانون الجديد غير مقنع بأهمية التعديلات المضافة إليه، خاصة أن جميع المستهلكين أصبحوا على قناعة تامة بأن المشكلة لم تكن يوماً من الأيام بصياغة القانون وإنما في آلية تطبيقه والعناصر التي تنفذه وحتى في أسلوب عمل دوائر حماية المستهلك في مديريات التجارة الداخلية المهتمة بجمع العينات وتسطير الضبوط بحق الفعاليات التجارية الملتزمة أكثر من المخالفة، وفي النتيجة فإن العقوبة الكاملة تسجل بحق خزينة الدولة التي تتكبد الخسائر من جراء دفع مبالغ مالية كبيرة ثمن المواد المطلوبة لتحليل العينات المطابقة.. كل ذلك كرمى عيون بعض مديري التجارة الداخلية الذين يريدون من وراء نشر أخبار عدد الضبوط التي سطروها في يوم وشهر وسنة أن يستمروا على كراسيهم، في حين الأسواق بجوارهم ينخرها الغشاشون والمستغلون والمرابون والمحتكرون.. والأهم أن هؤلاء المخالفين يفرّخون أضعاف أعدادهم وسط هذه البيئة المواتية لتزايدهم، وما الأسواق في جميع المحافظات إلا دليل قاطع على هذا الفلتان السعري والفوضى الرقابية.
بصراحة؛ على الوزارة فتح ملف حماية المستهلك مؤسساتياً قبل تعديله تشريعياً لأن المشكلة لا ترتبط بضعف العقوبات ولا بتسويتها، والاستثناءات التي يستثمرها المراقبون قبل المخالفين لمصالحهم، وإنما في عقلية المنفعة الشخصية التي أصبحت ثقافة يمتهنها معظم العاملين في مراقبة الأسواق لدرجة أن البعض لا يمكنه وضع عينه بعين تاجر يبيع عنوة عبوات جمع محتواها من حاويات القمامة..!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
قيمته 58 مليار ليرة.. وزارة المالية تعلن نتائج المزاد الثاني لعام 2024 لإصدار سندات الخزينة مملوك يلتقي ممثلي البحرين وسلطنة عمان والعراق على هامش الاجتماع الدولي لمسؤولي القضايا الأمنية في روسيا الرؤية المستقبلية للدعم الزراعي في ندوة تفاعلية بين الزراعة والبحث العلمي وزير الصناعة يؤكد على أهمية إحداث مراكز تابعة لهيئة المواصفات والمقاييس في المحافظات احتفاءً بعيد الجلاء انطلاق فعاليّات مهرجان الشّيخ صالح العلي في منطقة الشيخ بدر «أزاهير الجلاء تورق في نيسان» أمسية أدبية بفرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب تركيب معينات سمعية لـ 12 طفلاً ضمن البرنامج الوطني للكشف والتدخل المبكر لنقص السمع عند حديثي الولادة الفافوش تثقيل جبهة الشمال.. ضربات نوعية للمقاومة اللبنانية.. عودة بلينكن ودور جديد لساترفيلد وترقّب لمسار «ردع إسرائيل» ما بعد 14 نيسان إذا وصلت إلى الأرض فستحدث كارثة اكتشاف مستعمرة من البكتيريا المتحورة الشديدة العدوى على متن محطة الفضاء الدولية