مزارعو ريف إدلب المحرر في مواجهة ألغام الإرهاب
تحت ضربات بواسل الجيش العربي السوري الذي كتب نصره على الإرهاب في ريف إدلب المحرر وغيره من المناطق على امتداد الخريطة السورية بأحرف من ذهب وعلى صفحات من نور دُحرت المجموعات الإرهابية المسلحة عن ريف إدلب المحرر إلا أن أرض هذا الريف المحرر ذاتها ما زالت تحمل بصمات هذه المجموعات الأكثر وحشية في العالم، عبر زرعهم ألغاماً مميتة قبل رحيلهم ، تاركين وراءهم ما يدل على وحشيتهم وقذارتهم على الأرض التي شهدت دحرهم وهزيمتهم، فرغم الحياة الخالية من أدنى مقوماتها، ورغم الفقر، والعوز، صار على أبناء المدن المحررة في ريف إدلب المحرر وخاصة ناحيتي أبو الظهور وسنجار مواجهة «الألغام» الإرهابية.
يقول مزارعو أبو الظهور في ريف إدلب المحرر من الإرهاب، في تصريح لــ«تشرين»: لن تمنعنا ألغام حقد الإرهابيين من العمل في أراضينا وزراعتها, إننا مضطرون للبقاء في منازلنا التي أحاطتها المجموعات الإرهابية المسلحة بالألغام وزرعوا فيها العبوات الناسفة، هذه الأرض لنا، لذلك علينا البقاء فيها ومواجهة الموت بكل رحابة صدر لطالما نحن أصحاب الأرض والحق.
ورصدت «تشرين» من بلدة سنجار في ريف معرة النعمان الشرقي ، حياة الناس في أراضي الألغام، حيث قالوا: زرعت المجموعات الإرهابية المسلحة الألغام ليس فقط تحت الشوارع، ولكن تحت الحدائق، حتى إنها زرعتها تحت أشجار الزيتون، ووسط الأراضي الزراعية في منطقة أبو الظهور وفي معرة النعمان تحت بلاط الأرضيات في المنازل وداخل ثلاجات التبريد .. و حتى الأماكن التي يلهو فيها الأطفال.
مناطق ريف إدلب المحرر من الإرهاب عانت خلال الفترة الماضية من إرهاب المجموعات الإرهابية المسلحة كما يعاني اليوم مزارعوها من الألغام التي زرعتها تلك التنظيمات الإرهابية قبل دحرها من قبل الجيش العربي السوري، حيث تنتشر الألغام في مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية التي يجري اليوم العمل والبحث عنها وإزالتها عن طريق الفرق الهندسية التابعة للجيش العربي السوري.. الأمر الذي انعكس إيجاباً على الزراعة في ريف إدلب المحرر بعدما كانت هذه الألغام خطراً كبيراً يهدد حياة الفلاحين.
وعلى الرغم من أن الكثير من المزارعين تركوا أراضيهم خوفاً من الألغام، إلا أن ذلك لم يثنِ المئات من المزارعين في ريف إدلب المحرر من الإرهاب عن العودة إليها بحذر وتهيئة أراضيهم لوضعها ضمن الخطة الزراعية المقررة من قبل مديرية زراعة إدلب.
وكشفت مصادر زراعية أن مساحة الأراضي المزروعة في ريف إدلب الشرقي تراجعت خلال سيطرة المجموعات الإرهابية المسلحة بنسبة 90%، وذلك بسبب شح المياه الناجم عن جفاف الآبار نتيجة تخريب أقنية المياه من قبل التنظيمات الإرهابية، واستخدامها كأنفاق لعناصرها أثناء سيطرته على المنطقة.
عن هذا الموضوع أشار المهندس محمد نور طكو معاون مدير الزراعة في إدلب أن عناصر من الجيش العربي السوري – الفرق الهندسية – تقوم بتمشيط الأراضي الزراعية في ريف إدلب المحرر من الألغام في حالة التبليغ أو الشك بوجود الألغام .
وقال طكو في تصريح لــ« تشرين»: إن المساحة المزروعة في المناطق الآمنة بالقمح المروي والبعل بلغت 40 ألف هكتار , بالإضافة إلى المئات من الهكتارات التي تمت زراعتها بالمحاصيل الشتوية كالشعير وغيره، مشيراً إلى أن اتساع رقعة المناطق التي طهرها الجيش العربي السوري أدى إلى زيادة المساحات المزروعة في المناطق الآمنة وتالياً سيؤدي إلى زيادة كمية الإنتاج في الأسواق، مبيناً أن مساحة الشعير البعل حسب الخطة الزراعية المقررة في المناطق المحررة 66500 هكتار ، لافتاً إلى أن عدد رؤوس الثروة الحيوانية في المناطق المحررة يقدر بــ 290026 رأس غنم و 21235 رأساً من الماعز .
ويقول المزارع رمضان العيسى من حميمات الداير في ناحية أبو الظهور: في أذهان الناس يفكرون بأن الألغام الأرضية صنعتها دول في مصانع، لكنها في حقيقة الأمر مصنوعة هنا من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة .
ويكشف المزارع محمود الأسعد كيف أخرجت وحدات الهندسة التابعة للجيش العربي السوري العبوات الناسفة من أرضه, حيث تحتوي الأجهزة الجديدة على عدة كيلوغرامات، والإصابات منها تكون أكثر فتكاً، بما في ذلك خطر بتر الأطراف المتعددة للذين ينجون منها، ويقول الأسعد: نشعر بالقلق من التهديد البدني ، و الأثر الاجتماعي , وخاصة إذا لم يتم تطهيرها بسرعة, وهذا ما تعمل عليه فرق الهندسة العسكرية المتخصصة بإزالة الألغام .
وأردف قائلاً: ليس فقط الإصابات التي تزعجني، ولكن تأثير التهجير .. الناس خائفون جداً من العودة إلى ديارهم وأراضيهم ، بسبب الألغام التي يجري نزعها بعناية فائقة من قبل فرق الهندسة في الجيش العربي السوري.
ويقول المزارع حسن عبد العزيز من منطقة معرة النعمان: إن الألغام التي خلفتها التنظيمات الإرهابية المسلحة أبرز المعوقات التي تمنع عودة المزارعين إلى أراضيهم.
ورأى عبد العزيز، في تصريحه لـ «تشرين» أن الآمال معقودة على الجيش العربي السوري وفرق الهندسة الذين يبذلون جهوداً مضاعفة لتطهير الأراضي الزراعية وغيرها من الألغام كما طهروا المنطقة من المجموعات الإرهابية.
وقال مزارعون: إن مهمة إزالة الألغام التي زرعها عناصر التنظيمات الإرهابية، في المناطق التي سيطروا عليها سابقاً، أمر بالغ التعقيد ، مشددين على ضرورة إزالة الألغام في المناطق المحررة لتمكين المهجرين والمزارعين من العودة بشكل آمن.
وقالوا أيضاً : يمكننا إصلاح قناة ري أو شجرة اقتلعت أو مبنى بعد الانفجار، لكن لا يمكننا إصلاح طرف ضائع أو نفوساً بشرية مفقودة، مضيفين أنه حتى تتم إزالة الألغام وتكون المناطق آمنة، وحتى تعود الحياة الطبيعية, علينا أن نتعاون مع الجيش العربي السوري وفرق الهندسة بإزالة الألغام فهي خطوة أساسية في إعادة إعمار المناطق المتضررة من الحرب على سورية.