«التمويل الأصغر».. دعم لقوة الإنتاج الوطني

أكدت روعة الميداني مديرة بيئة المشروعات في الهيئة العامة لتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة أن القانون رقم ٨ الخاص بإحداث مصارف للتمويل الأصغر يهدف إلى توسيع قاعدة المستفيدين من القروض بالنسبة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة, وسيفتح أفقاً أوسعاً للأشخاص الراغبين في تأسيس مشروعات أو توسيع مشروعاتهم القائمة من خلال إتاحة الفرصة أمامهم للحصول على تمويل مناسب يساعدهم في تحويل أفكارهم إلى مشروعات منتجة واستقطاب عمالة جديدة ومنتجات جديدة تلبي الاحتياجات المتزايدة للأسواق بشكل يومي, وبيّنت الميداني أنه من خلال المرسوم تستطيع الهيئة أن تساعد الأشخاص المسجلين في فروعها بالمحافظات للحصول على التمويل المناسب والاستفادة من هذا التمويل بالشكل الأمثل بحيث تقدم لهم استشارات فتية ومالية وإدارية في فترة تأسيس المشروع وتقدم لهم دراسة الجدوى لتحقيق العوائد المرجوة منه والاستفادة المثلى من مبلغ القرض، كما تتابع معهم الإجراءات الإدارية وعمليات الإنتاج واستقطاب العمالة والتدريب والتأهيل اللازم لكل من صاحب المشروع أو عماله، كما يمكنها أن تسهم في تسويق المنتج من خلال تنظيم سوق شعبي أو مهرجانات تسوق لهذه المشروعات بشكل يلغي الحلقات الوسيطة بين المنتج والمستهلك و في التشبيك مع المشروعات الأخرى وفي الوصول إلى أسواق جديدة في المحافظات, وأشارت الميداني إلى أن القانون رقم ٨ سيزيد من الأشخاص المستفيدين من القروض لتأسيس مشروعاتهم أو توسيعها بشكل أفقي متوازن بين المحافظات, وتالياً لن يعتمد صاحب المشروع على مدخراته الشخصية فقط ما يزيد من إمكانية الوصول إلى التمويل المناسب لعدد أكبر من الأشخاص وهذا بدوره سيدعم المنتج الوطني ويوفر عدداً كبيراً من فرص العمل للأشخاص الراغبين والقادرين على العمل وسيزود السوق المحلية بما تحتاجه من سلع استهلاكية أو منتجات جديدة بما في ذلك المشروعات المعتمدة على الطاقات المتجددة والبديلة، مشددة على الدور الكبير الذي ستلعبه مؤسسة ضمان مخاطر القروض في تأمين بيئة العمل المناسبة لمؤسسات التمويل الأصغر لأن قروض هذا النوع من المشروعات تحتوي على نسبة كبيرة من مخاطر التمويل والتشغيل.
بدوره الدكتور إياس الحمدان خبير الإدارة الدولية بيّن أن برامج التمويل الصغير تركز على تقديم مجموعة متنوعة من الخدمات المالية وليس خدمات الإقراض فحسب, وذلك للأفراد الذين ليس لديهم القدرة على الحصول على تلك الخدمات من المؤسسات المالية الرسمية الكبيرة، على أن يكون هؤلاء قادرين في الوقت نفسه على بدء مشروعات استثمارية مدرة للدخل، وهذه خطوة مهمة لتقديم الدعم المادي الكافي لذوي الدخل المحدود والمعدوم، من أجل مساعدتهم على بدء مشروعات اقتصادية مدرّة للدّخل وذلك اعتماداً على دورها في تخفيض معدلات البطالة وخلق طلب واسع من السلع والخدمات الأخرى، وكذلك انطلاقاً من عجز هذه الفئات من السكان عن الوصول إلى المؤسسات المالية الكبيرة للحصول على التمويل اللازم لمشاريعها الصغيرة والمتوسطة الحجم.
وأضاف الحمدان: في الحالة السورية، تأتي الأهمية الكبيرة لهذه المشاريع وخاصة في مراحل إعادة الإعمار لكونها تعدّ أداة تحد من ظاهرة العوز، إضافة إلى الهدف الاجتماعي من هذه المشاريع المتمثل من خلال تمكين الفقراء ودمجهم في المجتمع وزيادة الوعي الاقتصادي لديهم، ويضاف إلى هذا كله، الأهمية الاستراتيجية لهذه المشاريع المستمدة من كونها أداة محركة للنمو الاقتصادي بشكل كبير وفعال، وعاملاً ضاغطاً ودافعاً باتجاه تغذية الاقتصاد الوطني بالمزيد من فرص العمل، وفي سورية بشكل خاص، وعلى اعتبار أن النسبة الكبرى من الفقراء يتركزون في الأرياف يجب تركيز عمل هذه المؤسسات وفقاً لقوانين ناظمة تجبرها على توظيف أموالها في هذه المناطق، والحاجة الملحّة لخلق فرص العمل لدى الفئات المعدومة تبرر العقلية الحكومية في ضبط نشاط هذه المؤسسات في الشكل الذي يحدد مسارها باتجاه دعم الفقراء وتمكينهم، ومن هنا فإن الغاية الربحية لهذه المؤسسات يجب ألّا تطفو على الغاية الاجتماعية الرئيسة, والتي هي دعم ذوي الدخل المحدود، ومن ناحية أخرى الحفاظ في الوقت نفسه على الاستدامة المؤسساتية لها, وختم الحمدان أن ظروف العدوان والحصار على سورية وخروج قطاعات كبيرة من الإنتاج، إضافة إلى فقدان فرص العمل لشريحة واسعة من السكان القادرين على الإنتاج، وفي ظل التراجع في القطاع الزراعي الذي يعمل به الجزء الأكبر من قوة العمل في الأرياف، تبرز الحاجة الشديدة لأن تأخذ هذه المؤسسات دورها الحقيقي كمحرك اجتماعي بالدرجة الأولى وكفاعل بالحياة الاقتصادية لهؤلاء في الدرجة الثانية، لذلك يجب إيلاء المؤسسات المتوسطة والصغيرة الحجم الحيز الكافي للتحرك والذي يخولها أن تلعب دوراً فعالاً في توفير فرص العمل اللازمة للمتضررين من الحرب على سورية.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار